صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

عندما فرّط المجتمع بشهادة من قدموا أنفسهم عنه … لتبقى لنا الحرية

بقلم : شربل نوح - يحلّ أيلول الشهادة هذه السنة و وطننا و مجتمعنا في انهيار تام وسط تحلّل مخيف لكل شيئ تقريباً في لبنان ، الذي يحاول البعض إقامة كيان آخر على أنقاضه لا يشبهه بشيء فلما وصلنا الى هذه الحال المأساوية ؟

كثيرة هي المجتمعات و البلدان التي تعرضت عبر التاريخ لاعتداءات و احتلالات و حروب و مجتمعنا واحد منها ، دائماً و عند تلك الاعتداءات تنبري قلّة صلبة ترفض الخضوع للمحتل فتطلق مقاومة لصدّ الغرباء و الحفاظ على الهوية و هذا ما حصل عندنا أيضاً.

المفارقة الوحيدة أن أغلب تلك المقاومات حافظت على إرث مقاوميها و كرّمت شهدائها بمحاولة تحقيق ما استشهدوا من أجله و هذا بالتحديد ما لم يحصل عندنا نحن فكيف ذلك ؟

ربما لم يشهد مجتمع في التاريخ جحوداً و نكراناً كالجحود الذي تعرض له شهداء المقاومة اللبنانية من بعض أو أغلب أهلهم و ناسهم بالتحديد , ذلك الجحود الذي وصل أحياناً الى حدّ الجلد فحوّلهم البعض و بخفة و غباء قلّ نظيره من أبطال و حراس للمجتمع و الوطن الى سارقين صغار و تجار مخدرات و ما الى هنالك من صفات قذرة تشبه عقول مطلقيها فما السبب ؟

لقد نجح المحتل في تفخيخ المجتمع المسيحي المتعب قبل نهاية الحرب بلغم كبير قسم ظهر هذا المجتمع عندما انفجر بوجه الجميع ، هذا اللغم (العملاء) الذي ربما و بتوجيه من مشغليه استغل في مكان ما الحالة العواطفية الغوغائية المعروفة عند المسيحيين ليجرّهم وراءه بشعارات فضفاضة طنانة رنانة فارغة من المضمون لم تجرّ عليهم سوى الهزائم و الويلات .

استغل المحتل أيضاً و من خلال عملائه المزروعين داخل المجتمع بعض الأحقاد الدفينة الموجودة طبيعياً نتيجة صراعات سلطوية قديمة بين أبناء الصف الواحد و عمل على تغذيتها ، فقد رأى هؤلاء فيهم المتنفس المناسب و الفرصة السانحة لينفثوا سمومهم المكبوتة داخل المجتمع و يلوثوا هواءه بمكنوناتهم القديمة العفنة ، و من هنا نجح المحتل بتجميع عدد كبير من الناس تجمهروا حول هؤلاء العملاء إما بالعاطفة الغبية التي تعطّل العقل أو ببعض الحاقدين ليحقق من خلالهم و بعد  تحصينهم جيدا بالغطاء الشعبي اللازم مآربه المزمنة بتدمير المجتمع وهدم كل شيء فيه تمهيدا للبدء بتغيير هوية لبنان من خلال ضرب العصب الأساسي لتلك الهوية .

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

العتب ليس على العملاء ، فهم بالنهاية أداوات و أصحاب أدوار رسمها لهم مشغليهم و قد أتقنوها و برعوا بها ، العتب على مجتمع تنكّر لأبطاله و شهدائه و مقاوميه قبل صياح الديك .

العتب على مجتمع لم يبع مقاومته بثلاثين من الفضة انما تنازل عنها مجاناً دون أن يرفّ له جفن .

العتب و الغضب على من تتصّلوا من ماضيهم و ماضي آبائهم المشرّف و ارتضوا أن يكونوا أدوات صغيرة في مشاريع مشبوهة لا تشبه حضارتهم و مجتمعهم و تاريخهم بشيء .

العتب على من تبنّى خطاب أخصامه و جعله خطاباً له بعد انقلابه على خياراته و الانتقال الى الضفة الأخرى فحوّل شهدائنا الى ضحايا و رفع قتلتهم الى مصافي القديسين و الأبطال .

العتب على مجتمع يدّعي المعرفة و الحضارة ، تمكن بعض الصغار من نقله من ضفة الى أخرى نقيضة لكل ما قام عليه هذا المجتمع من قيم و مثل على مدى مئات السنين ، و هو صاغر صامت لا يسأل و لا يحاسب .

ربما يقول قائل أن هؤلاء الشهداء سقطوا من أجل لا شيء ، فمجتمعهم غدر بهم قبل أي أحد آخر ، لكن الزمن أجيال و المجتمعات أجيال و إن مرّت بعض الأجيال العاق و الجبانة الذمية المتنكرة لماضيها المشرّف فلا بد أن تأتي أجيال من المقاومين و الأبطال لتعيد الأمور الى نصابها ، و هذا بالتحديد ما بدأت بشائره تظهر بعد الانتخابات الأخيرة عندما رد هذا المجتمع نفسه الاعتبار لمقاومته بإعطائه أحزابها التمثيل الأكبر داخله .

هم استشهدوا لتبقى لنا الحرية و نحن نعدهم باننا سنصون تلك الحرية و نحفظها .. فمن دونها لا حياة لنا .

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading