سباق من نوع خاص تخوضه وكالة الفضاء الأميركية كمحاولة لفهم “الظواهر الشاذة غير المحددة” أو الأحداث التي تجري في السماء والتي لا يمكن تحديدها على أنها بالونات أو طائرات أو كظواهر طبيعية معروفة من منظور علمي.
الخطوة الفضائية الأميركية جاءت استجابة لتوصية فريق مستقل لوكالة “ناسا”، قبل إزاحة الستار عن أول تقرير حول أبحاث UAP المرتبطة بالظواهر الكونية الشاذة.
وتولى فريق الأبحاث الفضائية مهمة تقديم تقارير لـ”ناسا” وتقييم الأحداث والظواهر الفضائية من خلال العودة إلى الأحداث والمشاهدات والشهادات التي أدلى بها أشخاص كثر حول العالم عن مشاهدتهم في السماء أجساماً طائرة غريبة.
تهدف المجموعة التي تم تشكيلها بعدما كثرت المشاهدات لأجسام طائرة غريبة إلى فحص البيانات المتعلقة بالظواهر الشاذة غير المحددة UAP، وهو مصطلح جديد يشمل الأشياء أو الحوادث في السماء أو تحت الماء أو في الفضاء والتي لا يمكن تحديدها على الفور.
وتضم المجموعة أشخاصاً ذوي معرفة واسعة في المجالات المتعلقة بالموضوع من رواد فضاء وعلماء فلك وغيرهم. أما مدير لجنة متابعة “الظواهر الشاذة المجهولة الهوية” فقد شغل منصب مسؤول اتصال لـ”ناسا” مع وزارة الدفاع، وغطى أنشطة UAP المحدودة للوكالة.
وسيستفيد من خبرة “ناسا” في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأدوات المراقبة الفضائية لدعم وتعزيز المبادرة الحكومية الأوسع في هذا الشأن. وشغل منذ عام 1996 مناصب مختلفة في مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لـ”ناسا” في جرينبيلت بولاية ماريلاند.
وأشار مساعد نائب المدير المساعد للأبحاث في مديرية البعثات العلمية التابعة لوكالة “ناسا”، دانيال إيفانز، إلى أن الاهتمام العام بـUAP أو الظواهر الشاذة يبدو في أعلى مستوياته على الإطلاق في هذه المرحلة ومن مسؤولية “ناسا” إعطاء الموضوع “التدقيق العلمي الصارم” الذي يستحقه.
إيفانز أشار إلى أن الدراسة تتعلق أولاً وقبل كل شيء باكتساب فهم أكبر لما هو موجود في الهواء وجعل السماء أكثر أماناً، ومن واجب هذه الأمة تحديد ما إذا كانت هذه الظواهر تشكل أي أخطار محتملة على سلامة المجال الجوي.
وبالنسبة إلى “البنتاغون” أعلن مدير مكتب حل الحالات الشاذة في جميع المجالات (AARO) التابع لها، شون كيركباتريك، أن “معظم تقارير UAP التي راجعها المكتب يمكن تفسيرها بسهولة، إلا أن بعضها لا يزال من دون حل، ويرجع ذلك أساساً إلى نقص البيانات المرتبطة بهذه الحالات”.
بلاغات الشهود
خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته وكالة “ناسا” لإعلان إطلاق اللجنة الجديدة وأسباب تشكيلها، تبين أنه في الآونة الأخيرة أبلغ عديد من الشهود الموثوقين ومعظمهم من الطيارين العسكريين عن رؤيتهم “أشياء” لم يتعرفوا إلى ماهيتها فوق المجال الجوي الأميركي.
وأردف التقرير أن معظم هذه الأحداث تم شرحها، ولكن لا يمكن التعرف إلى حفنة صغيرة منها حتى اليوم، وهذه المشاهدات الجماعية يشار إليها باسم الظواهر الشاذة غير المحددة، أو UAP، وتعترف “ناسا” بأنه خلال دراسة مثل هذه الظواهر هناك تحد شامل يتعلق بالبيانات اللازمة لتفسير هذه الحالات الشاذة ويشمل ذلك تقارير شهود العيان المثيرة للاهتمام والمقنعة.
وجاء في التقرير المتاح للجميع على موقع “ناسا” الإلكتروني أنه تم تعريف UAP على أنها “ظواهر جوية غير محددة” من قبل الكونغرس قبل بدء الدراسة، ولكن بعد البدء بها تم تعديله ليصبح “ظواهر شاذة مجهولة الهوية”.
وحملت التوصية العامة لفريق الدراسة المستقلة لـ”ناسا” إشارة إلى أن الوكالة ستسمح باستخدام مواردها المفتوحة وخبرتها التكنولوجية الواسعة وتقنيات تحليل البيانات والشراكات الفيدرالية والتجارية وأصول مراقبة الأرض، لتنظيم مجموعة بيانات أفضل وقوية لفهم UAP المستقبلي.
وستعمل “ناسا” على الأخذ بكل التقارير والمشاهدات والمعلومات التي يقدمها المواطنون والطيارون بكل أنواعهم لبناء مجموعة بيانات أوسع وأكثر موثوقية، وتم السماح للفريق الجديد باستخدام بيانات غير سرية من كيانات حكومية مدنية وبيانات تجارية.
ويتكون فريق الدراسة المستقل لـUAP من 16 متخصصاً في مجالات مختلفة وفي الأمور ذات الصلة بدراسة “الظواهر الشاذة غير المحددة” من منظور علمي، وسينشئ الفريق خريطة طريق لكيفية استخدام البيانات والأدوات العلمية لدفع فهمنا لهذه الظواهر إلى الأمام.
يقود الفريق عالم الفيزياء الفلكية ديفيد سبيرغيل، وهو رئيس مؤسسة سيمونز في مدينة نيويورك، رئيس قسم الفيزياء الفلكية سابقاً في جامعة برينستون في نيو جيرسي.
لماذا تشارك “ناسا”؟
طرح زوار موقع “ناسا” الإلكتروني أسئلة كثيرة حول اللجنة الجديدة، وتحديداً سر مشاركتها في دراسة الظواهر الغريبة. وبحسب رد الوكالة “فإن استكشاف المجهول في الفضاء والغلاف الجوي هو جوهر هويتنا. إن طبيعة العلم هي فهم المجهول بشكل أفضل، لكن لغة العلماء هي البيانات”.
وتابعت “إن العدد المحدود من الملاحظات العالية الجودة للظواهر الشاذة غير المحددة، أو UAP يجعل من المستحيل حالياً استخلاص استنتاجات علمية حول طبيعة مثل هذه الأحداث. وستكلف ناسا فريق الدراسة المستقل بفحص الظواهر الشاذة غير المحددة من منظور علمي، مع التركيز على كيفية استخدام الوكالة البيانات والأدوات العلمية لدفع فهمنا إلى الأمام”.
وحول سؤال آخر طرحه زائرو موقع “ناسا” وهو “ما الذي يمكن أن يتوقعه الجمهور بعد صدور التقرير؟”، أجابت الوكالة أنه “سيتم إصدار تقرير كامل للجمهور تزامناً مع مبادئ ناسا، المتمثلة في الانفتاح والشفافية والنزاهة العلمية، ونتوقع أن نجد أن التفسيرات ستنطبق على بعض الأحداث، ولن نقلل من أهمية ما يحتويه العالم الطبيعي، ونعتقد أن هناك كثيراً لنتعلمه”.