فالرهان على أن العام الجديد لن يكون امتداداً للعام الذي انقضى، يفتح الباب أمام طرح مجموعة من الأسئلة، يتصدرها ارتفاع منسوب المخاوف حيال احتمال ترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد انتهاء الحرب في غزة، في ضوء إصرار «حزب الله» على مساندته لحركة «حماس» بوصفها من أولوياته، وهذا ما يكمن في حصر مواقفه في توفير الدعم لها، من دون أن يلتفت قادته إلى الملفات الداخلية التي أخذت تتراكم بغياب الحلول لها.
وتسأل مصادر سياسية لبنانية عن وجود إمكانية لفتح كوّة في انسداد الأفق أمام انتخاب رئيس للجمهورية؟ وأين يقف «حزب الله»؟ وما مدى صحة ما يتردد؛ بأنه لا يحبّذ انتخابه، على الأقل في المدى المنظور، وأنه يفضّل التريّث في تحديد أولوياته وصولاً لإعادة ترتيبها على إيقاع ما ستؤول إليه الحرب في غزة.
وتلفت المصادر إلى أن «حزب الله» لا يحبّذ، من وجهة نظره، إقحام نفسه في لعبة حرق المراحل، بمعنى أنه يحتفظ لنفسه بكلمة السر في كل ما يتعلق بانتخاب الرئيس، إلى ما بعد جلاء الموقف على الجبهة الغزاوية، وإن كان لا يزال من مؤيدي رئيس تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية.
وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تريث «حزب الله» سيبقى قائماً إلى ما بعد وضوح الرؤية السياسية على الجبهة الغزاوية، للتأكد مما إذا كان من أولويات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الالتفات إلى الجبهة الشمالية، للثأر من الحزب على مساندته لـ«حماس». وترى أن «حزب الله» سيضطر في هذه الحالة لإعادة ترتيب أولوياته في تصدّيه لنتنياهو إذا ما أراد الالتفات إلى الجبهة الشمالية لتصفية حساباته معه، وهذا ما يملي عليه الدخول في كباش سياسي مع المعارضة لتهيئة الظروف السياسية التي تمكّنه من المجيء برئيس للجمهورية يكون على قياس الأولويات التي رسمها الحزب لنفسه.
وترى هذه المصادر أن الحزب سيواجه معارضة نيابية وسياسية إذا ما أراد المجيء برئيس يدير الأزمة، بدلاً من انتخاب مَنْ يتمتع بالمواصفات التي حددها المجتمع الدولي، وتتمسك بها اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر شرطاً لمساعدة لبنان ووقف انهياره، للعبور به إلى مرحلة التعافي على كل المستويات.
وتؤكد المصادر ذاتها أن الرئيس المنتخَب سيُضطر للتدخل، إذا بقي الوضع في جنوب لبنان على حاله، إذا ما تعذّر إعادة الاعتبار للقرار الدولي (1701). وتقول إن الحزب تفرّد في اتخاذ قراره بمساندة «حماس» من دون التنسيق مع الحكومة التي فضّلت تفادي الدخول معه في اشتباك سياسي، رغم أن رئيسها، نجيب ميقاتي، يتواصل باستمرار بالمعاون السياسي لأمين عام الحزب حسين خليل.
وتؤكد المصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لتعويم القرار «1701» ليأخذ طريقه إلى التطبيق، شرط انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، وإخلاء «حزب الله» منطقة جنوب الليطاني، بحيث لا يبقى فيها أي سلاح غير السلاح الشرعي، إفساحاً في المجال أمام الجيش اللبناني، بمؤازرة القوات الدولية (يونيفيل) للإمساك بالأمن في هذه المنطقة.
وعليه، كيف ستتصرف المعارضة إذا أصرّ «حزب الله» على ترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد انتهاء الحرب في غزة؟ وماذا سيقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي أخذ على عاتقه أن يبقى انتخاب الرئيس شغله الشاغل فور انتهاء عطلة الأعياد؟ وهل يتناغم مع حليفه (حزب الله) الذي يتبع التوقيت «الغزاوي» لتمديد الشغور الرئاسي، خصوصاً أن لترحيله علاقة مباشرة بما كان أعلنه سابقاً أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، بانتخاب رئيس يرتاح له ولا يطعنه في الظهر.
لكن، من غير الجائز، كما تقول المعارضة، أن يشطب الحزب الآخرين من المعادلة السياسية ويتفرد وحلفاؤه في الممانعة بفرض رئيس ينتمي إليه، ولا يقف على مسافة واحدة من الجميع، ولديه القدرة على الجمع بين اللبنانيين، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية خريطةَ طريق لمساعدة لبنان على تخطي أزماته.