صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

“هل هناك أحداث أمنية قادمة؟”.. تحذيرات الخليجيين لرعاياهم تثير قلق اللبنانيين

بقلم : أسرار شبارو - تفاجأ اللبنانيون ليل الجمعة الماضي، بطلب السفارة السعودية من رعاياها مغادرة لبنان بسرعة، لتكرّ بعدها سبحة البيانات الخليجية المتشابهة من حيث المضمون والمتفاوتة من حيث شكل التحذير ودرجة خطورته، فطلبت الإمارات والبحرين من رعاياهما الأمر ذاته، في حين اكتفت قطر والكويت وعُمان بالدعوة إلى توخي الحذر.

ومما جاء في بيان السفارة السعودية الذي نشرته على منصة “إكس”، المعروفة سابقا باسم “تويتر” “تود السفارة تحذير المواطنين الكرام من التواجد والاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، كما تطالب المواطنين بسرعة مغادرة الأراضي اللبنانية، وأهمية التقيد بقرار منع سفر السعوديين إلى لبنان”.

وحذت الإمارات حذوها، حيث أكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نشرته عبر حسابها الرسمي على ذات المنصة أنه “حفاظاً على سلامة مواطني الدولة، تؤكد وزارة الخارجية أهمية التقيّد بقرار منع سفر مواطني دولة الإمارات إلى لبنان الصادر مُسبقا”. كذلك طلبت وزارة الخارجية البحرينية من مواطنيها مغادرة الأراضي اللبنانية، بسبب “النزاع المسلّح”، وذلك حفاظا على سلامتهم.

أما السفارة الكويتية لدى لبنان فأهابت في بيان بمواطنيها المتواجدين في الجمهورية اللبنانية التزام الحيطة والحذر والابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة، من دون أن تطلب منهم المغادرة.

ودعت سفارة قطر لدى لبنان، المواطنين القطريين الزائرين لهذا البلد إلى “اتّخاذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن المناطق التي تشهد الأحداث الحاليّة، والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة”.

ودعت سفارة سلطنة عُمان في بيروت، كافة مواطنيها المتواجدين على الأراضي اللبنانية إلى “ضرورة توخي الحذر، والتقيد بكافة الإجراءات الأمنية بالابتعاد عن المناطق التي تشهد صراعات مسلحة مع اتباع الإرشادات الأمنية الصدارة من جهات الاختصاص”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

كذلك طلبت السفارة الألمانية من رعاياها في ‫لبنان الاتصال وتحديث بياناتهم وأماكن تواجدهم والابتعاد عن أي منطقة اشتباكات.

ونفى السفير الألماني لدى لبنان، في تغريدة، أن تكون بلاده طلبت من رعاياها مغادرة البلاد.

دعوات دول الخليج وألمانيا أثارت مخاوف اللبنانيين، ودفعتهم إلى طرح علامات استفهام حول الأسباب الكامنة خلفها، وفيما إن كان لدى هذه الدول معلومات عن أحداث أمنية سيشهدها وطنهم، كوقوع حرب بين حزب الله وإسرائيل لاسيما مع ارتفاع منسوب التوتر على الحدود، أم أن الأمر يقتصر على ما شهده مخيم عين الحلوة من اشتباكات، والخشية من انفجار الوضع مجددا وتمدد المعارك إلى مخيمات أخرى للاجئين الفلسطينيين.

طمأنة رسمية

وحاول رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، طمأنت الدول التي حذرت رعاياها في لبنان، كاشفا في بيان السبت الماضي، أنه “بنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والأمنية، أفادت المعطيات المتوافرة أن الوضع الأمني بالإجمال لا يستدعي القلق والهلع، وإن الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة قطعت أشواطا متقدمة”.

وكلّف ميقاتي وزير الخارجية والمغتربين، عبد الله بو حبيب، “التواصل مع الأشقاء العرب لطمأنتهم إلى سلامة مواطنيهم في لبنان”، ويوم الاثنين كرر ميقاتي خلال جلسة لمجلس الوزراء أن “معطيات الأجهزة الأمنية لا تدل على أي وضع أمني استثنائي. هناك اضطراب في مخيم عين الحلوة، والأحد عقدت اجتماعاً مطولاً مع القيادة الفلسطينية في لبنان ومسؤولين أمنيين لبنانيين واتفقنا على آلية معينة التزم بها الفلسطينيون، وصدر بيان فلسطيني بهذا الصدد”.

وكررت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في بيانها، تأكيدها على تثبيت وقف إطلاق النار الشامل والدائم في مخيم عين الحلوة، وسحب كافة المسلحين من الشوارع وفتح الطرقات، داعية لجنة التحقيق التي شكلتها إلى “الاستمرار في عملها لتحديد المتورطين في عملية الاغتيال الإجرامية التي استهدفت قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا أبو أشرف العرموشي، وكذلك في عملية اغتيال عبد الرحمن فرهود، لتسليمهم إلى القضاء اللبناني بأسرع وقت”، كما دعت “كافة العائلات التي نزحت بسبب الاشتباكات للعودة إلى منازلهم في المخيم”.

وأبدى رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، استغرابه من بيانات السفارات، قائلا إن “حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهّمه، ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة”، مشيرا إلى أن الوضع في عين الحلوة هادئ منذ أيام، “فلماذا تلك البيانات”؟ مضيفا في تصريح تلفزيوني، أنّ “لا شيء أمنيا يستدعي ذلك”.

أما وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسام مولوي، فكشف أن “الاتصالات الأمنية والسياسية مستمرّة بشكل حثيث لتسليم المجرمين والمتورطين الذين تسبّبوا باندلاع جولة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان”، لافتا إلى ألا معطيات أمنية حول إمكانية تطور الأمور وخروجها عن السيطرة إلى مخيمات أخرى”.

وأكد مولوي لدى ترؤسه، الاثنين، اجتماعا لمجلس الأمن الداخلي المركزي، على أن “الأجهزة الأمنية لن تسمح بانفلات المعارك إلى خارج حدود المخيم”، مشددا على أنه “يجب وضع حدّ للتفلت الأمني حفاظا على سمعة الدولة والشرعية اللبنانية”.

وأعرب مولوي عن رفض بلاده أي دعم للتنظيمات المسلحة والمتطرّفة الموجودة في الأراضي اللبنانية، قائلا “لن نترك مجالا لمن يريد تحويل لبنان وأمنه إلى صندوق بريد لتوجيه رسائل سياسية أو تبادل الرسائل الأمنية، ولن ننجرّ إلى أي مكان آخر، وسنكون بوجه كل مسلّح على الأراضي اللبنانية، متطرف ومتشدد، يتسبب بأي اشتباكات أو أذى للبنانيين والموجودين على أرضه، ويحصل على تمويل من جهات خارجية، ويؤثر على الأمن اللبناني”.

وبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) فإن مخيم عين الحلوة هو الأكبر من بين 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث يقطن حوالي 80 ألفا من بين ما يصل إلى 250 ألف لاجئ فلسطيني في جميع أنحاء البلاد.

قراءات متعددة

وانقسم اللبنانيون في تحليلاتهم لخلفية القرارات الخليجية التحذيرية، منهم من اعتبرها طبيعية في ظل ما شهده مخيم عين الحلوة من اشتباكات، من بين هؤلاء رئيس مركز “الشرق الأوسط للدراسات”، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، الذي يشدد على أن “القرار السعودي وما تبعه من قرارات مشابهة، أعطيت حجما أكبر من حجمها الطبيعي”.

يقول جابر في حديث لموقع “الحرة”، “من الطبيعي بعد اشتباكات عين الحلوة، أن تذكّر المملكة رعاياها بقرار منعهم من السفر إلى لبنان، والطلب ممن يحصلون على إذن خاص لأسباب عائلية أو اقتصادية لزيارة لبنان ومن السعوديين الذين يدخلون خلسة إليه قادمين من دول أوروبية، بالعودة إلى وطنهم، كما أنه من الطبيعي عند حدوث أي حدث أمني، أن تدعو السفارات مواطنيها إلى توخي الحذر والابتعاد عن مناطق الخطر والاشتباكات من أجل سلامتهم”.

لكن للمحلل السياسي نضال السبع قراءة أخرى لخلفية هذه القرارات، حيث يشرح لموقع “الحرة” أنه “في المشهد اللبناني، يبدو أن صاحب القرار في الرياض تقاطعت لديه معلومات، بعد أحداث عين الحلوة وسط القلق من احتمال تمدد الاشتباكات، إضافة لما حصل في قرية الغجر وتهديدات مسؤولين إسرائيليين للبنان، أما في المشهد السوري فقد عاد منسوب التوتر إلى الارتفاع، لاسيما بعد التدريبات التي تجريها القوات الأميركية في قاعدة التنف وإعادة تنظيمها صفوف المعارضة السورية وخاصة قوات سوريا الحرة، وكذلك استقدام قوات سوريا الديمقراطية تعزيزات عسكرية كبيرة الشهر الماضي على الخط الفاصل على نهر الفرات، مقابل مناطق سيطرة جيش الأسد”.

ويضيف “من ناحية أخرى تراجع منسوب الإيجابية الذي خّلفه توقيع الاتفاق السعودي الإيراني، إذ يبدو أن الأمور متجهة نحو التأزم، والدليل على ذلك أن المملكة لم تعاود بعد فتح سفارتها في طهران، والخلاف المستجد حول حقل الدرة وأحقية السعودية والكويت به واصرار إيران على ادعاء أن لديها حق الاستثمار فيه”.

وبغض النظر عن خلفية القرارات التحذيرية، فإنها كانت مفاجئة، بحسب ما يصف المحلل السياسي فيصل عبد الساتر، ويقول “هذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على أن تعاطي هذه الدول مع لبنان خارج عن الأعراف والمنطوق الدبلوماسي، وأنه يتم وفقا لكل حدث وأزمة ممكن أن تلوح في الأفق”.

يشير عبد الساتر في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “البيان السعودي استخدم عبارة مناطق الاشتباكات، يعني تحدث بالجملة ولم يتحدث عن اشتباك معين في منطقة معينة، وكأن المطلوب أن يكون هناك اشتباكات في أكثر من منطقة في لبنان، مع العلم أن دولا عدة تشهد حروبا ولا تستدعي من السفارات إصدار مثل هذا النوع من البيانات، فكيف إذا كانت سفارات دول عربية، ولبنان دولة عربية يحتاج إلى تعاضد هذه الدول معه، ولا أعتقد أن اشتباكات عين الحلوة مدعاة لجلب هذا النوع من البيانات”.

ما جرى بحسب عبد الساتر “يأتي في سياق إقليمي ودولي ومحلي كله بدأ يتصادم بشكل غير منطقي وغير طبيعي” ويضيف “عمليا إذا حاولنا تفكيك شيفرة ما يحصل، نجد تباطؤا في عودة العلاقات السعودية الإيرانية، والعلاقات السعودية السورية، وغياب الحلول الواضحة لحرب اليمن، ولبنانيا أضيف على مشهد التعقيد السياسي مشكلة طلب هذه الدول من رعاياها المغادرة ليزيد من الضغوط على اللبنانيين، خاصة أن لبنان على موعد مع التنقيب عن النفط أواخر هذا الشهر”.

إرباك وانعكاسات

ربط محللين سياسيين البيانات التحذيرية بالخلاف السعودي الإيراني، وكذلك ربطه بسوريا وتعثر تطبيع العلاقات بعد القمة التي دعي إليها بشار الأسد، غير دقيق كما يرى جابر، ويشرح “ملف اليمن هو الملف الأساسي بين إيران والسعودية وليس لبنان، وفي ما يتعلق بسوريا فإن السعودية تعلم أن نتائج القمة لن تحصل في وقت قصير بعدما دعت الأسد بهدف استبداله العباءة الإيرانية بالعباءة العربية، ولا علاقة لكل ذلك بدعوة السعودية رعاياها لمغادرة لبنان”.

يشدد جابر على أن “الوضع الأمني في لبنان جيد، أما في ما يتعلق بمخيم عين الحلوة، فقد أوقف إطلاق النار لكن الحرب لم تنته بعد، كون ما يجري في المخيم نزاع إقليمي لم يحل، وما حصل قبل أيام هو الحلقة ما قبل الأخيرة في مسلسل الصراع الفلسطيني- الفلسطيني في المخيمات، والحلقة الأخيرة إما أن تكون دراماتيكية أي أن نشهد جولة قتال حاسمة، أو سعيدة من خلال الاتفاق على جمع السلاح الثقيل في المخيمات ووضعه تحت مراقبة فلسطينية لبنانية”.

كما يشدد جابر على ضرورة فصل وضع مخيم عين الحلوة عن التحدي اللبناني الإسرائيلي، مؤكدا على أن احتمال اندلاع حرب بين الطرفين لا يتجاوز الـ 5 في المئة “كون أي من حزب الله وإسرائيل لا يريد تحمل مسؤولية إطلاق الشرارة الأولى لها” لافتا إلى أن “الوضع الأمني الجنائي في لبنان بألف خير وأفضل من العديد من الدول”.

ومساء الاثنين، وضع السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري حدا لتحليلات خلفية البيانات الخليجية، كاشفا أن دعوة السعوديين لمغادرة البلد “أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة”، وأن “المملكة حريصة على مواطنيها أينما وجدوا ولا يمكن أن تفرط بهذا الموضوع، وكانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان وأن الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حل أزمتهم”.

وقبل تصريح بخاري، قال المحلل السياسي السعودي الدكتور خالد باطرفي لموقع “الحرة” “رغم أنه لم يصدر بيان أو توضيح من المملكة حول خلفية قرارها إلا أنه يبدو أن له صلة بأحداث عين الحلوة وتداعياتها”.

وأضاف “نحن أيضاً نتساءل فيما إن كان هناك شيء خفي أو أن الأمر يتعلق فقط بالمناوشات والاشتباكات بين بعض الجهات، وللتذكير يوجد قرار سعودي بمنع السفر إلى لبنان إلا للضرورة القصوى، وبالتالي عدد السعوديين الموجودين في هذا البلد قليل”.

المؤكد أن دعوة السفارات الخليجية لرعاياها بمغادرة لبنان أو توخي الحيطة والحذر، أدى إلى إرباك في الساحة اللبنانية، وقد يدفع بحسب السبع “بعض المغتربين إلى قطع إجازتهم والعودة إلى دول الاغتراب خشية من أي حدث أمني”، كذلك يرى عبد الساتر أن هذا النوع من البيانات يخلق “حالة من الهلع قد تؤثر على الموسم السياحي وعلى الواقع الاقتصادي، وتدفع اللبنانيين إلى التفكير فيما إن كان هناك عمل أمني وعسكري قيد التحضير، وكل القوى الأمنية تشير إلى ألا شيء يدعو إلى خوف وهلع اللبنانيين أو من يتعاطى مع لبنان بالسياسة”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading