لصراع السياسي حول قضية التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون بلغ أشده بين «المعارضة» التي ترى التمديد الفرصة الأخيرة قبل امتداد الشغور إلى قيادة الجيش، بعد رئاسة الجمهورية، وبين «الممانعة» التي ترى عرقلة التمديد قطعا لطريق قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية.
وهذا الصراع مرشح للتمدد إلى الشارع، وفق معلومات المصادر المتابعة لـ «الأنباء»، في حال تجاوز مجلس النواب، في جلسته التشريعية المقررة اليوم، هذا الملف وتركه على عهدة الحكومة التي ستجتمع صباح غد الجمعة وعلى جدول أعمالها 24 ملفا ومن بينها البند 23 الذي يتناول شؤون ضباط الجيش والقوى الأمنية وترقياتهم، وليس واضحا ما إذا كان التمديد للقائد ضمن هذا البند أم سيطرح من خارج الجدول ولستة أشهر بدلا من سنة، كما في المقترحات المعجلة المكررة المطروحة أمام مجلس النواب.
وضمن هذا السياق، يأتي توقيع وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم مراسيم ترقية الضباط اعتبارا من 1/1/2024 وذلك للدفعة الأولى من العام 2024 من الرتب كافة، وقد أحيلت الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفقا للأصول، كما وقع وزير الدفاع جداول القيد للضباط من رتبة ملازم أول إلى رتبة عميد وأعيدت إلى قيادة الجيش لإجراء المقتضى.
ويفهم من توقيت توقيع مرسوم الترقيات ان غايته تجهيز أحدهم ليتسلم القيادة بعد العاشر من يناير موعد تسريح قائد الجيش على افتراض انه لن ينجح التمديد له.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري أضاف إلى الجلسة التشريعية، المقررة اليوم الخميس، جلسة ثانية تعقد بعد ظهر الجمعة، ثم جرى الحديث حول أكثر من جلسة للإيحاء بأن ما لم تفعله الحكومة، صباح الجمعة، يمكن فعله مجلسيا بعدها.
لكن «المعارضة» التي تضم 31 نائبا اعتبرت ان في الأمر مكيدة لإخراج العماد عون من المسار المفضي إلى رئاسة الجمهورية، ولذلك باشرت الإعداد لوقفة اعتراضية شعبية ضد جلسة مجلس الوزراء الجمعة إصرارا على أفضلية بت الأمر في مجلس النواب.
ويعتبر حزب ««القوات اللبنانية» ومعه بكركي أن قائد الجيش بات يمثل عنوانا كبيرا لتنفيذ كل مدرجات القرار الدولي 1701 الذي يرفض حزب الله تطبيقه، ويفضل بالتالي تعيين قائد جديد للجيش تحت عباءة فريق «الممانعة».
وكان رئيس حزب «القوات» د.سمير جعجع اتصل بالبطريرك بشارة الراعي وعرض له المستجدات، وبدا ان الراعي متابع لملف التمديد بحذافيره، وقد ارتفع منسوب اهتمامه به بعد مرور أخبار عن مكيدة تحضر وتكرس تسريح القائد، في ظل غياب رئيس الجمهورية وترسل ملف التمديد إلى الحكومة. وقد أخذ الراعي وعودا من الأغلبية الساحقة بإمرار التمديد، أما الحديث عن رمي الملف عند الحكومة لتقر التمديد، ومن ثم الطعن به، فهذا سيناريو تخريبي همايوني، واستعانت المصادر بمصطلح كان يردده البطريرك الراحل نصرالله صفير عند طرح الأمور الوطنية الكبرى وفيه يقول «لقد أعذر من انذر».
وكان لافتا الهجوم غير المسبوق لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ضد قائد الجيش العماد جوزاف عون والذي تجاوز فيه كل المحرمات في السياسة كـ«خيانة الأمانة» و«عدم الوفاء».
واتسم هجوم باسيل بالطابع الشخصي ضد القائد الذي كان وفيا للمؤسسة العسكرية حصرا، ولم يخضع لمحاولات باسيل وضع اليد عليها.
وخلص ريفي إلى القول «إن هجوم الفاسدين على العماد جوزاف عون يؤكد استقامته».
وفي غضون ذلك، زار نائب بيروت الكتائبي نديم الجميل معراب، والتقى رئيس «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع بحضور نائبي بيروت عن «القوات» غسان حاصباني وجهاد بقرادوني.
وأمل الجميل ان يبقى التقارب بين «الكتائب» و«القوات» قائما بالرغم من الخلاف التكتيكي في بعض الأحيان، مؤكدا انهما في الأمور الاستراتيجية في اتجاه واحد، مشيرا إلى ان التنسيق قائم مع كل قوى المعارضة للذهاب إلى جلسة مجلس النواب أو عدم الذهاب.
ووسط هذه المعمعة الداخلية، تصل وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى بيروت، غدا الجمعة، وتنتقل مباشرة إلى الجنوب لتفقد القوة الفرنسية العاملة مع القوات الأممية في الناقورة، حيث ستطرح مجددا تنفيذ القرار الدولي 1701 قبل الانتقال إلى إسرائيل فالضفة الغربية سعيا للهدنة الإنسانية.
وفي الجنوب أيضا، تجدد تبادل القصف وإطلاق النار بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، حيث أعلن الحزب انه استهدف موقع راميا والموقع البحري في رأس الناقورة وثكنة شوميرا بـ «الأسلحة المناسبة» وقال انه حقق إصابة مباشرة. وفي المقابل، نفذ الجيش الإسرائيلي قصفا مدفعيا على محيط بلدتي الخيام وعيتا الشعب، واستهدفت غارة إسرائيلية محيط بلدة كفرشوبا في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، وغارة أخرى منطقة اللبونة الحدودية في القطاع الغربي من الجنوب.