صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

ايها المسيحيون : أوقفوا “الندب” و لا تنجروا للغة العنف .. الزمن اليوم للصمود لا الحروب

بقلم : شربل نوح - قليلة هي المجتمعات التي تعرضت في هذا العالم لما تعرض له مسيحيوا لبنان على مرّ التاريخ من مؤامرات و أحداث و قليلة أيضاً المجتمعات التي صمدت و قاومت و استمرت كما فعل مسيحيو لبنان و موارنته بشكل خاص .

و لكن و منذ سنوات نرى هذا المجتمع تائهاً متخبطاً و مستسلماً أحياناً لا حول له و لا قوة ، فهل هو التعب بعد كل تكل السنوات من المتاعب و الآلام أم هي أجيال التكنولوجيا و العولمة التي لا تقيم وزناً لتاريخ و نضال و مقاومة و أرض ؟ ماذا يجري ؟

في الآونة الأخيرة عند كل مفترق أساسي و عند كل حدث أمني يتعرض له مسيحيوا لبنان نراهم يلجأون لا شعورياً الى بعض العادات التي صارت كالفولكور الذي تصح تسميته أحياناً “بالندب” و يعودون الى تذكر ماضيهم و خاصة العسكري فتمتلأ صفحاتهم على مواقع التواصل بصور عسكرية من زمن الحرب و يظهر بشير من بين كل تلك الصور و كأنهم يطلبون منه العودة من الماضي لإنقادهم ، فلماذا تحول مجتمع الصمود و المقاومة الى مجتمع للندب و العويل و البكاء على الأطلال بدل المبادرة و التحدي و هو الذي ما زال يملك الكثير من الأوراق التي تخوله ذلك و سنستعرضها تباعاً :

يا مسيحيي لبنان ، بداية عليكم أن تفهموا و تقتتنعوا أن الخيار العسكري لم يعد مطروحاً هذه الأيام لألف سبب و سبب و سنعدد أبرزها :

 أولاً :  لأنه خيار مدمر لمجتمعكم وسط الإختلال الكبير في ميزان القوى بينكم و بين أخصامكم نتيجة الإنتحار الذاتي الجماعي الذي حصل عام ٨٩ و ما تلاه بغض النظر عن المسؤوليات و الأدوار و الأسباب , فانتم تخليتم طوعا و كليا عن السلاح بعد الطائف و بعض الآخرين حافظوا عليه و طوروا ترسانتهم كثيرا و هذا واقع عليكم الاعتراف به و التعامل معه .

ثانياً : لأنكم جربتم الحرب مكرهين و لم تجرّ عليكم سوى الويلات و الخراب و التراجع و الخسائر المتتالية ، فالحروب بطبيعتها و في مجتمعات كالمجتمع اللبناني لا نتتج رابحاً مطلقاً أو خاسراً مطلقا إنما توازنات دقيقة تجعل كل النضال و الشعارات كأنها لم تكن .

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ثالثاً : لأنكم مكشوفين جداً و لا حلفاء فعليين لكم في هذا العالم تتشاركون و إياهم مصالح معينة أو حاجات مشتركة أو ربما حتى أيديولوجيا موحدة كجماعة المحور الإيراني في لبنان .

رابعاً : لعدم تقديم المكاسب المجانية لأخصامكم في لبنان الذين ربما يعملون على جرّكم الى الملعب الذي يتفوقون عليكم به و هو الملعب الأمني و العسكري ( الفوضى و الصدام العسكري ) لمساواتكم بهم و ضرب علاقتكم التاريخية بالمؤسسة العسكرية الشرعية و تحويلكم الى خارجين عن القانون أسوة بهم ليبرروا سلاحهم لاحقاً أمام العالم .

من هنا عليكم الإتكال بأمنكم و بشكل أساسي على ما هو قائم حالياً في لبنان أي المؤسسات الشرعية و على رأسها الجيش اللبناني رغم بعض العثرات و الأخطاء التي يمكن تخطيها بالصبر و الحكمة فلا خيار منطقي أمامكم سوى ذلك و الجيد في الأمر أن المؤسسة العسكرية ما زالت فاعلة و قوية و هي تؤمن حماية مناطقكم كما باقي الأراضي اللبنانية الخاصعة لسلطتها بشكل كامل و تقيم توازناً و لو غير مباشر مع السلاح الخارج عن القانون و كلنا يلمس ذلك .

ما هي الخيارات المتاحة ؟

بمعزل عن الموضوع الأمني الذي يجب أن يظلّ محصوراً بالجيش اللبناني فقط كما سبق و ذكرنا ما هي الأوراق التي يمتلكها مسيحيي لبنان و الخطوات التي بإمكانهم القيام بها للدفاع عن أنفسهم بوجه المشاريع المشبوهة التي تستهدف حضورهم ؟

فلنتخيّل سيناريو معين إن لوح به المسيحيون فقط دون أن يحصل فعلياً على أرض الواقع :

هنالك شبه إجماع في لبنان و بحسب كل الأرقام أن الجزء الأكبر من واردات الدولة اللبنانية يأتي من المناطق المسيحية ، فلما لا يستعمل المجتمع المسيحي هذا السلاح الإقتصادي الفعّال جداً في ظلّ الإختناق الحاد الذي تعاني منه الدولة المسيطَر عليها من الممانعة و يستغله بالتالي و لو بالتهويل و ليس بالفعل كمرحلة أولى لتحسين شروطه داخل المعادلة اللبنانية ؟

هل بإمكان أحد أن يقول لنا ماذا سيحل بالدولة المهترئة إن قرر المسيحيون اليوم الإمتناع عن دفع الضرائب مثلاً أسوة ببعض مناطق لبنان ؟

ماذا سيحصل إن أقام مسيحيو لبنان على سبيل المثال و برعاية كنيستهم دورة اقتصادية خاصة بهم منفصلة عن الدولة المتجاهلة لهم  و على أي واردات ستتكل تلك الدولة بعد أن يحصل ذلك كما تفعل بعض الطوائف و المجموعات اللبنانية حاليا ؟

من أين ستجبي شركة الكهرباء ضرائبها مثلاً إن قرر المسيحيون العصيان و عدم الدفع و مناطقهم كما هو معلوم تدفع الجزء الأكبر من تلك الجبايات مقابل مناطق لا يستطيع الجباة دخولها باعتراف المعنيين أنفسهم ؟

ماذا لو توقفت مؤسساتهم التربوية و الصحية و الإجتماعية  و الصناعية و الإعلامية و السياحية و غيرها عن دفع المستحقات للدولة بحجة عدم تحصيلها من المناطق الأخرى مع العلم أن تلك المؤسسات هي الأضخم في لبنان ؟

بدل البكاء على الأطلال و الندب و اللطم لما لا تبادر الكنيسة و الأحزاب المسيحية مجتمعة بالطلب الى ناسها مقاطعة إدارات الدولة التي لا تتعامل بعدالة مع الجميع كما نص الدستور اللبناني .

ما زال المجتمع المسيحي حتى اليوم العصب الأساسي للدولة اللبنانية و ما زالت مؤسساته تشكل العمود الفقري لكل ما هو قائم حتى في لبنان فلما لا تستعمل هذه الورقة بوجه الجميع حتى يلتزم الآخرون بما يلتزم به المسيحيون ؟

يا مسيحيي مشكلتكم ليست مستعصية ، كل ما تحتاجون له هو القليل من الرؤية و التخطيط و قرار حاسم تجمع عليه قواكم الأساسية ، تستعيدون بعدها المبادرة و تعيدون بعض التوازن بطريقة سلمية و دون ضربة كف واحدة أو طلقة رصاص أو نقطة دم لا سمح الله فهل من يسمع ؟

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading