صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

هل فشل الرهان على “عصا العقوبات” لتحريك الملف الرئاسي في لبنان؟

بقلم : دنيز رحمة فخري - لم تنجح كل المحاولات الداخلية والمبادرات الخارجية والضغوط الدولية في تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي واستمر الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بل وتراجع الاهتمام بالملف بعد اندلاع حرب غزة، وبات مصير الرئاسة ومعها مستقبل البلاد القريب معلقاً بنتائج هذه المعارك.

وخرق المشهد الرئاسي في الأسابيع الماضية حراك محدود مستجد لسفراء المجموعة الخماسية سعياً لفك ارتباط الملف الرئاسي بحرب غزة، استهله سفراء الدول الخمس (أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) بلقاء تشاوري في دارة السفير السعودي لدى بيروت وليد البخاري وآخر مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يسجل تقدماً رغم تسريب رئيس المجلس كلاماً عن تطابق الآراء مع ممثلي الدول الخمس، ليعود السفراء ويلتقوا في دارة السفير الفرنسي هيرفي ماغرو في قصر الصنوبر.

وبقيت في المقابل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المرتقبة إلى لبنان في حكم التكهنات وإن كانت لا تزال قائمة وفق ما تؤكد مصادر دبلوماسية فرنسية لكنها غير محددة حتى هذه اللحظة كاشفة أن لودريان ناشط في الكواليس كما فرقاء المجموعة الخماسية من أجل الدفع باتجاه حصول الانتخابات الرئاسية في لبنان.

وينقل مصدر دبلوماسي عن أجواء المجموعة الخماسية قولها إنها في المرحلة المقبلة لن تطرح أسماء ولن تضع “فيتوهات” على أي اسم وأن لقاءاتها تهدف إلى البحث عن آلية محددة يمكن أن تخلق مساراً معيناً يوصل لانتخاب رئيس.

وكان بري اشترط مجدداً عقد حوار للاتفاق على الرئيس قبل تحديد موعد الجلسة رقم 13 للانتخاب، ورفضت قوى المعارضة دعوته خصوصاً أنها ترافقت مع تمسك الثنائي الشيعي بمرشحهما رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. واعتبر عدد من القوى الرافضة لفرنجية أن الحوار يهدف إلى فرض مرشح “الممانعة” وجددت المطالبة بتطبيق الدستور والذهاب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.

ووسط انسداد الأفق تراجعت أيضاً الآمال المعلقة على الضغوط الدولية والمبادرات الخارجية التي كان يمكن أن تسهم في تحريك الملف الرئاسي، وعلى رغم الرهان في فترة سابقة على عصا العقوبات التي كان لوح بها الأوروبيون ومن ثم الأميركيون ولاحقاً المجموعة الخماسية في وجه معطلي انتخاب الرئيس في لبنان، إلا أن أي آلية جديدة للدفع باتجاه انتخاب الرئيس لا تلحظ حالياً ورقة العقوبات، التي تبين أنها بقيت في المرحلة السابقة حبراً على ورق وللاستخدام الإعلامي ولم ترق إلى مستوى التنفيذ وكأن مهمتها كانت فقط للتهويل.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

لماذا استبعدت حالياً العقوبات؟

وقال مصدر دبلوماسي أوروبي في حديث لـ”اندبندنت عربية” إن مبدأ العقوبات وإمكانية فرضها على مسيري الشأن العام السياسي في لبنان من قبل المجموعة الخماسية لا يزال مطروحاً ووارداً من حيث الفكرة، لكنها لم تحظَ بإجماع داخل المجموعة منذ البداية، لذلك وضعت حالياً على الرف المنظور كرادع ليس إلا.

وكشف المصدر أن خيار فرض عقوبات على معطلي الاستحقاق الرئاسي شكل عامل تباين داخل المجموعة الخماسية عندما ناقشت الموضوع في اجتماع الدوحة، وانتهى النقاش باعتماد صيغة التلويح باتخاذ “إجراءات” في حق معرقلي الرئاسة. وناقش المجتمعون حينها فكرة أن فرض العقوبات لن يفيد لبنان إيجاباً، بل ستكون نتائجها معاكسة وتعرقل الحلول والإمكانية في تجاوز الأزمة، ومن أصحاب هذا الرأي كان الفرنسي والسعودي بشكل مباشر، فيما كانت أميركا ومصر أكثر حماساً لاتخاذ إجراءات تدفع باتجاه انتخاب الرئيس ومن بينها خيار العقوبات قبل أن تعود وتمشي برأي باريس والرياض.

وبحسب المصدر نفسه، فإن التهديد بفرض العقوبات لم يبلغ مرحلة تحديد الأشخاص أو المجموعات المعنية، لكن الدول الخمس لوحت بفرضية إنزال العقوبات على من وضعوهم تحت خانة معرقلي الاستحقاق الرئاسي وكل من يحاول مخالفة الدستور والقانون وتعريضه النظام السياسي للخطر فقط.

ولم تتحدث الدول بشكل تفصيلي عن الأسماء المعاقبة بشكل رسمي، تجنباً من تحميل الشعب اللبناني الأعباء، لاقتناعهم بأن العقوبات إن فرضت فلن تؤثر إلا على الشعب اللبناني، وهم يريدون مساعدته لا معاقبته.

بدوره، أوضح مصدر دبلوماسي آخر أن مسألة العقوبات لم تعد مطروحة بعد حرب غزة، مشيرة إلى أن الأولويات تغيرت، وأضحى هناك متغيرات مختلفة على الواقع السياسي تستوجب التعامل معها في لبنان بطريقة سلسة أكثر وبغير أسلوب العقوبات فقط، أما إمكانية العودة إليها من عدمها فهي رهن التبدلات على صعيد عناصر وأسس المرحلة المقبلة.

هل تأثر المعطلون؟

كانت الدول الخمس في المجموعة الخماسية آخر من هدد بالعقوبات أو “الإجراءات في حق أعضاء البرلمان اللبناني، في آخر اجتماع عقد لها في الدوحة في يوليو (تموز) 2023 بحضور مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان. وكان قد مضى على الفراغ الرئاسي وتعطيل الانتخابات في مجلس النواب تسعة أشهر”.

وسبق أن دعت الدول الخمس في البيان الذي صدر عن الاجتماع، “أعضاء البرلمان اللبناني إلى الالتزام بمسؤوليتهم والشروع في انتخاب رئيس للبلاد”، مشيراً إلى أنه “تمت مناقشة اتخاذ إجراءات ضد من يعرقل ذلك”.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أي بعد شهر واحد على الفراغ الرئاسي، لوَّح الاتحاد الأوروبي بورقة العقوبات مهدداً بتنفيذها في حق أفراد وكيانات في لبنان تمنع الخروج من الأزمة، وذلك بعد الإعلان عن تمديد صلاحيات “اتفاق الإطار” الخاص بالعقوبات الأوروبية المتعلقة بلبنان، المتفق عليه في يوليو (تموز) 2021 حتى عام 2023.

وأعقب قرار الاتحاد الأوروبي التجديد لإطار العقوبات الخاصة بلبنان عاماً إضافياً، الذي صدر بإجماع الدول الأعضاء الـ27، صدور بيان عن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل دعا من خلاله القيادات اللبنانية إلى تنظيم انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة بأقصى سرعة، واستخدم صيغة التذكير في التلميح غير المباشر لعواقب التعطيل والمسؤولين عنه، فذكر بإطار العقوبات الذي صدر عن الاتحاد الأوروبي في يوليو 2021، الذي يسمح وفق ما جاء في البيان “بفرض إجراءات تقييدية على الأفراد أو الكيانات التي تمنع الخروج من الأزمة”.

وبعد سبعة أشهر على الشغور الرئاسي في لبنان، تطور الموقف الأميركي من التلميح بفرض عقوبات إلى التهديد بتنفيذها. وخلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية الفرعية في مجلس الشيوخ كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بربارا ليف أن بلادها “تعمل مع الأوروبيين لدفع البرلمان اللبناني إلى القيام بواجبه في انتخاب رئيس للبلاد”. حينها أعلنت أن إدارة بايدن تنظر في إمكانية فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين على خلفية عدم انتخاب رئيس.

وكشف مصدر دبلوماسي في واشنطن أن الكونغرس الأميركي على مستوى مجلسي النواب والشيوخ أرسل ثلاث رسائل إلى الإدارة الأميركية وصلت إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأخرى شفهية تطالب بفرض عقوبات على معطلي الاستحقاق الرئاسي في لبنان وأن تشمل رئيس مجلس النواب لتمنعه من تحديد موعد لجلسات الانتخاب.

وأكد المصدر أن بري أبلغ بهذه الرسائل، وكثف على أثرها اتصالاته من خلال السفارة الأميركية لدى بيروت والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين. وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز والعضو البارز في اللجنة جايمس ريتش، أرسلا رسالة خاصة إلى الرئيس الأميركي، تضمنت للمرة الأولى إشارة إلى موقف الرئيس بري السلبي من الاستحقاق الرئاسي.

وجاء في هذه الرسالة، “ما زلنا محبطين من الجمود السياسي المستمر، الذي صممه (حزب الله)” وحلفاؤه مثل نبيه بري، لإضعاف المعارضة في مواجهة مرشحه المفضل على حساب المرشحين الذين يتمتعون بدعم أوسع وأكثر استعداداً لمواجهة تحديات لبنان العديدة”.

واعتبر البعض أن الجلسة الخامسة التي دعا إليها بري لانتخاب الرئيس في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 ولاحقاً الجلسة رقم 12 في 14 يونيو (حزيران) 2023 كانتا بسبب التلويح الدولي وخصوصاً الأميركي بعصا العقوبات.

وعلى رغم ذلك فإن هذا التلويح بالعقوبات لم ينجح في أكثر من ذلك خصوصاً أن بري تبلغ بعد سلسلة اتصالات أجراها، أن الإدارة الأميركية رفضت الضغط عليه تخوفاً من انقطاع التواصل بشكل نهائي مع الفريق الشيعي في لبنان، وأنها حريصة على إبقاء العلاقة معه، خصوصاً أن واشنطن تعمل عبر الإدارة الحالية على تسوية للحدود البرية بين لبنان وإسرائيل والمفاوض الأساس فيها بري مكلفاً من “حزب الله”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading