صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

المناورة العسكرية لـ «حزب الله» تصبّ الزيت على النار في لبنان

بقلم : وسام أبوحرفوش وليندا عازار | - انطلق في لبنان أسبوعٌ مُثْقَلٌ بالتشظيات السياسية للمناورة العسكرية الأولى من نوعها التي أقامها «حزب الله» على تخوم «أرض القرار 1701»، والتداعيات المالية - النقدية لمذكّرة التوقيف الدولية بحق حاكم البنك المركزي رياض سلامة التي أصدرتْها بحقه القاضية الفرنسية اود بوريسي، وهما الملفان اللذان تشابكا في جانب أو آخَر مع أزمة الانتخابات الرئاسية التي كلما اعتقد البعض أنها تقدّمت خطوةً في اتجاه إنهاء الشغور إذ بـ «هبّة ساخنة» تعيدها خطوتين إلى الوراء.

وحاول لبنان الرسمي الذي أقيمت «مناورةُ التحرير» من فوق رأسه ليثبّت «حزب الله» من خلالها يدَه الطليقة والمُطْلَقة في تحديد وُجْهة سلاحه «الذي لا يحميه إلا السلاح» ملوّحاً بالزناد في اتجاه اسرائيل «وليسمع الداخل» وَمن أراد في الخارج، أن يحتوي ارتدادات «المشهدية الحية» التي تعاطى معها خصوم الحزب المحليون على أنها تأكيد لـ «وفاة» الدولة وسلطتها وهيْبتها، فيما جاءت بوادر التداعيات الخارجية عبر صحيفة «عكاظ» السعودية التي ورد في تقرير لها عن المناورة أنها «مشهد أسقط كل ما تبقى من أوراق كانت تستر عورات الدولة اللبنانية وهزالة الوضع الذي يتعايش معه اللبنانيون مرغَمين» وأن الحزب «خطف الدولة في وضح النهار».

وبحسب الصحيفة «فإن حزب الله استعرض السلاح غير الشرعي التابع له من صواريخ وعتاد على حساب ضعف الدولة التي خطفها في وضح النهار من أمام بلدة عرمتا الجنوبية»، سائلة «هل يقول الحزب للداخل والخارج إن قيام دولة فعلية في لبنان هو أمر مستحيل؟ وهل يقول لقوى بعينها إن أذرعها المسلحة خارج حدودها باتت أمراً خارجاً عن التفاوض على الطاولات الإقليمية؟ وماذا عن مرشحه لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، هل فكر بأسهمه التي قد تهبط في مفاوضات البحث عن 65 صوتاً”؟

ولم يكن عابراً أن يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي كان شاهداً ومُوافِقاً على البند 6 من «إعلان جدة» الذي أكد ضرورة «وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة»، تبرير ما جرى في الجنوب للمنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا بلغةٍ اعتبرتها مصادر في قوى المعارضة من قاموس «ما باليد بالحيلة» التي لم تعُد «تمرّ» عند أحد.

وإذ شدد ميقاتي على «التزام لبنان القرار 1701»، طلب أن «يبذل مجلس الأمن جهوده لتثبيت وقف دائم لاطلاق النار في الجنوب والضغط على اسرائيل لوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية»، ليقول رداً على استفسار ورونيكا عن مناورة «حزب الله» إنّ «الحكومة اللبنانية ترفض أي مظهر يشكل انتقاصاً من سلطة الدولة وسيادتها، إلا أنّ الاشكالية المتعلّقة بموضوع سلاح حزب الله تحديداً ترتبط بواقع يحتاج الى وفاق وطني شامل، وهو أمر يجب ان يكون من أولويات المرحلة المقبلة. وفي الوقت الحاضر فإن الحكومة تشدد على الحفاظ على الاستقرار الأمني على كامل الأراضي اللبنانية وعدم القيام بأي عمل يتسبب بزعزعته».

من جهتها، قالت ورونيكا: «عرضنا نتائج قمة جدة بما يخص لبنان وتبادلْنا الآراء حول الفرص الجديدة التي يمكن ان يستفيد منها، ونحن نشجع دائماً على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت لمساعدة لبنان وشعبه، وما يهمنا هو استقرار لبنان».

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

جعجع

في موازاة ذلك، مضت المعارضة في انتقاد السقف العالي لمناورة «حزب الله» مع ربْط رسائلها التي تطايرت في أكثر من اتجاه بالملف الرئاسي، حيث اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انه «في الوقت الذي يصارع اللبنانيون في كلّ لحظة لإعادة بناء دولتهم واستعادة الثقة العربية والدولية بهذه الدولة، وجّه «حزب الله» رسالة واضحة أمام اللبنانيين جميعهم، والمجتمعين العربي والدولي، مفادها أنّه «مهما حاولتم وسعيتم لن نسمح بقيام دولة فعلية في لبنان».

وقال جعجع: «إذا كان حزب الله يعتقد أن هذه المناورة بإمكانها أن تزيد من حظوظ مرشحه الرئاسي (سليمان فرنجية)، فهو مخطئ تماماً».

وختم: «وبالخلاصة إنّ المناورة هي تصرف أرعن لن يتضرّر منه سوى لبنان وآمال شعبه في قيام دولة فعلية تخفِّف من عذاباته، كما أنه لن يؤثر سلباً إلا على بعض أجواء الانفراجات التي سادت أخيراً على المنطقة العربية، وبالتالي خطوة «المناورة» لن تستفيد منها إلا إسرائيل».

«صبّ الزيت على النار»

وبدا واضحاً أن هذه القضية «صبّت الزيت على نار»الاستقطاب الحاد حول الملف الرئاسي الذي لـ«حزب الله» أفضلية فيه على خصومه في ظلّ بقاء حظوظ فرنجية متقدّمة على سواه، إما بفعل نقاطٍ راكَمها له الحزب بقوّةِ أمرٍ واقعٍ نجح حتى في فرْضه على فرنسا، وإما بأخطاء خصومه المشتَّتين والذين يستنزف عامل الوقت الذي يضيّعونه إمكاناتِ تَوافُقهم على اسمٍ موحّد يقارع فرنجية ويخرجه من المعادلة الرئاسية قبل«فوات الأوان» وتكرار سيناريو 2016 حين حُشروا في النهاية بين خيارين أحلاهما مُر: فرنجية أو العماد ميشال عون فكانت الأفضلية لاعتبارات عدة حينها لـ«الجنرال».

وكان بارزاً أن نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، اعتبر أن «المناورة العسكرية التي كانت (الأحد)، هي الأولى من نوعها لـ حزب الله في لبنان، وهذه المناورة هي رسالة ثباتٍ وجهوزية، وبالتالي على الكيان الإسرائيلي والعالم الداعم له أن يعرِف تماماً أن مقاومة حزب الله ليست عابرة بل هي متجذرة (…)».

وأعلن «ان الإسرائيلي يفهم معنى هذه المناورة، وبعض مَن انتقدها في الداخل، اتركوهم. عادة لا بد أن يتكلموا ونحن مع حرية الرأي «يحكوا لبدن ياه» طالما أن هذا الكلام لن يقدم ولن يؤخر وهم في الأساس لم يحموا المقاومة بل دائماً يرمونها».

ورأى أن «مَن يعوق انتخاب الرئيس هو اختلاف بعض الكتل على تَقاسُم المغانم وهم لا يستطيعون الوصول إلى أسماء يمكن أن تكون مطروحة».

وقال: «كفى تحدياً بالصراخ وكفى بالكلام في الإعلام. وأي أحد لا يعجبه خيارنا فليختَر ما يريد، لكن أن يصبح هدفه ألا يدع خيارنا يصل فهذا ضعف. وأي طريقة ستُستخدَم غير المجلس النيابي لا مكان لها، وبالتالي قلنا في اليوم الأول تعالوا لننتخب بحسب الدستور ولا تضعوا قواعد خارج الدستور ولا يمكن لأحد أن ينتخب الرئيس إلا النواب».

باسيل والمعارضة

في موازاة ذلك، كانت الأنظار تشخص على المناخات السلبية التي لاحتْ في أفق الاتصالات بين المعارضة و«التيار الوطني الحر» في محاولة للتوافق على مرشح، بعدما اصطدمت بفقدان ثقة متبادل في ظلّ استشعار أطراف وازنة في المعارضة بأن النائب جبران باسيل يريد من «الأجواء المفتوحة» مع المعارضة استدراج حليفه «حزب الله»، رغم افتراقهما رئاسياً، إلى تفاوُض معه على اسم غير فرنجية تحت ضغط «مَن يسبق مَن» إلى التفاهم معه: الحزب أو المعارضة.

في المقابل، يرفض باسيل جرّه إلى اتفاق على مرشّحٍ لمواجهة «حزب الله» وتعطيل خيار فرنجية كممرٍّ لإيصال خيار ثالث، هو قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي يرفضه رئيس «التيار» أيضاً، وهو ما يفسّر إصراره على عدم تبنّي أي اسم إلا على قاعدة أن يؤمّن توافقاً «موصولاً» مع «حزب الله» عليه ليكون هذا المرشح هو الرئيس الذي يُنتخب وليس «يُحرق»، الأمر الذي ترفضه المعارضة وتعتبره «مناورة باسيلية» للعب «على الحبلين».

من هنا، اتجهت الأنظار أمس الى باريس التي يزورها باسيل حيث من المقرّر أن يعقد لقاء مع المكلف بالملف الرئاسي اللبناني باتريك دوريل، يتناول المبادرة الفرنسية التي تدعم انتخاب فرنجية، وسط تقارير روّجت أن باريس ستسعى في سياق«ترغيب» رئيس «التيار الوطني الحر» لتسهيل انتخاب زعيم «المردة» إلى عرْض مقايضةٍ تقوم على أن تكون لباسيل «حصة الأسد» في اختيار الحاكم الجديد لمصرف لبنان خلَفاً لسلامة، الذي بات بحُكْم «المنتهي» سواء لقرب انتهاء ولايته في يوليو أو بفعل الوقْع المدوّي لتحوُّله «مطلوباً دولياً» من الانتربول بموجب مذكرة القاضية الفرنسية التي تلاحقه بقضايا اختلاس وغسل أموال.

ملف سلامة

وكان ملف سلامة محور أول بحث رسمي في اللقاء الوزاري التشاوري الذي عُقد بعد ظهر أمس برئاسة ميقاتي وبحث في كيفية التعامل مع ما صدر عن القضاء الفرنسي لجهة توقيف سلامة، فضلاً عن النشرة الحمراء عن منظمة الانتربول التي تسلّمها القضاء اللبناني.

واستبق وزير العدل هنري خوري اللقاء، معلناً «ما نخشاه ان يتدحرج الوضع وأن تقوم دول أوروبية أخرى بنفس الخطوات الفرنسية ولذا يجب ان يُدْرك الحاكم الوضعَ ويستقيل»، وسط معلومات أشاعت أن ميقاتي بدوره «سيوعز إلى وزير المال الطلب من رياض سلامة اتخاذ القرار المناسب، والاستقالة كخيار طوعي»، في ظل تعقيدات قانونية تحوط بإمكان إقالته في جلسة لحكومة تصريف الأعمال يُزمع عقدها يوم الجمعة، أولاً لصعوبة تعيين بديل، وثانياً لأن السلطة السياسية تفضّل انتظار صدور حُكْمٍ بحق «الحاكم» أي أن لا تستبق المسار القضائي بإجراء زاجر.

وفيما جزم سلامة، الذي يوصف بـ«الصندوق الأسود» و«علبة أسرار» المنظومة الحاكمة منذ 3 عقود، بأنه لن يستقيل موجهاً رسالة حمّالة أوجه «بوجوب محاسبة السياسيين أولاً»، من المقرّر أن يستمع المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان يوم غد إلى «الحاكم» في ضوء تسلّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من وزير الداخلية بسام مولوي مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه عن بوريسي، على أن يتخذ عويدات قراره بعد الجلسة وسط تقديراتٍ بأنه سيتجه إلى منْع سلامة من السفر وحجْز جواز سفره.

وفي حين تبلّغ سلامة باستدعائه إلى قصر العدل بواسطة قسم المباحث الجنائية المركزية، الأمر الذي عزَّزَ عدم اقتناع القاضية الفرنسية بالأعذار التي قُدمت إليها عن عدم قدرة لبنان على إبلاغ الحاكم بموعد جلسة الاستماع إليه في باريس التي كانت محدَّدة قبل أسبوع، فإن قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبوسمرا كلّف فصيلتيْ الأشرفية وأنطلياس تبليغ شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة ومساعدة الحاكم ماريان الحويك، بموعد جلسة الاستجواب المقررة لهما في العاصمة الفرنسية، الأول في 31 مايو والثانية في 13 يونيو.

في موازاة ذلك، بات محسوماً أن مذكرة التوقيف بحق سلامة لن تُنفَّذ لبنانياً، باعتبار أن القانون في لبنان يمنع تسليم رعاياه إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم، بل يتم استجواب المعنيّ بالمذكرة في شأن التهم المنسوبة اليه من قِبل القضاء اللبناني للتحقق من صحة هذه التهم، فبحال ثبوتها تدّعي النيابة العامة في لبنان عليه وتوقفه وينطلق مسار محاكمته محلياً.

ويفترض بعد استجواب سلامة غداً، أن يُبْلِغ القضاء اللبناني إلى السلطات الفرنسية بفحوى الجلسة وطلب إيداعه الملف للاطلاع على مضمون التهم الموجهة ضدّ الحاكم واتخاذ المقتضى القانوني، وإذا كانت الجرائم الملاحَق بها تستدعي الادعاء عليه ومحاكمته أمام القضاء اللبناني أم لا.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد اتفاقية لتسليم المجرمين أو استردادهم بين لبنان وفرنسا، وأنه سبق لبيروت أن واجهت بالرفض تسليم مطلوبيْن للقضاء الفرنسي، هما عملاق صناعة السيارات والمدير التنفيذي السابق لتحالف «رينو نيسان» كارلوس غصن، ورجل الأعمال زياد تقي الدين وكلاهما يحملان الجنسيتين الفرنسية مع اللبنانية وتمت ملاحقتهما في فرنسا بتهم فساد وصفقات و«إثراء شخصي».

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading