رفضت مراراً أن تظهر بمظهر الضعف حتى أمام أقرب المقرّبين. رفضت الردّ على اتصالات الأصدقاء. وفي الوقت المستقطع بين علاج وبين عملية جراحية، كانت تعود إلى برنامجها «مع جيزال» محاورة قوية رزينة متماسكة أسقطت من قاموسها كلمة «إنكسار»، وإلى مهنتها، تابعت الصغيرة والكبيرة في مؤسسة سمير قصير التي أنشأتها في العام 2006، وما أهملت أنشطة ربيعه الثقافي؛ ربيع بيروت.
في أمس ماطر حزناً وحرباً، انكسرت الإرادة الصلبة. إنكسرت جيزال. ماتت عن عمر يناهز… لا حاجة لذكره. لطالما كنّا نخفي عمرينا، والفارق بيننا يوم واحد. كنا نكذب إن سُئلنا أو نضحك. إنكسر العمر والخاطر. إنكسرت الإعلامية المتفرّدة بحضورها وثقافتها وشخصيتها و… بعينيها. كل عين بلون. أتعلمون؟
كثيرون من الإعلاميين بدأوا من الصفر ووصلوا بجهدهم إلى العالمية. أصرّت جيزال أن تبدأ مشوارها باختيار من تحاور. إختارت المتميزين والقمم في لبنان والعالم العربي، في الفن. في الثقافة والعلوم والسياسة: محمود درويش، أمين معلوف، أدونيس، نجيب محفوظ، محمد حسنين هيكل، أبو عمّار، جميلة بوحيرد والعشرات، لا بل المئات ممن لا تتسع الصفحات لهم ولا الذاكرة. وضعت نفسها في موقع إعلامي متقدّم ولعلّ «حوار العمر» هو ما فتح لها الأفق إلى ما تصبو إليه. لم تساوم على ما دون طموحها المهني وقناعاتها رغم كل المغريات. الـ»أل بي سي» محطتنا الأولى، ومنها انطلقت جيزال (قزي) خوري، بعد 18 عاماً من النجاح، إلى فضاء تلفزيوني عربي وعالمي. في «سكاي نيوز» اختتمت الأعوام الثلاثة الأخيرة من مشوارها المهني، كما بدأته، محاوِرة راقية، لائقة، مثقفة.
قبل أيام قليلة سألتُ ابنتي يسمى ذاك السؤال التقليدي الذي يسأله الآباء لأبنائهم: «شو حابّة تعملي بالجامعة؟ أجابت بدي أعمل صحافية، وصير مش متلك، متل جيزال». آخ يا جيزال.