خمس ساعات قضاها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في منزل نظيره الأردني أيمن الصفدي، في عمان العاصمة أخيرا، كانت بالتأكيد كفيلة بأن تشرح المملكة، وهي تنفتح على»الجار السوري»، فكرتها بعنوان «التدخل في العمق الحدودي» ما دامت الدولة السورية «عاجزة» أو «لا تريد» التصدي للمخدرات التي يتم تهريبها بزخم شمالي الأردن.
تلك الساعات الخمس كانت ثمرة لـ»تفاعل متواصل» عن بعد من «ثلاث سنوات» كما شرحت الدبلوماسية الأردنية بعيدا عن الكاميرات لعدة صحافيين وإعلاميين، من بينهم مراسل «القدس العربي».
لكنه وقت انقضى من شرح استراتيجية» الاستدارة» الأردنية لدمشق وفي الأثناء أبلغ المقداد فعلا بأن «الجيش العربي الأردني سيدخل إذا لم تتصرف الدولة السورية إزاء كميات المخدرات الهائلة التي تحاول «تشكيلات»، وليست «عصابات فقط» تهريبها يوميا عبر الحدود.
عدد حبوب الكبتاغون خلال الربع الأول من العام الحالي، التي حاول سوريون تهريبها وصل إلى أكثر من «مليار حبة»، ومصدر أمني أردني أكد مبكرا لـ»القدس العربي» بأن تلك الحبة اللعينة تصنع بكثافة بحراسة ميليشيات إيرانية في زوايا وقرى درعا السورية، على أكتاف شمالي الأردن، والممر الوحيد الذي يجازف به المهربون بحكم اعتبارات معروفة هو الحدود مع الأردن.
حتى الأمريكيون خلف الستارة ضغطوا على الأردن للحد من المخدرات وحصرا الكبتاغون.
لكن غير المفهوم بعد هو «توقيت» العملية العسكرية «العميقة» التي نفذت فجر الإثنين بطائرات مقاتلة على قرية الشعاب بين درعا والسويداء، وانتهت بـ»تدمير أحد المصانع» الكبيرة لصناعة الكبتاغون، حيث «تقنيات مثيرة» كشفتها الأقمار الصناعية وخبراء من لبنان والعراق وإيران، ثم بـ»تحييد» وقتل المدعو مرعي الرمثان الموصوف أردنيا بأنه «المطلوب رقم 1» ومقتل جميع أفراد عائلته، وسط مؤشرات على «معلومات استخبارية الطابع» مع «ضوء أخضر» سهلت تلك المهمة. وسائل الإعلام الأردنية سارعت إلى وصف الرمثان بـ»أسكوبار السوري».
وفجأة انتشرت صوره بكثافة مسلحا وسط الواجهات العشائرية في المنطقة، وتدفقت المنصات بالكشف عن بصماته في إمبراطورية صناعة الكبتاغون التي تقول دول غربية إن «الصنف السوري» منه وصلها.
وكالة رويتر تحدثت عن «عملية نادرة» قامت بها مقاتلات أردنية لتدمير مصنع مخدرات تدعمه إيران، لكن اللافت جدا للنظر أن كل وسائل الإعلام العالمية تحدثت عن رمثان وقصته من دون صدور أي بيان رسمي أردني «يؤكد أو ينفي» ما يعتقد أنه أول تعبير أردني عسكري عن مقولة»الضرب بالعمق السوري». الإستثناء الوحيد كان للوزير الصفدي شارحا أن بلاده «ستعلن»عندما تحصل عملية للدفاع عن المصالح الوطنية. باستثناء ذلك لم تتبن عملية «قتل رمثان» أي دولة رسميا، كما لم يتبن أي طرف عملية قتله . وهي على الأرجح عملية»مدعومة» سياسيا عن بعد من اللاعبين الكبار في الملف السوري باستثناء إيران، وتحظى على أقل تقدير بإشارة»لا مانع» من نظام دمشق.