صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

حزب الله يستخدم حماس لمنع تغيير معادلة الجنوب اللبناني

بقلم : هشام حيدر - تحاول حركة حماس الفلسطينية تكريس حضورها في الداخل اللبناني لخلق ملاذ بديل لقادتها وناشطيها بعد حرب غزة، وهو ما يحظى بغطاء سياسي وميداني من قبل قيادة حزب الله الذي يريد اختبار استمراريته كلاعب أول على الساحة اللبنانية في المرحلة المقبلة.

وتعمد إعلان حماس تأسيس ما أطلقت عليه “طلائع طوفان الأقصى” توجيه رسالته للداخل اللبناني أكثر منه لدعم المقاومة في الأراضي الفلسطينية في ظل الحرب المدمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على غزة، بهدف صناعة مستقبل وتحرير القدس.

وبررت الحركة تأسيس تنظيم عسكري وسياسي جديد في لبنان بأنه تأكيد “لدور الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة والمشروعة، وسعيا نحو مشاركة رجالنا وشبابنا في مشروع مقاومة الاحتلال والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم العلمية والفنية”.

وربط مراقبون الإعلان بترتيبات ما بعد الحرب وتأمين مستقبل المقاومة وليس تنشيط عملها في الوقت الراهن من الداخل اللبناني، لأن حماس تمارس فعليا أنشطة عسكرية وتنظيمية، من ضمنها إطلاق صواريخ من الجنوب، ولذلك يعد الإعلان عن تشكيل كيان يرنو إلى المستقبل.

وتسعى حماس نحو تأمين ساحة بديلة لنفوذها في ظل الغموض الذي يكتنف مصيرها ومستقبلها في غزة بالنظر للتصميم الذي تبديه إسرائيل حول إنهاء وجودها في القطاع وعدم السماح بالعودة إلى أوضاع ما قبل السابع من أكتوبر الماضي.

وتنطوي خطوة حماس، والتي أثارت جدلا في أوساط طوائف وتيارات عدة، على احتياج مُلِح إلى تشكيل كيان يتفادى ارتدادات الداخل اللبناني ضده بالنظر إلى تجربة منظمة التحرير الفلسطينية المريرة في السابق، وأدت إلى خروج قادتها عقب اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وتحرص الحركة على خلق حضور ونفوذ قوي على الساحة الفلسطينية لحماية قادتها وعناصرها النشطة من الملاحقات الأمنية والاستهدافات المستقبلية المتوقعة من قبل الأجهزة الأمنية والاستخبارات الإسرائيلية.

وأعلن رئيس الشين بيت (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) رونين بار، في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية، ملاحقة قادة حماس في كل من لبنان وتركيا وقطر، ولو استغرق الأمر سنوات.

وبدأت حماس الاستعداد لسيناريوهات ما بعد الحرب وفرضية خسارتها للسلطة في غزة واضطرار قادتها إلى مغادرة القطاع ببناء قواعد سياسية وعسكرية لها في لبنان، لتعزيز ما بدأته بشأن إزاحة منظمة التحرير الفلسطينية لتصبح هي الممثل الرسمي والوحيد للشعب الفلسطيني بالشتات.

وعكس تلويح حزب الله بورقة سلاح حماس والفلسطينيين في لبنان في هذا التوقيت، رغبته في امتلاك المزيد من أوراق الضغط على الفرقاء من التيارات اللبنانية وقيادة الدولة وسط غموض اكتنف مستقبل الحرب الجارية وعدم استبعاد انزلاقها إلى مواجهة شاملة تجعل لبنان إحدى ساحاتها الرئيسية.

ولن تكتفي إسرائيل بفرض واقع جديد في غزة، حيث تتضمن مخططاتها تأمين حدودها الشمالية عبر تطويرالمنطقة العازلة في جنوب لبنان بما يبعد مقاتلي حزب الله وباقي الفصائل المسلحة إلى شمال الليطاني.

وتستغل إسرائيل الدعم الأميركي غير المسبوق ومنحها الحرية بدون خطوط حمراء لحفظ أمنها مهما ارتكبت من تجاوزات وانتهاكات تحت ذريعة ضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر.

وعلى الرغم من حرص حزب الله على ألا يدخل في حرب مفتوحة على جبهة إسرائيل الشمالية، إلا أنه يرفض شمول نتائج الحرب الجارية تقدمًا تحرزه إسرائيل على حسابه في الداخل اللبناني عبر إجباره على التراجع، وجعل جنوب نهر الليطاني منطقة خالية من السلاح وفقًا للقرار الدولي رقم 1701 الذي صدر بعد حرب لبنان وإسرائيل عام 2006.

وفي ظل تراجع عمليات الجماعات المسلحة اللبنانية مثل الجماعة الإسلامية (ذراع الإخوان بلبنان) بات رهان حزب الله على قوات حماس في لبنان بهدف إفشال خطوة إسرائيل التالية بعد القضاء على الحركة في غزة، وهي جعل القرار الدولي رقم 1701 الخاص بإخلاء جنوب نهر الليطاني من السلاح والمقاتلين واقعا على الأرض بالقوة المسلحة.

ويُعد تطوير وضع حماس وزيادة تمكينها عسكريًا في لبنان في هذا التوقيت على صلة وثيقة بحسابات حزب الله في الجنوب ورفضه تطبيق قرار المجلس الدولي، وليس متعلقا بتطورات الأوضاع في غزة لتخفيف الضغط عن مقاتلي الحركة في القطاع، فالتدخل لهذا الهدف الأخير فات أوانه.

وفي ضوء فشل الاتصالات الدولية لتطبيق القرار وفصل جبهة جنوب لبنان عن حرب غزة عبر إبعاد حزب الله وشركائه عن الحدود، من المرجح أن تتحول المنطقة إلى ساحة لعمليات عسكرية مفتوحة.

ويحاول حزب الله من خلال هذه الخطوة التي اتخذتها حماس تغيير الوضع القائم المُؤسس على اتفاقات سابقة معقودة بين السلطات اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية التي نصت على التنسيق الكامل بين المنظمة والأجهزة اللبنانية في كل ما يخص أمن المخيمات، مع الالتزام الفلسطيني الكامل بمقتضيات السيادة اللبنانية.

ويريد حزب الله تدشين معادلة مختلفة تناقض التفاهمات والاتفاقات بين منظمة التحرير والسلطات اللبنانية لجعل الكلمة الأولى في شأن أمن وسلاح الفصائل داخل المخيمات له وحماس بعد أن كانت في السابق للسلطات اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ويحرص الحزب، ومن خلفه إيران، على ألا تحدث انتكاسة شديدة لمحور المقاومة بفقدانه خدمات حركة حماس وهي إحدى أقوى أذرعه السنية في المنطقة، أو على الأقل إضعافها بعد الحرب، ولذلك يخطط لتعويض ضعفها في القطاع بتقويتها في المجال اللبناني وتكريس سيطرتها على المخيمات من الشمال إلى الجنوب.

ويستبق حزب الله الأحداث بتعزيز هيمنته على ملف الحرب والسلم خارج إرادة الدولة اللبنانية، حتى لا تستدعي تداعيات حرب غزة مطالبته بعدم القيام بعمل عسكري دون التنسيق مع القيادة السياسية والجيش بما يتسق والأجندة اللبنانية الوطنية، فاتحا المجال لتأسيس كيان عسكري جديد يملك مفاتيح تشغيله وإيقافه لمضاعفة سطوته ونفوذه.

ويخطط الحزب، الذي لا يستطيع وفقًا للاتفاق بين أجهزة الأمن اللبنانية وقوات الأمن الفلسطيني التابعة لمنظمة التحرير، أن يتدخل في شؤون أمن المخيمات، للسيطرة عليها وسلاحها ونشاطها العسكري من خلال حليف فلسطيني يمتلك حضورا مسلحا داخلها.

وتتوزع المخيمات الفلسطينية في لبنان على خمس مناطق لبنانية، هي: بيروت وطرابلس وصيدا وصور والبقاع، وتأسست عام 1948، والمخيمات، هي: البداوي وبرج البراجنة والبرج الشمالي وضبية وعين الحلوة والبص ومار إلياس والمية مية ونهر البارد وشاتيلا ومخيم ويفل، وتأوي أكثر من مئتي ألف لاجئ.

ولا يخلو مخيم فلسطيني واحد على الأراضي اللبنانية من وقوع أحداث أمنية أو التعرض للقوى الأمنية اللبنانية أو توجيه تهم لفصائل داخله بالإرهاب وإيواء عناصر إرهابية.

ويدعم تشكيل كيان عسكري منظم لحماس في الداخل الفلسطيني عبر استغلال التطورات الجارية بالمنطقة تبعية السلاح الفلسطيني بالداخل اللبناني لحزب الله، حيث من المتوقع أن يتم تحريك الكيان الجديد وتوجيهه وفقًا لحسابات حزب الله ومصالحه وللتنفيس عن الضغوط التي يواجهها نتيجة الأزمة اللبنانية الداخلية.

ويخالف هذا التوجه ما اتفق عليه اللبنانيون منذ عام 1990 في الطائف بوجوب سحب السلاح من الفلسطينيين في المخيمات وخارجها، وما أجمعوا عليه عندما قاموا بإلغاء اتفاق القاهرة عام 1969 وشرعن العمل المسلح للفلسطينيين انطلاقا من لبنان.

وتضع تحركات حزب الله وحماس السلطات اللبنانية في حرج بالغ ما يستدعي المساءلة الدولية، خاصة أن هناك قرارات دولية تجعل كامل منطقة عمل اليونيفيل ومنطقة الطوارئ خالية من أي سلاح غير شرعي، فضلا عن قرارات مجلس الأمن القاضية بحصر السلاح في لبنان بحوزة مؤسسات الدولة الشرعية.

ويبدو التطور الخاص بشرعنة نشاط حماس العسكري في لبنان انقلابا واضحا على الرؤية الفلسطينية التقليدية التي تأسست على قراءة نقدية للوجود العسكري في لبنان منذ اتفاق القاهرة 1969، تمهيدا لسحب السلاح داخل المخيمات تأكيدا للالتزام بمقتضيات العلاقة اللبنانية – الفلسطينية والاتفاقات المبرمة بين لبنان ومنظمة التحرير.

وتعيد هذه الخيارات إلى أذهان اللبنانيين وقائع إرهاصات الحرب الأهلية اللبنانية حينما كانت المواجهات تدور بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، لذلك تنتابهم الهواجس بشأن توريط لبنان مجددا عبر تدخل فصيل فلسطيني آخر.

ولعب نقل منظمة التحرير الفلسطينية ثقلها العسكري والسياسي إلى لبنان بعد أحداث “أيلول الأسود” عام 1970 دورا محوريا في مسارات الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975، والتي أعقبها الاجتياح الإسرائيلي للبنان وإجبار ياسر عرفات ومقاتليه على المغادرة إلى تونس كونه اتخذ من بيروت مقرا للتخطيط والإعداد لشن هجمات ضد إسرائيل.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading