مع اشتداد القصف الإسرائيلي على غزة، الجمعة والسبت، انقطعت كل الاتصالات في القطاع بما في ذلك الإنترنت والشبكات الهاتفية، ما عزل المدنيين وعمال الإغاثة، وأثار مخاوف منظمات قالت إنها فقدت الاتصال مع مسعفين تابعين لها.
وقالت منظمات إنسانية دولية إن قطع الخدمات الذي بدأ مساء أمس الجمعة يزيد من تفاقم الوضع المتدهور بالفعل، في القطاع، من خلال عرقلة العمليات المنقذة للحياة ومنع المنظمات من الاتصال بطواقمها الموجودة على الأرض.
وبعد مرور ثلاثة أسابيع على اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحركة حماس، طغت أخبار الوضع في غزة، على التغطية الإعلامية العالمية، لكن انقطاع خدمات الاتصالات كبح التدفق المتواصل للمعلومات والصور ومقاطع الفيديو من داخل القطاع.
في هذا السياق يقول القيادي في حركة فتح الفلسطينية، رأفت عليان، إن إسرائيل “تعمدت قطع الإنترنت حتى لا يرى العالم الذي انتقد قصفها المتواصل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ما يحدث في غزة”.
وفي حديث لموقع الحرة، أوضح عليان أن الجيش الإسرائيلي الذي يحاول توسيع عملياته البرية في القطاع “لا يريد أن يكتشف العالم ما يرتكبه في القطاع” مشيرا إلى الحصيلة الثقيلة للقتلى من المدنيين.
وأضاف “حتى قبل قطع الإنترنت عمد الجيش الإسرائيلي إلى استهداف الصحفيين” وفق تعبيره.
وتابع “إسرائيل لا تريد أي وسيلة تواصل.. الأمس كان القصف كبيرا، بينما لا يوجد عندنا معلومات عن عدد الضحايا”.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه لا يتعمد استهداف الصحفيين، لكنه لا يمكنه ضمان سلامتهم في غزة، وفق وكالة رويترز.
عليان أوضح في الصدد أن “ليس لدى الفلسطينيين عموما أي معلومات عن ذويهم في غزة، كما لا يوجد أي اتصال، لا مع الدفاع المدني في القطاع ولا رجال الإسعاف هناك”.
وتساءل الرجل عن الهدف وراء “قصف المنازل” حسب تعبيره، بينما “لم تتأثر حماس من أي من الغارات التي من المفروض أنها موجهة إليهم”.
وقال “لو تم ذلك فعلا لكان الصحفيون صوروه” في إشارة إلى خسائر حماس.
“لا تعليق”
وفي رده على سؤال موقع الحرة عن السبب وراء قطع الإنترنت على قطاع غزة رفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي التعليق واكتفى بالقول “لا نعلق على هذا الموضوع”.
لكن المحلل السياسي الإسرائيلي، عكيفا دار، قال إن الهدف من وراء قطع الإنترنت عن القطاع هو التمكن من تحقيق ما وصفه بـ”اليد العليا في الحرب”.
وأضاف في اتصال مع موقع الحرة “عندما تكون في حرب وتباشر اجتياحا بريا، جيشك يحتاج أن تكون له اليد العليا في المعارك، والتحقق من أن الاتصال بين فرق العدو، ليس ممكننا”.
وتابع “قطع الإنترنت من هذا المنظور هو جزء من التكتيكات العسكرية للجيش الإسرائيلي”.
من جانبه، استنكر الناشط الحقوقي، محمد الحميدي، قطع الإنترنت عن القطاع وتساءل في حديث لموقع الحرة، عن الأسباب وراء ذلك، وقال “نحن بصدد جريمة حرب”.
وقال “أعتقد أن قطع الإنترنت هدفه تغييب العالم عن واقع ما يحدث في قطاع غزة.. لذلك أعتبر هذا الأمر انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان”.
كما تساءل حول السر وراء ما وصفه “تقاعس” منظمات حقوق الإنسان لرصد الانتهاكات التي ترتكب في حق الفلسطينيين.
“مساس بحقوق الإنسان”
الحميدي أشار أيضا إلى أن كل المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان تؤكد على ضرورة السماح للشعوب في الاتصال، داعيا المجتمع الدولي للوقوف وقفة واحدة، من أجل السماح لسكان غزة من التمتع بحقهم في الاتصال.
وقال “المعاهدات الدولية وميثاق حقوق الإنسان على وجه التحديد يحظر قطع الاتصال بين الناس، والإنترنت تدخل في هذا الإطار”.
وتابع “أي مساس بهذا الحق يعتبر مساسا بحقوق الإنسان، وهنا نتحدث عن مساس بحق الشعب الفلسطيني في غزة في الاتصال بحرية”.
يُذكر أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أصدر قرارا عام 2016 يدين فيه التدابير الرامية إلى المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت، “مما يعتبر انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، داعيا جميع الدول إلى وقف أي تدابير من هذا النوع والامتناع عنها”.
وقالت عدة منظمات إنسانية إن إسرائيل تعمدت قطع الاتصالات في القطاع، وفق ما نقلته عنها وكالة رويترز.
وكتبت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني على منصة “إكس” تويتر سابقا “قطعت السلطات الإسرائيلية اتصالات الهاتف الثابت والهاتف المحمول والإنترنت، وهو أمر يضر بشدة خدماتنا الطبية الطارئة الضرورية”.
وتشن إسرائيل حملة عسكرية ضد غزة، منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ردا على هجوم دام نفذّه مسلحو حماس المصنفة إرهابية.
وتسلل مئات من مسلحي حماس في السابع من أكتوبر إلى إسرائيل من غزة في هجوم غير مسبوق منذ إنشاء دولة إسرائيل في 1948، أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، حسب السلطات الإسرائيلية التي أحصت 229 رهينة من إسرائيليين وأجانب ومزدوجي الجنسية.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، السبت، ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي المستمر إلى 7703 قتلى.
والسبت، واصل الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة بعد ليلة من الاشتباكات العنيفة على الأرض بين جنوده ومسلحين من حركة حماس وضربات غير مسبوقة من حيث الكثافة منذ بدء الحرب، شهدت ضرب 150 “هدفا تحت الأرض”.
وترافقت عمليات القصف الليلية غير المسبوقة مع بدء قطع الاتصالات والإنترنت عن غزة.
وعرض الميلياردير الأميركي، إيلون ماسك، السبت، توفير الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية للمنظمات المعترف بها دوليا، بعد حملة طالبته بتوفير الإنترنت الفضائي في القطاع.
وقال ماسك، في رده على منشور للنائبة الأميركية، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز قالت فيه إن قطع الاتصالات في غزة “غير مقبول” إن شركته ستحاول مساعدة منظمات الإغاثة الدولية في غزة على التواصل مع محطات إنترنت ستارلينك .