صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

فَليرحَلْ المسيحيون عن لبنان!

بقلم : جورج يونس - كاتب و ناشط اجتماعي | تَشَلَعَ الجسد، تَشَرْذَمَ الصف، كَفَرَ الاوادم، نُهِبَتْ الأموال، إستَفْحَلَت العمالة، زُوِرَ التاريخ، بَطَشَ الشبيحة، هُجرت الادمغة، إغتُصِبَتْ المراكز، إغتيلت الرموز، هُشِمَ مجد لبنان، سُرِقت ابواب المقابر، إبتُزَ المهجرين، خُنِقَتْ الانفاس، إنغمس الاكليروس بالخطايا، غابت الكفاءات عن الادارة، غلب الجشع على التجار، إنبطحت القيادات على ابواب الضاحية، أُنْكِرَتْ إنجازات المارونية السياسية، تَفَرْعَنَ المتزلفون، كُرِمَتْ الدعارة، شُرِعَتْ التقية، إنتُهِكَت الكرامات، إسْتُسْهِلَ الاستسلام، حُطِمَتْ التماثيل وعُمِمَ السطو على الكنائس، ودُمِرَت العاصمة...

منذ رفضهم استمرارية الكيان المتصرفي عام ١٩٢٠ عبر اعلان دولة لبنان الكبير بحدوده الحالية، بجهود البطرك الياس الحويك الذي كان له الدور التأسيسي للإستقلال، يحق لنا أن نسأل أوليس ظلماً ما يتعرض له المسيحيون منذ التخلي عن وصاية الام الحنون لصالح المصلحة الوطنية الكبرى وسيادة لبنان؟

فمنذ الاستقلال كان للمسيحيين عموماً وللموارنة خصوصاً الدور الاساسي بالتأسيس لحكم المارونية السياسية التي كان لها الفضل الاكبر لجعلِ لبنان نقطة وصل بين الشرق والغرب، ولإرساء نظام المؤسسات الشرعية والمالية والامنية والاقتصادية والسياحية، وللإنفتاح على العرب، وللمساهمة بالنهضة الكبرى والبحبوحة التي حولت لبنان الى سويسرا الشرق من دون منازع، فأضحى معها جواز السفر اللبناني والليرة اللبنانية بالمرتبة الرابعة عالمياً، كما صنف لبنان بالمراتب الأولى للدول التي تمتلك أعلى احتياطي ذهب في العالم حينها.

غير أن هذه الطفرة ازعجت شركاءنا في الوطن فقرروا ركوب موجات المؤامرات الدولية لتهجير المسيحيين من الشرق، بدءأً بموجات اللاجئين الفلسطينيين، الى مشروع كيسنجر وزيارة دين براون واذرعتهم الفلسطينية والسورية فالايرانية في الوقت الحاضر، او من خلال موجات قومية وناصرية، فإنتقالاً للخرق السوري المبطن عبر قوات الصاعقة الفلسطينية بداية ومن ثم قوات الردع العربية. بذلك أضحى كل طامع في هذا الوطن خشبة خلاص للشريك المسلم على حساب ديمومة الوجود المسيحي. فباتت مثلا سوريا الكبرى هي حلم تغييري للتخلص من نفوذ الموارنة، وباتت الناصرية الملجأ لإسقاط رئاسة الموارنة، وتحولت منظمة التحرير لجيش السنة، وشكل الجيش السوري الذراع الامثل لطحن الشرعية ولتغيير دستور ال ١٩٤٣ لصالح الشريك المسلم. أما حاليا، فتمثل ولاية الفقيه المشروع الفارسي المستحدث والمتستر بمشروع مقاومة العدو الاسرائيلي، لتدمير ما تبقى من الوجود المسيحي، بالإضافة لموجات النزوح السوري التي لم تتوقف منذ بداية الحرب السورية التي باتت تهدد اساس الكيان بأكمله، فيكون بذلك الوجود المسيحي جمر مؤامرات هنري كيسنجر ودين براون وياسر عرفات ونظام الاسد ونيكولا ساركوزي وجاريد كوشنير ونهج الخميني، وكبش المحرقة الدائم لمخططات الدول الكبرى على هذه الارض المقدسة. كل هذا يا شركاء الوطن ليس إلا ابجدية الاضطهاد المستمر إلى أن يرحل أخر مسيحي من هذا الوطن الذي أضحى بفضل غوغائياتكم ومشاريعكم مزرعة مباحة لكل متطاول على تاريخنا ووجودنا.

كفوا جميعكم عن تهديدنا كلما لاح لكم بارقة عمالة وخيانة. فنحن تعلمنا من المعلم ان نموت على صليب الألام والا نركع الا تحته بذكرى الجمعة العظيم. كما أننا تجرعنا الكرامة من صلابة جبال الصوان وطهارة محابس رهباننا في تلال هذا الوطن الغالي. فَتَحْت مظلة الفرس المستدحثة، لا يخجل انتماؤكم لهذا الوطن من تهديدنا عند كل مفترق حقيقة وعلى لسان ابواقكم المرتزقة. فمن سيدكم الذي يريد استرداد كسروان من المسيحيين، الى ابراهيم الأمين الذي لا يعتبركم منفصلين عن الثورة في إيران، الى نواف الموسوي الذي جعلنا بحجم دبابة اسرائيلية، فنعيم قاسم الذي لا يخفي طموحه الثقافي والعقائدي بإقامة الدولة الاسلامية، الى وفيق صفا الذي لم يخجل بتهديد القضاء خدمة لمشاريعكم، وعلي مرتضى الذي سلم مفاتيح البلد بالقوة الى المقاومة، وإنتهاءً بحسن الدر الذي دعى ابن البشير الى الهجرة.

تريدونا أن نرحل، فها نحن نرحل رويداً رويداً بفضل بطشكم ونهجكم وتعاليكم الفارغة وبفضل اذرعتكم الاقليمية الملونة والمتبدلة حسب موازين القوى. ولكن مهلاً، قبل ان نَهُمْ بالرحيل الكبير عليكم ان تعلموا جميعاً، يا شركائنا في الوطن وليس في الانتماء الحر، أننا حينما نرحل سوف نأخذ معنا كل رموزنا وتاريخنا ومؤسساتنا وثقافتنا وبصمات نجاحنا وإبداعنا. حينها فقط لن يعود ينفع ندمكم، ولن يبقى معكم الا من ارتضى بهيمنة امتدادتكم وتيوقراطية ديمقراطيتكم.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

حين نقرر الرحيل يا تجار التخلف والرجعية، سوف نأخذ معنا أجراس كنائسنا، ورفات مارشربل ورفقا والحرديني واسطفان وباقي قديسينا. كما إننا سنأخذ معنا تمثال سيدة حريصا ومغدوشة وزحلة وكوكبا وجزين، ومدرسة عينطورة والمركزية والجمهور والحكمة والقلبين الاقدسين والانطونية. سوف نأخذ معنا جريدة النهار وصوت لبنان وتلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال انترناسيونال وتلفزيون المر واللوريون لوجور وغيرهم، ومستشفى أوتيل ديو والروم وقلب يسوع والمعونات وغيرهم. سوف نأخذ معنا جامعات اليسوعية والكسليك والبلمند واللويزة والانطونية وغيرهم، ومطبعة مارانطونيوس قزحيا ومطبعة دير ماريوحنا الصابغ في الخنشارة. كما سنإخذ معنا تمثال فخر الدين ويوسف بك كرم وبشير الجميل، ومتحف جبران وتمثال ميخائيل نعيمة ومي زيادة وباقي ادبائنا. سوف نأخذ معنا إرث الرحابنة والأخوة بصبوص وأغاني فيروز ووديع الصافي وصباح وملحم بركات وماجدة الرومي وزكي ناصيف وفيلمون وهبي وباقي مبدعينا، إضافة لإرث شارل مالك وغسان تويني وريمون إده وكميل شمعون وباقي الادمغة. سنأخذ معنا أشعار ومؤلفات موريس عواد وخليل روكز وزغلول الدامور وأمين معلوف والاخطل الصغير وأنسي الحاج وميشال شيحا ووليد عقل وغيرهم، إضافة لنجاحات مايكل دبغي وسيمون اسمر وبول غيراغوسيان وبيار صادق وفؤاد بطرس ورياض شرارة وهيلين توماس وغيرهم كتار. سوف نأخذ معنا الاقتصاد الحر والحرية والعنفوان، وأمجاد سيف البحر وطانيوس شاهين. سوف نأخذ معنا مؤسساتنا وشركاتنا الناجحة وصباغ الارجوان، كما سنأخذ معنا مؤسسات الصليب الأحمر وكاريتاس وفرسان مالطا وغيرهم. سوف نأخذ معنا الحرية والسيادة والاستقلال ونترك لكم الخضوع والاحتلال والعبودية. سوف نأخذ معنا إنجازات المارونية السياسية التي بنت مجد لبنان المتألق ونترك لكم الشيعية السياسية التي دمرت الكيان وهشمت الدولة.

يوم نرحل سوف يلعنكم التاريخ، وسوف نأخذ بزور الأرز لنستمر بغرسها نجاحاً وفرحاً وإبداعاً أينما نذهب.

وحدهم ايماننا، كرامتنا، علاقاتنا العالمية، إبداعاتنا، هم هويتنا لنزرع المحبة والنجاح حيثما نحل. فلشجر الأرز إمتدادات ونحن منذ الأزل كنا أجنحته إلى العالم.

تابعوا أخبارنا على Google-News

5 thoughts on “فَليرحَلْ المسيحيون عن لبنان!”
  1. تقول: باتت سورية الكبرى حلم تغييري للتخلص من نفوذ الموارنة…
    هل لك يا صديقي ان تشرح لي كيف؟ وتعطيني موقفاً واحداً يثبت كلامك.
    ولو تكلمت يا صديقي ودعوت الى لبنان واحد موحد بكل شرائح مجتمعه لكنت رفعت لك القبعة ولكنك نطقت بالطائفية البغيضة وتحدثت عن هجرة الموارنة بما اوجدوه من ثقافة وعلم وحضارة.
    من له جذور يا صديقي لا يمكن لأية قوة ان تقتلعه.
    وللحديث بقية

  2. انت المبدع في المبالغات والعقد الطائفية والتعصّب حيث ولّى زمن المارونية السياسية وأتى زمن الحرية وزمن المحرومين
    ولّو زمن البونجور والبونسوار واللوطية واتى زمن السلام عليكم والرجولة
    ولّى زمن بيار وفرانسوا وجورج وأتى زمن محمد وعلي وحسن والحسين من دون عقد طائفية
    ولّى زمن الخونة والتضامن مع الصهيونية وأتى زمن العروبة والتحالف مع ناشدي الحرية
    ……..

  3. لا شك مقال رائع يرسم بحذافيره الإبداع والوجود المسيحي في لبنان….. ولكن ماذا عن صور ومرجعيون وجزين ورميش وراس بعلبك هذه أيضا” كان للمسيحي دور فيها في التعايش وإزدهار الأمة أجمع….فالمسيحي أرقى من هم حواليه وعلاهم معه… علم اولادهم؛ ثقفهم؛ صلى معهم؛ بادر في التعايش منذ الأزل بالرغم من كل البطش الٱتي من ال :”أسلم تسلم”…إلى الٱن. نحن أبطال مسيحيي العالم بوجودنا إلى الٱن بأمة تطول من المضيق (جبل طاىق) إلى أندونيسيا.. نحن ٱخر مليون مسيحي في كل هذه البقعة. عتبي : أين الفاتيكان ؟! والأمة االمسيحية العالمية؟؟ اين هم اللبنانيون الذين هاجروا ولا يأتوا بذكرنا إللا عند زيارتهم ب “صيفياتنا العارمة” لماذا لا يؤكدون ويصرخون ويجاهرون بوجودنا وصمودنا وتحدينا لكل تلك المٱسي….. انا ضد كلمة تهجير وضد خروجنا من هذه الأرض فهذه أرض سقتها عروقنا ودمنا وبسالتنا. لن نتركها لو نزل إمامهم على الأرض. لن نترك ! يا جورج🙏😓

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading