تقول أوساط سياسية لبنانية إن إعلان زعيم تيار المردة سليمان فرنجية عن انسحابه من السباق الرئاسي بات محسوما، بعد فشل مبادرة الحوار التي عرضها زعيم حركة أمل نبيه بري وكان الغرض منها التسويق لمرشح الثنائي الشيعي، وتوصل اللجنة “الخماسية الدولية” إلى قرار بشأن استبعاد فرنجية من قائمة المرشحين إلى المنصب.
وينتظر زعيم المردة أمرين لإعلان الانسحاب: الأول، مجيئ المبعوث القطري الذي ستوفده “الخماسية” إلى بيروت، لعله يفتح أمامه الطريق لـ”تقديم التضحية” من أجل لبنان بانسحابه “الطوعي”. والثاني هو توافق الأطراف الرئيسية على “مرشح ثالث”.
وتشير الأوساط إلى أن حزب الله ما يزال يبدي تمسكا بترشيح فرنجية، إلا أن ذلك يحصل وسط قناعة تفيد أن هذا الموقف لا يعني شيئا سوى أن بقاء زعيم المردة في حلبة السباق هو بمثابة استمرار لأزمة الشغور الرئاسي إلى أمد غير محدد.
وتضيف الأوساط أن حزب الله ترك لفرنجية القرار بأن يبقى، فيواصل دعمه له إلى ما لا نهاية، أو أن ينسحب فيخلي سبيل الحزب من أجل التفاوض على مرشح ثالث.
ويدرك حزب الله بأن طريق فرنجية إلى قصر بعبدا سوف يظل مغلقا، مع رفض المعارضة القبول به “مهما كلف الثمن”، وهو الموقف الذي عبّر عنه زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بوضوح تام، ودعّمه الفرقاء الآخرون، من ممثلي المسيحيين والسنة والدروز.
ويشير مراقبون الى أن الحزب يبدي مهادنة لفرنجية بعد “الوعكة” التي أصابت العلاقات بينهما عقب اللقاء الذي أجراه محمد رعد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” في المجلس النيابي مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الشهر الماضي.
ويسود الاعتقاد بأن اجتماع أطراف الخماسية على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أنهى الخلاف حول لبنان، الذي كان الموقف من فرنجية واحدا من أهم أسبابه. وتم التوصل إلى خلاصة بأن زعيم المردة لم يعد “جزءا من الحل”، بما في ذلك لدى المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، الذي انتهى من جولة مشاوراته الثالثة في بيروت إلى اقتراح البحث عن مرشح ثالث.
ومن المنتظر أن يعود لودريان إلى بيروت في محاولة رابعة في نهاية الشهر الجاري، إنما لكي يرى حصاد الجهود القطرية فيبني على مقتضاها.
وبالفعل بدأ الموفد القطري، غير الرسمي، جاسم بن فهد آل ثاني، اتصالاته مع الفعاليات السياسية اللبنانية المختلفة، وذلك للوقوف على تصوراتها، تمهيدا لزيارة الموفد القطري الرسمي محمد الخليفي.
ويقول متابعون إن فرنجية معني بالمشاورات القطرية، وذلك من أجل إقناعه بالانسحاب. وهو أمر سوف يدفع بكل تأكيد جهاد أزعور الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي إلى الإعلان بدوره عن انسحابه من السباق. ليبقى العماد عون هو المرشح الأكثر قربا لحصول التوافق المطلوب عليه.
وبحسب المراقبين فإن معارضة جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر لترشيح عون لا تشكل عقبة فعلية، إذا ما قرر “الثنائي الشيعي” دعم ترشيح قائد الجيش، بعد الحصول على ضمانات تتعلق بالامتناع عن المساس بسلاح الحزب، والمحافظة على نفوذه داخل الحكومة المقبلة، مع القبول ببعض الإصلاحات المطلوبة من جانب صندوق النقد الدولي.
ومهد باسيل، في لقاء شعبي عقده في بلدة القبيّات – عكّار، إلى قبوله مبدأ الانتقال إلى المعارضة في عهدة الرئيس المنتظر بالقول إن كل الذين راهنوا على تراجع مكانة التيار فشلوا، “وهلّق بيراهنوا على مين أكثر مرشّح رئاسي بيضرّنا، مش مين بيفيد البلد.. ومش عارفين أنّو التيّار إذا راح على المعارضة الكاملة، بيقوى. صحيح البلد بيضعف مع هيك منظومة ورئيس، ولكن التيّار بيصير أقوى وأقوى لأنه لن يكون شريكا بأيّ معادلة فشل”.
بقاء زعيم المردة في حلبة السباق هو بمثابة استمرار لأزمة الشغور الرئاسي إلى أمد غير محدد
وكان محمد رعد ندد برافضي الحوار قائلا إنّ “الثنائي الشيعي حريص مع بقية المكونات والشركاء في البلد على التفاهم وثم التفاهم، وعلى التوافق وثم التوافق، وعلى الشراكة من دون تمييز أو امتياز”.
وأضاف خلال احتفال تكريمي للطلاب الناجحين وخريجي المعاهد والجامعات وحملة الماجستير والدكتوراه في ساحة بلدة الوردانية “إننا نريد في أسرع وقت ممكن أن ننجز الاستحقاق الرئاسي وننتخب رئيسا يرضى به كل اللبنانيين، ويؤتمن على سيادة الوطن، وعلى كرامة اللبنانيين”.
ورد مسؤول في القوات اللبنانية على ذلك بالقول إنه إذا كان هذا الكلام صحيحا فـ”نحن لا نريد مرشحكم فرنجية، ولكنكم تريدون فرضه على الجميع”.