علةّ الموارنة زعماؤهم الروحيين والعلمانيين وهم يغطّون بسكوتهم جهات إقليمية ودولية تحاول دائمًا الهيمنة على الجمهورية اللبنانية (جمهورية العام 1920)، وتفتيتها والقضاء على كيانها وتذويبها في محيط يخرج عن الأطر الديمقراطية المألوفة . بعض رجال الدين والسياسة يتغاضى عمدًا عن طرح فكرة الوحدة أو الإنصياع لمكوّن إقليمي ، بإعتبار أنّ لبنان ضعيف الإرادة ومؤسساته فاشلة وغير قادرة على الإنتاج والحماية . بعض رجال السياسة يُطالبون بفسخ قضائي كسروان وجبيل عن محافظة جبل لبنان متغاضين عن رمزية جبل لبنان ومتناسين عمدًا من طالب بضم الأقضية الأربعة التي إسترجعها لبنان في مطلع العشرينات .
علّة المورانة زعماؤهم الروحيين والعلمانيين ، هذا الأمر يحعلنا كمركز أبحاث PEAC ، نتخـوّف من إستمراريتهم في مراكز القرار الرسمية ولا سيّما من الأفعال التي يسلكونها وتنعكِسْ سلبًا على واقعنا اللبناني والمسيحي . وهناك أيضًا مخاوف من المخططات الدولية التي لا تقّلْ شأنًا عن مخاوفنا من الأطماع الإقليمية ، كــون أصحاب هذه المخططات يسعون وراء مصالحهم وأطماعهم ونفوذهم ثمّ إلى بسط هيمنتهم على الجمهورية اللبنانية ذي الموقع الجغرافي والإستراتيجي المهم ومهد الحضارات والتراث والثقافات والرسالة الفكرية والإنسانية القائمة على المحبة والتسامح .
ورد في كتاب قدس الأباتي بولس نعمان “لبنان الموارنة إلى أين” في جزء من المقدمة ما يلي ” وبدل من أن يحمل تحرًّر لبنان من السيطـرة السورية سنة 2005 ، إلى البلد إستعادة الثقة بنفسه وفرصة بلـورة وإطلاق مشروعه وتجربته ، تبيّنَ أنّ البُنية السياسية اللبنانية قد أصبحتْ متهالكة ، ولم يعدْ من الممكن أنْ يتفاهم اللبنانيّون على تشكيل حكومة، أو إنتخاب رئيس للجمهورية ،أو إقرار قانون للإنتخابات النيابية ، ما لم يتدخّـل وسيط خارجي . فيما القادة الموارنة يَبدون بعيدين عن كواليس التسويات والترتيبات والسياسات المحددة للإتجاهات الرسمية ل لبنان “. ويسأل الأباتي في أحد المقاطع ” هنا يتسأل المخلصون للقضية ، هل أخمِدَتْ الشعلة في نفوس اللبنانيين ؟ هل تضاءلت حيوية القادة وعزيمتهم ؟ هل فقدوا روح المارونية الأصيلة ؟!
ممّا أسلفناه على اللبنانيين عمومًا والمورانة خصوصًا واجب اليقظة والتبصُّر بحكمة وشجاعة لإدراك ما يُحاك ضدهم من مؤامرات للقضاء على وطنهم ووحدتهم وصيغة حياتهم وعيشهم المشترك ، وضرورة تعميق لغة الحــوار والتفاهم والتعاون فيما بينهم على تعاضد وإتفاق ، في إطار من المواطنية الصالحة والأخوّة الصادقة بعيدًا عن التسييس والتضليل المنتهج من قبل قادة رأي “خصيان”، ومستغّلي الطائفية والمذهبية والمفرّطين بالكرامة والسيادة والباحثين عن مراكز مستعارة … وهم الذين مكّنوا الغرباء من تنفيذ مخططاتهم ومآربهم ويعملون على هدم الوحدة والكيان وزعزعة النظام وتقسيم الأرض والشعب.
“الموارنة اليوم امام إنذار على جانب كبير من الخطــورة فإمّا أنْ يستفيقــوا ويُساعدوا على نشوء نخبة تقــود وفقَ وعيهم الروحاني والتاريخي والوطني ، أو يزولوا وتُكمِلْ شعوب أخرى مسيرة المسيحية ومسيرة التاريخ في هذا المشرق “. نرفض أن نكون عبئَا على أحد ، لبنان الموارنة كان عقل المشرق ولبنان هو بلـد النور والحضارة والإشعاع والكلمة الحرّة .
علّة الموارنة زعماؤهم ، إننا كمركز أبحاث PEAC ، نوّجه نداءًا مخلصًا إلى أهلنا الموارنة واللبنانيين كي يمعنوا النظر في الحقائق التي نُبرزها في مقالتنا هذه عن أسباب هذا الفشل المذري في الحضور الماروني واللبناني ويعوا خطورة إستمرار هؤلاء القادة في مراكز المسؤولية وألاّ يبقوا تحت سيطرتهم سيطرة الأمجاد الزائفة وفي عصر الإنحطاط والإنهزام والتبعية والإرتهان ، مدركين أنّ عليهم واجب الإنتفاض ضدهم جميعًا ، وإلاّ سيُعاد عهد العثمنة والسورنة والإحتلال والتقسيم والإنحطاط ولنُرجع إلى “المارونية السياسية ” عهد الكِبار والبُناة الأولين ورحم الله هذا الرجل العصامي حين وقف في حضرة سيادة المطران نصرالله صفير عندما كان نائبًا بطركيا وصدح بصوتٍ عالٍ :
” بدنا بطرك داشر ع حدود لبنان م يخلّي ولا غريب يفوت ع أرض القداسة ؛
بدنا بطرك لون حبرو سهر ودموع وحرية وعنفوان ؛
بدنا بطرك كلمتو باقة عطــر من زهــر الحرية ؛
بدنا بطرك صابيعـو شموع عم بتنقِّطْ عنفوان ؛
بدنا بطرك صرحــو حضــن مـرا إسما مريم شفيعة لبنان ؛
بدنا بطرك دربـو طلـوع مسيّج بالوفا ؛
بدنا بطرك كلماتو معلّقة ع خشبة ومسمار الخلاص ؛
بدنا بطرك مشوارو طول عمــر لبنان ؛
بدنا بطرك ناطور لبنان والأراضي المقدسة ؛
بدنا بطرك مخدتّو ضمير وفراشو صدق ع الحِّــلْ ؛
بدنا بطرك تلّمــو إيد الله وتزرعــوا بأرض لبنان ليبقى مجد لبنان لإلـــو “.