واعتبر البطريرك الراعي خلال المؤتمر، «أنّ المسؤولين اللبنانيين لا يجلسون معاً على طاولة الحوار، لأن مصالحهم الخاصة أهم من المصلحة العامة، لذلك أدعو الى عقد مؤتمر دولي»، هذه الدعوة ووفق ما قالت مصادر الصرح البطريركي لـ «الديار» اتت بعد هواجس الراعي ومخاوفه على مصير لبنان، لانّ الاوضاع تتجه نحو الاسوأ ولا يوجد اي بصيص أمل بإمكان إيجاد حل حتى اليوم، بالتزامن مع فراغ رئاسي طويل وفق ما تشير المعطيات، وهذا مخيف لبلد كلبنان مطوّق بالازمات والمصاعب اليومية، لذا ارتأت بكركي أنّ هذه الدعوة هي افضل الحلول، لكن كالعادة قوبلت بالرفض والجدل والاتهامات، حتى وصلت الامور الى اعتبار الدعوة تدويلاً للبلد، فيما كل الوساطات التي جرت لعقد طاولة حوار لم تنفع، ولم يوافق عليها سوى القليل من الافرقاء السياسيين، وهم يعرفون ضمناً انها لن تعقد.
ورأت مصادر الصرح «انه مع غياب اهل السلطة والسياسيين عن القيام بدورهم في إنقاذ الوضع المخيف، وإعطاء الحلول للازمات والانهيارات التي تتوالى على لبنان واللبنانيين، دخل البطريرك الماروني على خط الانقاذ، وهو يملك حق اتخاذ القرار في الامور المصيرية، التي من شأنها المحافظة على لبنان ككيان ووجود، لذا اختار الحلول المنطقية التي لا تشكل استفزازاً لأحد، وانطلاقاً من هنا، يردّد الراعي مواقفه، ومنها ضرورة الالتزام بالحياد، للحد من دفع الاثمان الباهظة، والسبب الرئيسي لتلك الاثمان هو الانحياز وتعدد الولاءات، وأي مقاربة جديدة لوجودنا اللبناني يجب أن تنطلق من اعتماد الحياد، لنحافظ على وجودنا الموحّد والحر والمستقل».
الى ذلك علقّت مصادر سياسية مسيحية، على الانتقادات التي توجّه من جديد الى البطريرك قائلة: «الراعي كان وما زال يوجّه الرسائل العربية والدولية، آملاً النظر الى قضية لبنان من دون ربطها بأي بلد آخر، وبإلإسهام في إبعاده عن الصراعات الإقليمية، وبدعم مشروع حياده كمدخل لإستعادة استقراره، كي لا يكون كبش محرقة او جائزة ترضية للبعض، من هنا يعتبر انّ لبنان المنهار يستوجب أن تطرح قضيته في مؤتمر دولي خاص، برعاية الأمم المتحدة، مهمته توفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني، تمنع التعدّي عليه والمسّ بشرعيّته، وتعالج حالة غياب السلطة الدستورية، لذا دق ناقوس الخطر ليسمع الجميع، لكن وكالعادة جوبه بالرفض من قبل البعض، عبر انتقادات وتهويلات من بعض السياسيين، ومناصريهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن على هؤلاء المعارضين لمواقفه، ان يعلموا بأنّ بكركي تنطلق من اسس شرعية، خصـوصاً ان موقعها في المعادلة اللبنانية كبير”.
واشارت المصادر المذكورة الى اننا ننتظر ما ستؤول اليه التطورات الداخلية والإقليمية والدولية، وما سينتج منها من تسوية قد تشمل لبنان، وفي انتظار ذلك يجهد البطريرك الراعي للوصول الى خيار رئيس توافقي يرضى عنه الجميع، وتأتي جهود سيّد بكركي بعد محاولات حثيثة قام بها، لتقريب وجهات النظر بين مختلف القيادات السياسية، كي يكون على مسافة واحدة من الجميع، لكنه كان وما زال يصطدم بالبعض، ما يجعله اليوم امام مهمة حماية موقع الرئاسة الاولى، وضرورة إيصال رئيس للبنان، وإلا فالضرر الاكبر سيلحق بالمسيحيين اولاً، وبالتوازن الميثاقي ثانياً.