تؤثر الحرب الدائرة رحاها حاليا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية على ميزان القوى العالمي، حيث تؤدي إلى استنزاف الموارد الأميركية والأوروبية وتخفف الضغط على روسيا وتوفر فرصا جديدة للصين.
وبحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن الحرب التي اندلعت بسبب هجوم حركة حماس الدموي على إسرائيل، تثبت أنها بمثابة نعمة لمنافسي أميركا الجيوسياسيين الرئيسيين.
ومنذ فترة طويلة، سعت الصين وروسيا وإيران إلى تقويض النظام الدولي الذي تدعمه الولايات المتحدة، وهم الآن يحاولون تشتيت الانتباه الأميركي. وبينما يركز اهتمام واشنطن على الشرق الأوسط، ربما تكون روسيا المستفيد الأوضح من الاضطرابات المنتشرة، طبقا لتقرير الصحيفة.
وبالإشارة إلى تزايد عدد القتلى الفلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، تحتفل موسكو بما تسميه نفاق الحكومات الغربية، التي أدانت بشدة المذابح الروسية ضد المدنيين في أوكرانيا، ولكنها لا تقدم سوى انتقادات خفيفة للأفعال الإسرائيلية.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اعتبر أن الحصار الإسرائيلي المحكم لقطاع غزة “غير مقبول” وشبهه بالحصار النازي لمدينة لينينغراد السوفياتية إبان الحرب العالمية الثانية.
ورأى بوتين في حديثه، الجمعة، خلال مؤتمر صحفي في بشكيك عاصمة قرغيزستان، أن إسرائيل قد تقوم في غزة بما “يشبه حصار لينينغراد”، مؤكدا أن “هذا غير مقبول، أكثر من مليوني نسمة يعيشون فيه، لا يؤيد الجميع حركة حماس”.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن روسيا لديها مصلحة كبيرة في إطالة أمد الصراع في إسرائيل لأطول فترة ممكنة، إذ سيكون ذلك بمثابة انتصار للروس من الناحية التكتيكية في أوكرانيا ومن الناحية الاستراتيجية، مما يعزز خطابهم ضد الدول الغربية.
وشنت القوات الروسية محاولة غير ناجحة – حتى الآن – للاستيلاء على مدينة أفديفكا بعد وقت قصير من هجوم حماس.
وإذا توسعت الحرب في الشرق الأوسط لتشمل لبنان وربما إيران واحتمال دخول الولايات المتحدة بشكل مباشر، فإن المساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا – التي تتقلص بالفعل – يمكن أن تتضاءل – وهو خطر تعترف به كييف.
وفي 7 أكتوبر، شنت حركة حماس المصنفة إرهابية، هجوما مباغتا على إسرائيل بآلاف الصواريخ، فيما تسلل مسلحون تابعون لها بلدات غلاف غزة، وهاجموا مدنيين ومقرات عسكرية، مما أسفر عن مقتل 1400 شخص واختطاف عشرات، أغلبهم مدنيون.
وأسفر الرد الإسرائيلي المتمثل بقصف متواصل على غزة، عن مقتل 3000 فلسطيني، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني.
بالنسبة للصين التي تستعد لصدام محتمل مع الولايات المتحدة حول تايوان، فهي تستفيد من تحول انتباه واشنطن مرة أخرى بسبب الاضطرابات في الشرق الأوسط، كما يقول مراقبون للشؤون الصينية للصحيفة.
وقال خبير الشؤون الصينية بمؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس، أنطوان بونداز، إن “الأكثر أهمية بالنسبة لبكين هو العلاقة مع الولايات المتحدة، والطريقة التي يمكن من خلالها إضعاف الولايات المتحدة وصورتها”.
وأضاف: “سيحاولون تصوير الولايات المتحدة على أنها عامل عدم الاستقرار والصين على أنها عامل السلام، مشيرا على أن هدف الصين هو تقديم نفسها للدول النامية كبديل أكثر جاذبية.
وفي أول تصريحات علنية بشأن الحرب، قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الخميس، “إن جوهر الأمر هو أنه لم يتم تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني”.
ومع تزايد مخاطر نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط، تبتعد الصين عن المشهد بعكس الولايات المتحدة التي أرسلت حاملتي طائرات للمنطقة بهدف احتواء صراع أوسع.
وقال الرئيس التنفيذي لمركز “يو أس أيشا” (USAsia) بجامعة غرب أستراليا، غوردون فليك: “ليس لديهم بعد القوة الصارمة في المنطقة، وبالتالي لا أحد يلجأ إلى الصينيين حول كيفية حل مشاكلهم”.
وأضاف: “كان الفائدة الأساسية للصين في المنطقة هو الوصول إلى أسواقها واستثماراتها”.