عام ١٩٩٠ ويعد أن دمر لبنان، توجه العماد “ميشال عون” نحو السفارة الفرنسية، بعدما بدأ تقدم الجيش السوري نحو المناطق المحررة وبعدما امطرت طائرات السوخوي وزارة للدفاع والقصر الجمهوري بالقصف، ومن هناك اطلق نداء الاستسلام الاخير عبر الهاتف وقد اطلق عليه حينها نداء تسليم الشرعية فأعلن: “بسبب الظروف السياسية والقتالية والعسكرية الراهنة، وحقنًا للدماء، وتخفيفًا للأضرار، وإنقاذًا لما تبقى، أطلب من أركان قيادة الجيش تلقي الأوامر من العماد “إميل لحود””.
اليوم في عام ٢٠٢٤، بعد ٣٤ عام دُمِرَ لبنان مجدداً، رحل عرفات، رحل شارون، رحل بيغن، رحل جورج حبش، رحل السيد، رحل صفي الدين، تغيرت الاسماء وبقي وطني النازف الدائم دماءاً وتهجيراً ودماراً، كما بقي العالم كله متفرجاً على معاناة شعب لا ناقة ولا جمل له في مؤامرات الدول ومشاريعها التفاوضية، وبقي لبنان ارض صراع للفلسطيني والسوري والأمريكي والايراني والاسرائيلي والفرنسي والروسي فيما نحن نستمر بتكبد اغلى الأثمان بالدم والعمر والمال والاملاك والهجرة والامراض النفسية.
فهل يا ترى من يسمع فيتعظ، ويطلق هذه المرة ليس نداء الاستسلام الجديد، إنما نداء السلام النهائي، فتعود الحياة لنا ولوطننا، وتعود جنات مفكرينا لترسم لوحاتها الإبداعية في فضاء العالم اجمع، عوضاً عن لوحات الدم والبكاء والدمار، ويعود حق الحياة لشعب حمل صليب ألآمه عن كل العالم العربي وعن العالم الحر لأكثر من ٤٩ سنة.
توقفوا عن بيانات “الصحاف”، اعترفوا بما آلت اليه الأمور في الميدان، واطلقوا نداء السلام الان لترحموا شعبكم وما تبقى من مكونات الوطن، فنحن شعب لم يعد يريد ان يعيد بناء مستقبله ومنازله كل ١٥ عام لاننا نستحق الحياة، ونعرف تماماً كيف نكسب محبة كافة الشعوب وكيف نزرع الفرح والنجاح أينما حللنا.
جورج يونس