تلقت المعارضة السورية تطمينات من جانب الولايات المتحدة بأنها لا تعتزم اتخاذ ترتيبات جديدة بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن خيمت تكهنات بذلك دعمها تصريح الأسد مؤخرا بوجود تواصل مع واشنطن في عدة ملفات.
وبحث معارضون سوريون، مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض، التطورات في محافظة السويداء جنوبي سوريا ، خصوصا التعزيزات العسكرية التي أرسلتها حكومة دمشق إلى المحافظة مؤخرا.
وقال الكاتب والصحافي السوري، ماهر شرف الدين، إنه اجتمع، رفقة مسؤول السياسات في “التحالف الأميركي لأجل سوريا” محمد علاء غانم، مع مسؤولين في مجلس الأمن القومي الأميركي.
وأضاف شرف الدين أنه طرح بشكل صريح على المسؤولين الأميركيين، سؤالا حول احتمال وجود “تواطؤ” مع دمشق، مؤكدا أنه تلقى جوابا واضحا بعدم وجود أي تعاون بين الطرفين بهذا الأمر. وأكد شرف الدين أن البند الأبرز في الاجتماع كان الحشودات العسكرية في السويداء، موضحا أنه اختتم اللقاء بالحديث عن قضية المعتقلين السوريين داخل سجن “رومية” في لبنان.
وتوجه شرف الدين بعد الاجتماع، إلى وزارة الخارجية الأميركية لعقد اجتماع آخر مع مسؤوليها، مشيرا إلى أنه تناول موضوع التعزيزات العسكرية من قبل دمشق إلى محافظة السويداء خلال الأسبوعين الماضيين.
وأرسل النظام السوري تعزيزات عسكرية بشكل مكثف إلى محافظة السويداء حيث تتواصل المظاهرات المناهضة للحكومة جنوب البلاد.
وأفادت مصادر محلية، أن نظام بشار الأسد نقل مئات الجنود وعشرات الدبابات والمدرعات من العاصمة دمشق إلى السويداء مؤخرا.
وذكرت المصادر أن التعزيزات تم تجميعها في مطار خلخلة العسكري شمال السويداء.
وتشهد السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، مظاهرات مناهضة للنظام منذ أغسطس 2023.
وتعليقا على التعزيزات، حذر الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في السويداء من التصعيد، مؤكدا أنهم لن يتراجعوا وأن المظاهرات السلمية ستتواصل.
وانطلقت مظاهرات في العديد من مناطق السويداء بعد يوم واحد من قرار نظام الأسد زيادة أسعار المحروقات في 16 أغسطس 2023 .
وكانت السويداء بعيدة عن تأثيرات الأزمة السورية التي اندلعت في العام 2011، وحرصت المحافظة على النأي بنفسها عن الحراك الذي انفجر حينها، خشية الاحتراق بلهيبه، لكن الوضع تغير في السنوات الأخيرة وبدأت تبرز مظاهر تمرد ورفض لسلطة البعث.
ويخشى أهالي السويداء من إقدام القوات السورية على استخدام القوة ضدهم، حيث تشي التعزيزات العسكرية الضخمة التي تم استقدامها، بأن هناك مخططا يجري التحضير له لاقتحام المدينة، واستهداف المحتجين.
وحرصت الحكومة السورية منذ اندلاع الاحتجاجات في المدينة ذات الغالبية الدرزية في أغسطس الماضي على اعتماد سياسة ضبط النفس، والابتعاد عن أيّ استفزازات من شأنها تأجيج الأوضاع، خشية تكرار سيناريو 2011، لكن إقدام مجموعات أهلية مؤخرا على احتجاز عدد من الضباط بينهم عقيد، ردا على اعتقال طالب من المدينة في محافظة اللاذقية الساحلية حيث يدرس، أدى على ما يبدو إلى تحول في المقاربة الحكومية.
واعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي فايز القنطار أن “إرسال النظام السوري تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء أمر يبعث على القلق، خصوصا في غياب أيّ رد فعل من القوى الدولية الفاعلة في المنطقة، خاصة التي لديها قوات على الأرض”.
وقال الأكاديمي الذي ينتمي إلى محافظة السويداء في تصريحات صحفية “لم نسمع أو نشاهد صدور أيّ تنبيه أو تحذير لرأس النظام، الأسد، من مغبة محاولة الاعتداء والهجوم على المظاهرات السلمية التي تشهدها السويداء منذ عدة شهور”.
وأكد القنطار أنه من “الصعب التكهن بالأهداف التي يرمي إلى تحقيقها النظام من وراء إرسال مثل تلك الحشود، لكن إرهاب المحتجين يعد من أهم غاياته، خاصة بعد أن رفض أهالي المحافظة الاعتقالات التعسفية الإجرامية، والتي تعد بالأساس جزءا من طبيعة ذلك النظام منذ سيطرته على الحكم”.