صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

لبنان في الإستراتيجية الأميركية هامشي أو “جائزة ترضية”

بقلم : رفيق خوري - خلال اجتماع كامب ديفيد بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن برعاية الرئيس كارتر، قال سيد البيت الأبيض إن "لبنان وعاء يغلي ونحاول إبقاء الغطاء عليه كي لا يفسد الطبق الرئيس وهو السلام الشامل".

ليس للبنان في اهتمامات أميركا سوى مكان هامشي أو موقع مرتبط بسواه في حساباتها الإستراتيجية الشرق أوسطية، وهو إما أزمة مفيدة للصراع العربي -الإسرائيلي ثم لمواجهة الصعود الإيراني في المنطقة، وإما جائزة تعطى لطرف إقليمي قوي في صفقة تسوية إقليمية.

وحين يرتفع منسوب الاهتمام الأميركي بالوطن الصغير فإن الدوافع هي أمور لها علاقة بالخطر على إسرائيل، مرة بسبب الفصائل الفلسطينية المسلحة، ومرة بسبب “حزب الله” المسلح بأكثر من 100 ألف صاروخ، ولا فوارق كبيرة في سياسات الإدارات الجمهورية والديمقراطية بالنسبة إلى لبنان، فحين نزل المارينز على شاطئ بيروت خلال أحداث عام 1958 لم يكن ذلك تلبية لطلب الرئيس كميل شمعون، بل بسبب الانقلاب العسكري في العراق على العهد الملكي وارتباطه بما كان “حلف بغداد”.

وحتى عندما أراد مسؤول أميركي كبير خلال حرب لبنان والاجتياح الإسرائيلي فصل الحل في لبنان عن أزمة الشرق الأوسط فإنه وجد نفسه مكبلاً بالقيود، كما روى وزير الخارجية جورج شولتز خلال ولاية الرئيس رونالد ريغان في مذكراته تحت عنوان “اضطراب وانتصار”، إذ قال شولتز “رفضت عرض مسؤولين وغير مسؤولين بينهم كسينجر لخطة تنطلق من مبدأ عام خلاصته لا تدعوا مشكلات لبنان تطغى على ما عداها، ثم قدموا مشروعاً للشرق الأوسط، قلت هذه فكرة سيئة، فأزمة لبنان شيء وإيجاد تسوية شرق أوسطية شيء آخر، ولن أساوم بواحد من أجل الآخر”.

غير أن الفكرة السيئة هي التي انتصرت في النهاية، وهذا ما تؤكده وقائع متتالية كما في كتاب “الدبلوماسية الأميركية تجاه لبنان: ست محطات وأمثولاتها” الصادر حديثاً للسفير ديفيد هيل، فالرجل خدم مرتين في بيروت وفي عواصم عربية أخرى، كما تسلم إدارة الشؤون السياسية من وزارة الخارجية الأميركية، وهو يروي كيف كان كيسنجر “ضد السماح للسوريين بدخول لبنان ولإسرائيل بدخول الجنوب، خشية التأثير في خطته في ملف السلام العربي -الإسرائيلي واحتواء النفوذ السوفياتي”، ثم كيف رتبت واشنطن اتفاق “الخطوط الحمر” للدخول السوري الذي تلاه اجتياح إسرائيلي، وساد رأي مستشار الأمن القومي الجنرال سكوكروفت القائل إن “الوجود السوري القوي في لبنان قد يكون السبيل الوحيد إلى إنهاء الاقتتال”.

خلال اجتماع كامب ديفيد بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن برعاية الرئيس كارتر، قال سيد البيت الأبيض إن “لبنان وعاء يغلي، ونحاول إبقاء الغطاء عليه كي لا يفسد الطبق الرئيس وهو السلام الشامل”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

أما الرئيس كلينتون الذي قال للرئيس رفيق الحريري إنه “لا اتفاق سلام بواسطة أميركا على حساب لبنان”، فإنه كان يخفي أن واقع السياسة الأميركية يعاكس هذا التطمين، ولم تكن إستراتيجية كلينتون تجاه لبنان سوى “ملحق بإستراتيجيته تجاه سوريا”، وكما أراد تقليص النفوذ الإيراني فإنه حاول جذب طهران صوب الغرب، وكان لبنان جائزة الترضية المرصودة.

ويعترف مارتن أنديك أن الإدارة الأميركية لم تضغط مطلقاً على الرئيس حافظ الأسد لسحب قواته من لبنان، لأنها قد تشكل حاجة في حال التوصل إلى اتفاق سلام، وستكون مهمة القوات السورية نزع سلاح “حزب الله”.

أحلام وكوابيس، فسوريا فرضت بالاتفاق مع إيران “أحادية السلاح” في يد “حزب الله” وأسهمت في تقوية نفوذه، بحيث صارت إيران بعد انسحاب سوريا عام 2005 هي البديل منها كقوة مهيمنة على لبنان، لا بل إن إيران هي القوة التي تعمل من خلال أذرعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن على مواجهة إسرائيل لمساندة “حماس” في حرب غزة، ومواجهة أميركا في العراق والبحر الأحمر، وسط مفاوضات عُمان وقطر على صفقة كبيرة أميركية – إيرانية.

ولبنان في أي حال هو الجائزة بالنسبة إلى واشنطن، شرط أن تضمن الصفقة أمن إسرائيل، وهو بالنسبة إلى إيران صار لها من دون صفقة.

أما لبنان وشعبه وأزماته وطموحاته فإنها هوامش على أوراق الملف الأميركي للشرق الأوسط، ومساحة جغرافية لصراع المحاور الإقليمية، وليس هذا قدراً إذا توحدت القوى اللبنانية دفاعاً عن هوية لبنان وجوهره ورسالته التي هي العيش المشترك، ومبرر وجوده كأرض حرية، والحمل ثقيل على اللبنانيين المحتاجين إلى دعم عربي قوي.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading