صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

الحكومة اللبنانية وضرب مرتكزات سيادة الدولة

بقلم : أمجد اسكندر - لا تبذل الحكومة اللبنانية أي جهد يؤكد "لبنانية" مواقفها، وعدم تبعيتها العمياء لـ"حزب الله". هذا واجبها في الظروف العادية فكيف والغيوم الإقليمية تتلبد فوق لبنان وتنذر بكوارث جراء تفلت "حزب الله" من أي ضابط دستوري أو سياسي، وانغماسه في تلبية شروط "دويلته" وأجندته الإقليمية على حساب الدولة. كأن نجيب ميقاتي يتعامى عن حراجة ما يتهدد لبنان، ليكسب ورقة "حزب الله" عندما يحين موعد تشكيل حكومة تلي إفراج الحزب عن انتخابات رئاسة الجمهورية.

تكتسب الدولة المركزية قوة شرعيتها من قبضها على السياسة الخارجية والمالية والدفاعية، وفي هذه المرتكزات الثلاث لم تترك حكومة ميقاتي أي هامش لها وتركت “حزب الله” يدير الدفة. في مسألة العلاقات الخارجية، قبل أيام تسلمت الحكومة ورقة فرنسية تتضمن حلاً محتملاً يجنب لبنان ضربة إسرائيلية ستكون كارثية. وبدلاً من اغتنام هذه الفرصة برد يعكس المصلحة اللبنانية، تبدو الحكومة كـ”ساعي بريد” بين المجتمع الدولي و”حزب الله”، وبلغ التذاكي بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب حدّ المزايدة السخيفة عندما أقحم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا كشرط للبحث بالورقة الفرنسية. “حزب الله” نعى سلفاً المبادرة الفرنسية ووصفها بأنها “صناعة إسرائيلية”، والموقف المائع لحكومة ميقاتي يخدم المنطق الإسرائيلي الذي يروج دولياً لمقولة عدم وجود تمايز بين الحكومة اللبنانية و”حزب الله”، خصوصاً بعدما تبنى ميقاتي مقولة الحزب الذي يربط وضع الجنوب اللبناني بما يحصل في غزة.

في مسألة الدفاع، أرسل النظام السوري مذكرة تطالب الجيش اللبناني بوقف استعمال أبراج مراقبة على الحدود، قدمتها بريطانيا قبل أكثر من 10 سنوات، بذريعة أنها تُستخدم كمحطات تجسس بريطانية. لم تجد الحكومة في هذا الطلب مما يستدعي رداً سريعاً وحاسماً يؤكد مبدأ السيادة اللبنانية، واختار وزير الدفاع موريس سليم هذه اللحظة السياسية ليشكك بقدرة الجيش اللبناني وتفاني عناصره وقال لجريدة “الشرق الأوسط”، إن الجنود اللبنانيين يفتقدون جاهزية القتال، لأن “الراتب المتدني الذي يتقاضاه الجندي يجعله غير متفرّغ للدور القتالي، خصوصاً أن أغلب العسكريين يعملون خلال إجازاتهم لتوفير قوت أبنائهم”.

أما ضرب المرتكز الثالث لمفهوم الدولة المركزية أي السياسة المالية فيتمثل بالعجز عن الوصول إلى قرار في ملف إعادة هيكلة المصارف، وبالتراجع عن قرارات مالية، وبالفشل الذريع في تبني خطة إنقاذ اقتصادي، يتصدى لتفاصيلها بشكل أساس “الثنائي الشيعي” (حركة أمل وحزب الله). في الأصل يدير ميقاتي “حكومة تصريف أعمال”، تجتمع كل مرة بغياب وزراء محسوبين على “التيار العوني”، أي أنها حكومة الحد الأدنى من أسباب البقاء، ما يتيح لميقاتي أن يغلِّب منطق المصلحة الوطنية العليا ما دامت فاعليتها أيضاً في الحد الأدنى، فيسهم في توجيه الجهود نحو المسألتين الأهم، انتخاب رئيس للجمهورية، وإرسال الإشارات إلى المجتمع الدولي بأن الرهان على “الدولة اللبنانية” لا يزال ممكناً. اللافت أن حقيبتي الخارجية والدفاع في الحكومة يشغلهما وزيران محسوبان على “التيار العوني” الذي لا يمر بأفضل الأوقات مع “حزب الله”، لكن أداء الوزيرين كما أسلفنا يصب في مصلحته. وللعونيين سجل طويل من المطالبة بالشيء ونقيضه.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading