وتميز ما كتبه “المردي” الشاب بصياغة جميلة. اشتغل على المضمون كثيرًا. استهلّه بهذا العنوان: “خلصنا مزايدات وادّعاءات” مع علامتَي تعجب. بعد العنوان الغاضب توجه إلى جعجع بكلام قاسٍ من حكيم إلى حكيم. جعجع درس الطب فلقبه رفاقه بـ “الحكيم” طوني نهل الحكمة من منابعها فاستحق لقب البك. ومعظم البكوات حكماء.
“ربما أكثر ما يغضب الحكيم”، كتب البك الزغرتاوي الوسيم، “أن العهد الحالي يُعيد بناء الدولة التي أرهقتها الانقسامات والمزايدات التي كان أحد أبطالها”.
هيك طلعت مع البك. في خضمّ ورشة البناء لاحظ رئيس البلاد أن الجمهورية مرهقة بفعل مزايدات جعجع وحلفائه. لا مشكلة في الدولة سوى في الخطاب السياسي العالي السقف. لم ينجم الإرهاق عن وجود دويلة إيديولوجية مسلحة ضمن الدولة حظيت بدعم الحلفاء الموارنة التاريخيين الممانعين العروبيين الأقحاح الثابتين في ما يُسمى “الخط الوطني”، ولا نجم عن الفساد والنهب والزبائنية العابرة للطوائف، ولا نجم عن انتهاك الدستور عرضًا وطولًا…إرهاق الدولة من المزايدات بكل بساطة.
ويضيف الشاب الألمعي على ما سبق “أن سياسة هذا العهد تثبت يومًا بعد يوم فعاليتها في هذه الظروف الدقيقة” إن كان الأمر صحيحًا فذلك ناجم عن وجود قوة دفع داخل الحكومة لا قوة تعطيل وتسويف خارجها أخ طوني. وما يعطل الفعالية والزخم هو ما أشار إليه جعجع في رسالته إلى الرؤساء الثلاثة، التي مرت في رأسكم، على ما يبدو، من ميل إلى ميل من دون أن تترك أثرًا.
لا وقت لدى طوني لمناقشة ما ورد في رسالة جعجع المطولة إلى الرؤساء الثلاثة. استشعر ذبذباتها فقط. لا قانون الانتخابات استوقفه، ولا وجوب تكامل العمل السياسي مع عمل الجيش، ولا التمسك بالدستور.
ما طلع مع طوني ارتجاليًا أن “الشعب قرف من الخطابات الرنانة التي لم تجلب إلا الهلاك”. حسنا وما رأي سعادتكم بخطابات الشيخ نعيم؟ بشرفك طوني وحياة سيدة الحصن أليست خطابات قاسم رنانة وطنانة أكثر من خطابات “الحكيم” بألف مرة؟
وختم طوني سر أبيه رسالته القاسية إلى جعجع “كفاكم الادعاء أن ما وصلنا اليه هو نتيجة نضالكم إلا إذا كنتم…” ولم يكمل الجملة لأن في فمه ماء أو لأنه أراد خاتمة غير شكل لبوست سجالي.
ربَّ قائل إن الذكاء الاصطناعي هو من صاغ تعليق رئيس لجنة تكنولوجيا المعلومات على منصة إكس وهذا مناف للحقيقة. فكل ما ورد في متن التعليق هو نتاج عقل تنويري فذ.
