لم يغب يوماً عن بال ولسان اللبنانيين السؤال التالي: هل انتهى لبنان الكبير الذي أعلن عام 1920؟ أو حتى هل كان قائماً أصلاً مع كل ما شهده هذا البلد الصغير جغرافياً من صراعات وحروب وأزمات؟
فالأحداث الأمنية اليوم جنوب البلاد وخطورة امتدادها إلى مناطق في العمق اللبناني، خصوصاً بعد قصف بعلبك وبلدات قرب صيدا، دفعت مرة جديدة الكثير من الأفرقاء اللبنانيين للدعوة إلى تطبيق الفيدرالية واعتماد نظام حكم جديد، خصوصاً وأن قرار الحرب والسلم ليس بيد الحكومة اللبنانية.
يقول الصحافي والكاتب السياسي أسعد بشارة في مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” إن “لبنان الكبير ومنذ تأسس تعرض لخضات وجودية، لعل أبرزها الحرب الأهلية عام 1975، وحرب الاغتيالات بعد عام 2005 والتي أنتجت الإجماع الأكبر في تاريخ البلاد”.
ويضيف بشارة أن لبنان الذي تعرض لخضات مبرمجة، شهد حديثاً محطتين مهمتين الأولى أحداث 14 مارس (آذار) عام 2005 وما أنتجته ثم تظاهرات 17 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، معتبراً أن المحطتين هما الأكثر أهمية في تاريخ البلاد الحديث وشكلتا اختباراً للكيان اللبناني.
اللبنانيون والعيش معا
لكن بشارة توقف عند فشل هاتين المحطتين لاسترداد لبنان كوطن ذات سيادة متنوع وقائم على العيش المشترك، وقال “اليوم بعد أكثر من مئة عام على تأسيس لبنان الكبير، لا بد أن يقف اللبنانيون أمام أنفسهم ويسألون أنفسهم بصراحة: هل نريد العيش معاً فعلاً أم أن هذا العيش هو مجرد حرب باردة دائمة؟”، مقترحاً على اللبنانيين تنظيم استفتاء لجميع الطوائف والمكونات لتبيان ماذا تريد.
وقال بشارة إن “الكيان اللبناني يتعرض لوصاية من سلاح غير شرعي وتابع لمشروع إقليمي وأسهم في تحويل تجربة العيش المشترك لأشلاء لدرجة أننا أصبحنا نتحدث عن مطالبة علنية بالطلاق والانفصال أو الفيدرالية أو الدعوات للحكم الذاتي”.
وأضاف “اللبنانيون لن يتمكنوا بعد اليوم من الهروب من الحقيقة… يجب أن نقول الأمور بصراحة وشفافية لأن الاعتراف بالداء هو الطريق الأسرع لتشخيص الدواء والعلاج من دون آثار جانبية من دون دموع أو دماء أو صراعات”.