مع احتدام الصراع في خضم الحرب الأهلية اللبنانية، اتجه الإسرائيليون بادئ الأمر للتدخل بشكل غير مباشر عن طريق إرسال الأسلحة وتأجيج الصراع، أملاً في إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية التي نشطت بكثافة داخل لبنان. وفي خضم هذا الصراع الذي شهد تدخلاً من قبل العديد من القوى الإقليمية، كسوريا والعراق وإيران، اتجهت إسرائيل عام 1978 لبدء عملية عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، أملاً في خلق “منطقة آمنة” وإبعاد عناصر حركة التحرير الفلسطينية من الجنوب اللبناني.
يوم 11 آذار/مارس 1978، اهتزت إسرائيل على وقع عملية “كمال عدوان” التي حصلت على الطريق الرابط بين حيفا وتل أبيب. وخلال هذه العملية، قام عناصر منتمون لحركة فتح بخطف حافلة إسرائيلية مليئة بالركاب كانت في طريقها نحو تل أبيب. ومع سماعه بالعملية، تحرك الجيش الإسرائيلي نحو موقع الحادث أملاً في تحرير المخطوفين لتندلع على إثر ذلك مواجهات عنيفة أدت لمقتل 37 إسرائيلياً و9 فلسطينيين.
وحسب المصادر الإسرائيلية، خطط المسؤول الفلسطيني أبو نضال للعملية. وفي المقابل، قادت دلال المغربي البالغة من العمر حينها 20 سنة هذا الهجوم وقتلت خلاله عقب إصابتها بأعيرة نارية.
عقب هذه العملية، التي وصفت بآخر العمليات الهامة التي قادها الفلسطينيون ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، وضعت إسرائيل خطة للتدخل عسكرياً بلبنان. وضمن “عملية الليطاني” تحدثت إسرائيل عن سعيها لتدمير مواقع حركة التحرير الفلسطينية الواقعة جنوب نهر الليطاني وخلق “منطقة آمنة” لحماية الشمال الإسرائيلي.
بعد مضي 3 أيام فقط عن عملية “كمال عدوان”، باشر الجيش الإسرائيلي تدخله العسكري بالجنوب اللبناني. وفي خضم هذا التدخل، سيطر الإسرائيليون على عدد هام من مدن وقرى الجنوب اللبناني التي صنّفوها كمراكز قيادة لحركة التحرير الفلسطينية. وبمدينة صور، خاض الفلسطينيون معارك ضارية مع الإسرائيليين. وفي الأثناء، لم تتمكن القوات الإسرائيلية من إخضاع المدينة بشكل كامل بسبب سقوط عدد كبير من الضحايا.
أمام هذا الوضع، تقدم اللبنانيون بشكوى للأمم المتحدة. وعلى إثر ذلك، أصدرت الأمم المتحدة القرار 425 الذي طالب الإسرائيليين بالانسحاب ودعا لإرسال قوات دولية لحفظ السلام. وعلى إثر هذا القرار الأممي، اتجهت إسرائيل يوم 21 آذار/مارس 1978 لوقف عملياتها العسكرية وانسحبت من المنطقة تاركةً مهمة حفظ الأمن بها لعدد من الميليشيات المؤيدة لها.
أسفرت “عملية الليطاني” عن مقتل 18 جنديا إسرائيليا وإصابة نحو 100 آخرين. وفي الأثناء، خسر الفلسطينيون مئات المقاتلين. وبالتزامن مع ذلك، شهدت هذه العملية التي استمرت لنحو أسبوع مقتل أكثر من ألف مدني. من ناحية أخرى، دمّر الإسرائيليون نحو 80 قرية وتسببوا في تهجير حوالي ربع مليون شخص بالجنوب اللبناني.