سلط تقرير لمجلة “تايم” الأميركية، الجمعة، الضوء على التمييز الذي يتعرض له المسلمون في الهند وكيف أن السلطات في عهد الحكومة التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا تعتبر الأقليات الدينية مواطنين من الدرجة الثانية.
وقال التقرير إن الهند كانت دولة ديمقراطية علمانية في السابق، لكن رئيس وزرائها الحالي ناريندرا مودي يقدم رؤية مختلفة جذريا ويعمل على تحويلها إلى “أمة هندوسية”.
تبلغ نسبة الأقليات الدينية في الهند حوالي 20 في المئة من السكان، ويضطر المسلمون بشكل خاص ونسبتهم حوالي 14 في المئة إلى الخضوع للعنف المتزايد الذي تمارسه الأغلبية ضدهم.
ولفت التقرير إلى أن قصص ترويع المسلمين الهنود أصبحت شائعة إلى حد محبط في الهند في عهد مودي، مع توثيق جماعات حقوق الإنسان تصاعد أعمال العنف ضدهم يوميا.
استشهد التقرير بمقطع فيديو نشر منذ حوالي شهر ظهر فيه معلمة هندية تطلب من الطلاب أن يصفعوا زميلا لهم يبلغ من العمر 7 سنوات.
في الفيديو يبدو أن الطلاب يقومون بذلك لإن الصبي أخطأ في جدول الضرب، لكن التقرير يقول إن “جريمته الحقيقية كانت كونه مسلما هنديا”.
تاريخيا، اعتبر حزب بهاراتيا جاناتا ويعني حزب الشعب الهندي، المسلمين أقل انتماء للهند من الهندوس.
تأسس الحزب السياسي في عام 1980 باعتباره فرعا من منظمة “راشتريا سوايامسيفاك سانغ”، المعروفة اختصارا بـ”RSS” وهي منظمة شبه عسكرية مكونة من الذكور فقط تأسست في عام 1925، على غرار الجماعات الفاشية الإيطالية التابعة لموسوليني.
وينظر كل من حزب بهاراتيا جاناتا ومنظمة “RSS” إلى الهند باعتبارها أمة للهندوس، ويسعيان إلى التمسك بالقومية الهندية ومعاداة المسلمين.
أيد الزعماء القوميون الهندوس الأوائل العنف ضد المسلمين الهنود، فعلى سبيل المثال، في ديسمبر 1938، أعلن زعيم قومي هندوسي أن المسلمين الذين يعارضون المصالح الهندوسية سيتعين عليهم أن يلعبوا دور اليهود الألمان”.
تبعه إعلان من أحد زعماء “RSS” أن تطهير ألمانيا لليهود هو “درس جيد لنا في هندوستان لنتعلمه ونستفيد منه”.
يؤكد التقرير أن دعوات الإبادة الجماعية هذه لا تزال متداولة حتى يومنا هذا، مشيرا إلى أن زعيم قومي هندوسي حث اتباعه في عام 2021 على الاستعداد لقتل ملايين المسلمين الهنود.
وتحذر مجموعات حقوقية من أن علامات الإبادة الجماعية أصبحت واضحة بالفعل في الهند، وفقا للتقرير.
بالنسبة لمودي، وقبل أن يصبح رئيسا لوزراء الهند، فقد شغل منصب حاكم ولاية غوجارات، وهي الولاية التي شهدت، خلال فترة ولايته في عام 2002، أسوأ أعمال شغب طائفية في الهند منذ التقسيم، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن ألف شخص، معظمهم من المسلمين.
أدت تلك الأحداث إلى تعرض مودي للتوبيخ على المستوى المحلي والدولي، بما في ذلك تعرضه لفرض حظر للسفر للولايات المتحدة عام 2005.
ساعدت هذه “السمعة السيئة” في فوز مودي وحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات العامة في الهند عام 2014.
وبعد خمس سنوات من تصاعدت أعمال العنف القومي الهندوسي ضد المسلمين الهنود، نجح مودي مرة أخرى في تحقيق فوز آخر في انتخابات عام 2019.
وعلى الرغم من أن العديد من الهنود، بما في ذلك الهندوس، يعارضون حزب بهاراتيا جاناتا، إلا أنه يتمتع حاليا بقوة غير مسبوقة لإعادة تشكيل الهند، وفقا للتقرير.
تحريف التاريخ
يتضمن جزء رئيسي من أجندة حزب بهاراتيا جاناتا تحريف التاريخ لتشويه صورة المسلمين، حيث غالبا ما يركز القوميون الهندوس على المغول، السلالة التي حكمت أجزاء من شمال ووسط الهند خلال أوجها من عام 1560 إلى عام 1720.
من أهم المعلومات المضللة التي يرددها القوميون الهندوس عن المغول هي أنهم السبب وراء تأجيج الصراع بين الهندوس والمسلمين.
وفي بعض الأحيان، يتهم القوميون الهندوس المغول “زورا” بارتكاب إبادة جماعية، وفي أحيان أخرى يصفونهم بالمستعمرين، وبالتالي فإن جميع المسلمين اليوم يمثلون تهديدا أجنبيا للهند.
كذلك عمد المتشددون الهندوس إلى مهاجمة “تاج محل” باعتباره نصبا تذكاريا مغوليا وحذفوه من كتيبات السياح وروجوا لنظريات مؤامرة حوله.
أيضا أزالوا أجزاء من تاريخ المغول من الكتب المدرسية، مما جعل العديد من الأطفال الهنود يجهلون أجزاء رئيسية من تاريخهم، بما في ذلك قيام المغول ببناء إمبراطورية متعددة الثقافات ورعاية الجماعات الدينية الهندوسية والمسلمة والاعتماد على النخب الهندوسية.
لم يكتف القوميون الهندوس بذلك، بل عمدوا لتدمير المساجد التاريخية، وأبرزها واحد مغولي يعود تاريخه إلى أوائل القرن السادس عشر في شمال الهند.
وفي عام 2020، وضع مودي حجر الأساس لمعبد جديد للإله الهندوسي رام فوق أنقاض ذات المسجد.
يشير التقرير إلى أن المسلمين الهنود تعرضوا على مدى العقد الماضي لاعتداءات عنيفة ومميتة في كثير من الأحيان من قِبَل الأغلبية الهندوسية في الهند.
ويبين أن أسباب هذه الاعتداءات كثيرة ومنها، الصلاة والزواج من انتماءات دينية مختلفة والاحتفال بالأعياد وتناول لحوم البقر والاحتجاج على سياسات الحكومة وغير ذلك من القضايا.
ويرجح التقرير استمرار هذه الاعتداءات في المستقبل مع تآكل الديمقراطية في البلاد واستمرار أجندة حزب بهاراتيا جاناتا المناهضة للأقليات الدينية، وخاصة المسلمين.