مع دخول عملية «طوفان الأقصى» النوعية، التي هزت أركان الدولة العبرية عسكرياً وسياسياً، شهرها الثاني، وبينما تخطت حصيلة شهداء القصف التدميري لغزة الـ 10 آلاف، أطلقت إسرائيل، «معركة الأنفاق العنكبوتية»، بينما كشف مسؤول سياسي رفيع المستوى، أن سلطات الاحتلال تعتزم السيطرة على القطاع بعد الحرب.
وقال الناطق العسكري ريتشارد هيخت، أمس، إن القوات الإسرائيلية تستعد لمهاجمة مقاتلي «حماس» في أنفاقهم ومخابئهم تحت الأرض في شمال غزة بعد عزل المنطقة بالقوات والدبابات.
وأضاف «الآن سنبدأ في تضييق الخناق عليهم… عندما أقول نضيق الخناق فهذا يعني فوق الأرض وتحتها أيضاً»!
وفي مقابل، استعداد الجيش للانتقال إلى مناطق أخرى في القطاع، الذي أعلن أنه بات مقسماً إلى شطرين، ومحاولاته اقتحام مدينة غزة، ما سيؤدي إلى استمرار الحرب لأشهر طويلة، وسط تقديرات بأن حركة «حماس بعيدة جداً من نقطة انكسارها ولا يتوقع أن ترفع راية بيضاء»، أشارت صحيفة «معاريف» إلى أن الخطط الإسرائيلية قد تصطدم بموقف الولايات المتحدة التي أبلغت تل أبيب أن عليها إنهاء التوغل البري خلال أسابيع.
وتشير التقديرات إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن ستعبر لتل أبيب عن نفاد صبرها بين عيد الشكر، في 23 نوفمبر الجاري، وعشية عيد الميلاد في 24 ديسمبر المقبل.
ووفقاً للصحيفة، فإن الوضع «سيزداد مأسوية مع حلول فصل الشتاء. وبسبب الدمار الهائل سيمتلئ القطاع بالوحل، وعندها سيكون من الصعب الحفاظ على استمرار عمل شبكات المياه والصرف الصحي. ولا تزال الجثامين تحت الأنقاض، ما ينذر بانتشار أمراض وأوبئة».
خطط إسرائيلية
من جانبها، أشارت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى تأجيل المحادثات مع إدارة بايدن، عن اليوم التالي للحرب، وشرعت بوضع خطوط عريضة لمخطط، يشمل «سيطرة أمنية على قطاع غزة؛ زيادة عدد قوات الجيش المنتشرة بشكل دائم في المنطقة، وزيادة الميزانيات الأمنية».
لكن في بروكسيل، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فون ديرلايين، عن أن نشر قوات دولية تحت إشراف الأمم المتحدة في غزة «أصبح أحد الخيارات المطروحة التي يجري بحثها».
من جانبه، أعلن القيادي في «حماس» في لبنان أسامة حمدان، أن الحركة لن تقبل بـ«وصاية» على غزة.
ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي، الذي ارتفع عدد قتلاه في عمليات غزة البرية، إلى 36، أن المعارك على الأرض تترافق مع «ضربات كبيرة» بلغ عددها 2500 منذ 27 أكتوبر في محاولة لإخراج مقاتلي «حماس» المتحصنين في الأنفاق.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن هناك توقعات للجيش بمقتل قادة كبار في «حماس» خلال غارة «غير عادية فوق الأرض وتحتها» الليلة قبل الماضية، واستهدفت 450 هدفاً.
وأشارت إلى أن الجيش يمارس حالياً ضغوطاً على المعاقل القوية للحركة في مخيم الشاطئ ومستشفى الشفاء، وتمكن من إسقاط عدد من القادة الميدانيين، من بينهم جمال موسى، المسؤول عن الأمن الخاص في الحركة، التي أكدت أمس، أن «كتائب القسام»، دمروا خلال 48 ساعة، 27 آلية عسكرية كلياً أو جزئياً.
وفي ضوء الغارات الجوية غير المسبوقة، أعلنت حكومة «حماس»، بأن عدد الشهداء تخطى الـ 10 آلاف، بينهم نحو 300 سقطوا ليل الأحد الاثنين، في حين طالب رؤساء هيئات تابعة للأمم المتحدة، بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، قائلين «لقد طفح الكيل».
وأضافوا في بيان مشترك «السكان كلهم تحت حصار ويتعرضون للهجوم، محرومون من الوصول للمستلزمات الأساسية للحياة ويتم قصفهم في المنازل والملاجئ والمستشفيات وأماكن العبادة… هذا أمر غير مقبول».
بيرنز وبلينكن
يأتي ذلك، بينما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى توجه مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) وليام بيرنز، في جولة شرق أوسطية تشمل إسرائيل، إضافة إلى دول أخرى لبحث الوضع في غزة.
وفي أنقرة، وعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، بتأمين مساعدة إنسانية أكبر «خلال الأيام المقبلة» لسكان القطاع المحاصر.
وقال بلينكن في ختام لقاء على انفراد استمر ساعتين ونصف الساعة مع وزير الخارجية التركي فيدان هاكان، «أحرزنا تقدماً كبيراً في الأيام الأخيرة من أجل زيادة» المساعدة التي تصل لسكان غزة، مؤكداً أن «توقفاً (في المعارك) قد يساهم في ذلك أيضاً».
من جهته، طالب فيدان نظيره الأميركي بوقف إطلاق نار«فوري» و«تام»، وهو ما تعارضه واشنطن حالياً، داعية في المقابل إلى «هدنات» إنسانية.
«مناطق عازلة»
وبينما لم تهدأ بعد الضجة التي أثارتها تصريحات وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، التي ألمح فيها إلى إمكانية قصف غزة بالنووي، حتى خرج وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بتعليقات «عنصرية»، دعا من خلالها إلى «إنشاء مناطق عازلة في الضفة الغربية لا يدخلها العرب».
ادعاءات إسرائيلية: «لهجات» شمال أفريقية لمشاركين في «طوفان الأقصى»
ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11)، أن أجهزة الأمن تفحص شبهات باحتمال مشاركة «أجانب من خارج قطاع غزة»، في هجوم «كتائب القسام» في السابع من أكتوبر الماضي.
ونقلت عن مصدر «مطلع»، أنه خلال التحقيقات مع معتقلين شاركوا في هجوم «طوفان الأقصى»، «كان هناك أشخاص لا يتحدثون العربية بلهجة غزة، بل بلهجات دول شمال أفريقيا»، في إشارة إلى دول المغرب العربي.