تابع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان جولته الموسعة في «أنفاق» السياسة اللبنانية، مروجا لثلاثة ملفات أساسية: انتخاب رئيس للجمهورية، استدراك الفراغ في قيادة الجيش وتطبيق القرار الدولي1701 الذي ينص على حصر الوجود المسلح في منطقة جنوب الليطاني بالجيش اللبناني وقوات الامم المتحدة (اليونيفل).
والتقى لودريان أمس رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، في مقر التيار في سن الفيل، ثم رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل في البيت المركزي للحزب في وسط بيروت، فرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في مقر الكتلة بحارة حريك، كما التقى اثنين من نواب المعارضة على مائدة عمل وهما: ميشال معوض وفؤاد مخزومي.
لقاء لودريان ـ باسيل كان مختصرا للغاية ودام بضع دقائق بسبب أمر ما حصل، وتردد ان لودريان طرح التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فأجاب باسيل بالرفض وتكهرب الجو واختصرت المقابلة، وأبلغ الصحافيين بأن النائبة عن «التيار» ندى بستاني ستتحدث اليهم عن اللقاء، ثم صرفت النظر.
النائب سامي الجميل قال بعد استقباله لودريان في بيت الكتائب المركزي: اللقاء كان إيجابيا، ودعا الجميل إلى تطبيق القرار 1701، وإلى ضبط السلاح بيد الجيش اللبناني، مشيرا إلى انه لا دولة اليوم في لبنان، فحزب الله هو الدولة، وان مشكلة الرئاسة عند حزب الله المتمسك بمرشحه سليمان فرنجية، ولا يمكن المساواة بين المعطل والمخون وبين الموافق على التوافق.
وحرص لودريان على إبلاغ كل من التقاهم بأن زيارته إلى لبنان تهدف إلى التأكيد على موقف «اللجنة الخماسية» بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف وانتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق فيما بينهم، مشيدا بأداء الجيش اللبناني في ظل التحديات الماثلة للجميع مع التأكيد على استمرار دعم بلاده لمؤسسة الجيش الوطني.
وبحسب مصادر من التقاهم لودريان أمس الأول، فإن القرار 1701 كان موضع بحثه المشدد مع كل من رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذين أكدا الالتزام التام بالقرار المذكور مع طلب التزام اسرائيل بتنفيذه من جانبها، أي بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونصف بلدة الغجر.
لكن يبدو ان الموفد الفرنسي حمل، إلى جانب ذلك، رغبة في تعديل بعض بنوده بهدف إراحة إسرائيل وطمأنة سكان المستوطنات الشمالية عبر إعادة ترسيم الحدود البرية، وهو الطرح الذي سبق ان حمله المستشار الإسرائيلي ـ الأميركي عاموس هوكشتاين، إضافة إلى إقامة منطقة خالية من السكان، الأمر الذي رفضه الجانب اللبناني بشدة.
الرئيس نبيه بري أبلغ صحيفة «الجمهورية» بأنه رفض إدخال تعديلات على القرار 1701، كما رفض ان يضع احدا شروطا على لبنان او يفرض تعديلات او ترتيبات جديدة عليه، وان الفكرة في هذا الاتجاه غير مقبولة من جانبنا وسنواجهها، والمطلوب فقط ان يطبقوا القرار ولا شيء آخر.
اما الاستحقاق الرئاسي فقد حضر في لقاءات لودريان مع البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله رئيس الحزب تيمور جنبلاط، كما مع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، حيث أكد أهمية انتخاب رئيس في اسرع وقت، من دون الخوض بالاسماء، حتى انه لم يطلب من البطريرك لائحة مرشحين عندما تحدث عن ضرورة الذهاب إلى الخيار الثالث وتجاوز ثنائي المرشحين المتنافسين سليمان فرنجية وجهاد ازعور.
غير ان المصادر المتابعة ذكرت ان لودريان سمع من البطريرك الراعي ومن المعارضة ان الانتخاب يتطلب وقف التعطيل وعدم فرط النصاب، وعقد جلسات انتخاب متتالية، وعدم تضييع الوقت بانتظار كلمة سر من الخارج.
وأيد رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع الخيار الثالث إذا قبل فريق «الممانعة» به، أما عن المؤسسة العسكرية فأكد عدم جواز ترك هذه المؤسسة للأهواء المختلفة وان الحل، الأبسط والمتوافر، هو التمديد لقائد الجيش الحالي الذي مضى عليه ست سنوات وريثما يتوقف تعطيل الانتخابات الرئاسية.
الوضع الامني كان محور تركيز لودريان مع قائد الجيش العماد جوزاف عون، حيث حث على ضرورة استمرار الجيش بالامساك في الوضع الامني، اضافة إلى تطبيق القرار 1701، وان المجتمع الدولي مستعد لمساعدة الجيش في كل ما يطلبه لتعزيز حضوره في منطقة جنوب لبنان.
وأوضحت السفارة الاميركية في بيروت دعمها مهمة لودريان، خصوصا في الجانب المتعلق بالقرار 1701 عندما كتبت على منصة «إكس»: «سيكون للتصعيد آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين، وعلى رفاهية الشعب اللبناني. إن استعادة الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية أمر في غاية الأهمية». وأضافت «يشكل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 عنصرا رئيسيا في هذا الجهد».