قصة حب أنطوان ولطيفة ملتقى هي استثنائية، فقد ترافقا في حياتهما الزوجية منذ عام 1959 كما في المهنة لأكثر من عقد كامل، حيث ارتبطا بمشوار تأسيسي مهم للمسرح اللبناني. فالمحامية اللامعة اشتهرت منذ الخمسينات بتجسيد مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة على أرض الواقع. وبعدها قررت التفرغ لشغفها الفني لتؤلف مع زوجها ركنين أساسيين من أعمدة المسرح اللبناني.
من أبرز المسرحيات التي اقتبسها أنطوان ولطيفة ملتقى أو ترجماها أو أخرجاها وشاركا في تمثيلها «ماكبِث» و«ريتشارد الثالث» لشكسبير. و«أوديب ملكاً» و«أنتيغون» لسوفوكليس. و«الذباب» لجان بول سارتر و«عرس الدم» لغارسيا لوركا. كما قدما معاً مسرحيتي «سوء تفاهم» و«كاليغولا» لألبير كامو.
وفي عام 1980 أسسا «مسرح مارون النقاش» على اسم رائد المسرح العربي. وأعداه ليكون مكاناً تجري عليه مختلف اختبارات الفضاء المسرحي. وأضافا إلى المسرح نكهة فلسفية جميلة وهادفة. مسيرتهما الطويلة كانت بمثابة شراكة أبدية، فرفيقة الدرب لطيفة أرست معه قواعد وأسس المسرح الجاد. فتفاعل الجمهور معهما وشاركهما إبداعهما، وكذلك عشقهما اللامحدود للمسرح الطليعي.
عمل الراحلان في قسم التمثيل في الجامعة اللبنانية للفنون الجميلة، وتخرج من تحت يديهما نخبة من الممثلين المسرحيين المشهورين.
نعى الممثل والكاتب والمخرج كميل سلامة لطيفة شمعون ملتقى، كاتباً على صفحته بـ«فيسبوك»: «هي أول شخص وثق بي وعلمني… مدام لطيفة لقد أعطيتني الشمعة… شمعة حب المسرح والجميل بأن هذه الشمعة لا تنطفئ شعلتها». وعبر منصة «إكس» نعاها عدد كبير من الممثلين والفنانين. وكتبت كارمن لبس تقول: «الرائدة والكبيرة والعظيمة بصمتها لن يمكننا نسيانها يوماً. وكان لي الشرف العمل معها في العمل التلفزيوني «ابنة المعلّم». فيما كتب الممثل رفعت طربية، الذي رافق الثنائي في مشوارهما المسرحي: «حتى الموت لم يفرق بينهما، لطيفة ملتقى، الوداع، أنطوان ناطرك كي تبنيا معاً مسرح السماء».
من أشهر أعمال ملتقى التلفزيونية «عشرة عبيد زغار» الذي قدمته أيضا بمشاركة زوجها أنطوان. ولا يزال حتى اليوم وبعد مرور أكثر نحو 50 عاما على عرضه محفور في ذاكرة اللبنانيين.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» وصف نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي لطيفة ملتقى بأنها «امرأة عظيمة»، متابعاً: «لقد لحقت بشغفها الفني تاركة مهنتها الأساسية في المحاماة. وهي مع زوجها شكلا ثنائياً استثنائياً قد لا يتكرر في لبنان. فاستحدثا معا قسم تدريس فنون المسرح في الجامعة اللبنانية. وهما سبقا بذلك معاهد وجامعات فرنسا».
واعتبر بدوي أن لطيفة شمعون ملتقى وزوجها يعدان من العلامات الفارقة والمضيئة في سماء لبنان وثقافته عبر التاريخ. وختم يقول: «لقد كانت توأم روحه لأنطوان ملتقى وترجمت ذلك بالفعل عندما لم تستطع تحمل فراقه لأكثر من 40 يوماً. لقد تركانا بالجسد ولكن بصمتهما المسرحية ستبقى حاضرة».
ويحتفل بالصلاة لراحة نفسها بعد ظهر الجمعة 12 الحالي في كنيسة مار نهرا في منطقة فرن الشباك.