صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

شراكة مصرية – إماراتية استثمارية تمهد لحل أزمة شُح الدولار

كثفت الحكومة المصرية خطواتها الساعية لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية وطمأنة المواطنين قبل حلول شهر رمضان بأيام، والذي يشهد نسب استهلاك مرتفعة تضاعف القلق الشعبي جراء التضخم المفرط الذي يخلف تداعيات على الحياة اليومية، في وقت تسعى فيه إلى التفرغ بشكل أكبر لمجابهة تحديات جسيمة على الحدود مع قطاع غزة، والتي تشكل تهديدا رئيسيّا للأمن القومي المصري.

والجمعة شهد رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي مراسم توقيع الصفقة الاستثمارية التي وصفها بأنها “أكبر شراكة استثمارية” بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتشارك هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في المشروع كممثل عن الحكومة المصرية، وشركة “إيه دي كيو” كممثل عن الإمارات.

ويتضمن المشروع تأسيس شركة رأس الحكمة، وهي الشركة القابضة للمشروع، ويحوي فنادق ومشروعات ترفيهية ومنطقة المال والأعمال وإنشاء مطار دولي. ويعتمد المشروع على استثمار أجنبى مباشر بقيمة 35 مليار دولار، تدخل مصر خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، والثانية 20 مليار دولار، وستكون لمصر نسبة 35 في المئة من أرباح مشروع من المتوقع أن يدر ربحا يقدر بـ150 مليار دولار.

وترتبط الصفقة بإنشاء عدد من المدن الجديدة لتنمية الساحل الشمالي الغربي، في المنطقة المسماة “رأس الحكمة” التي تنظر إليها الحكومة باعتبارها مستقبل الاستثمار السياحي في البلاد، ولديها خطة لتصبح المنطقة على خارطة السياحة العالمية خلال خمس سنوات ومن أرقى المقاصد على ساحل البحر المتوسط.

ويوفر المشروع، وغيره من المشروعات والصفقات، سيولة نقدية من العملة الصعبة تسهم في استقرار سوق النقد الأجنبي وتحسين الوضع الاقتصادي. وتسعى الحكومة المصرية حاليا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة قرض وافق عليه بثلاثة مليارات دولار، والاستمرار في إجراءات أقرتها وثيقة ملكية الدولة من حيث تمكين القطاع الخاص وزيادة فرص مشاركته في القطاعات التنموية.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وبالتزامن مع تلك الخطوات قررت الحكومة وقف تخفيف أحمال الكهرباء خلال شهر رمضان، في تحرك لقي قبولاً شعبيّا بعد أن شكلت أزمة انقطاع الكهرباء مدخلاً للهجوم على النظام المصري، إذ أن الأزمة دحضت رؤى الحكومة المرتبطة بتطوير شبكات الكهرباء وتوفير موارد الطاقة الكافية لتشغيلها.

وتوسعت وزارة التموين في المعارض المعروفة بـ”أهلاً رمضان” وتستهدف إحداث انضباط في الأسواق عبر توفير السلع الإستراتيجية بأسعار مخفضة، وبدت الخطوة مكملة لتكثيف الحملات الأمنية على الأسواق من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع عبر ضربات وجهتها إلى متاجرين بالدولار والذهب والسكر والأرز.

وتحاول دوائر أمنية تحقيق الاستقرار في الشارع بعد أن أضحت الحكومة متهمة بعدم قدرتها على ضبط أوضاع الاقتصاد، وترى أن الطريق السحري يتمثل في توجيه ضربات إلى السوق السوداء للدولار الذي شهد ارتفاعات كبيرة ضاعفت سعره في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي في البنوك.

وينعكس هذا التوجه إيجابا على إجراءات الحكومة التي تتنوع بين توفير السلع وتقديم حزم للحماية الاجتماعية وزيادة الرواتب والتعامل مع منغصات القلق الشعبي.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إكرام بدرالدين لـ”العرب” إن “الحكومة تمنح بارقة أمل؛ وذلك من خلال المؤشرات التي تشي بإمكانية تحسن الأداء الاقتصادي، وتهيئة الأجواء التي تجعل من الاتفاق مع صندوق النقد يحظى برضاء شعبي، ما يجعلها أكثر توسعًا في تقديم برامج للحماية الاجتماعية وزيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب العاملين”.

وأضاف أن “الحكومة تدرك أن المطبات الاقتصادية التي تترتب على خطوات الإصلاح بحاجة إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين، ما يجعلها تتوسع في إتاحة السلع بأسعار مخفضة والسيطرة على الأسواق وإظهار القبضة الرقابية والأمنية القوية، وبالتزامن مع ذلك تسعى لتحقيق استدامة إيجابية عبر جذب المزيد من فرص الاستثمار الأجنبي في مناطق مختلفة من البلاد”.

وتتضمن قرارات الحكومة دلالة من ناحية توقيتها، تتعلق بطمأنة المواطنين قبل حلول شهر رمضان، فمن المتوقع أن تحدث قفزات كبيرة في أسعار السلع الرئيسية، في وقت يتصاعد فيه القلق كلما تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين. وتدرك جهات رسمية خطورة هذه الحالة في ظل شائعات تواجهها الدولة بشأن التعامل مع أزمة غزة، وما يترتب عليها من انعكاسات سلبية بشأن استقرار الأوضاع الداخلية.

ويحمّل مواطنون الحكومة مسؤولية مضاعفة ديون مصر الخارجية ثلاث مرات خلال العقد الأخير، ومن ثم يشكل حل أزمة توفير العملة الصعبة اللازمة وإيجاد سيولة مالية لسداد الديون أولوية قصوى يمكن بعدها حلّ الكثير من مشكلات الاقتصاد.

وأوضحت النائبة في مجلس الشيوخ المصري فريدة النقاش أن الحكومة مازالت تتعامل بالمسكنات لتهدئة الشارع بعد أن تزايدت معدلات التململ من سياساتها التي تسببت في حدوث تفاوت شاسع بين من ينتجون وبين من يحصلون على الثروات، وأن المجتمع بحاجة ماسة إلى رؤية جديدة ومختلفة لمعالجة الأزمات المعيشية السائدة، شريطة أن يتوافق عليها الجميع، ويعد ذلك عنصرا رئيسيا في نجاحها.

وذكرت في تصريح لـ”العرب” أن “مسألة الخصخصة وبيع الأصول الثابتة من الأمثلة التي تعبر عن اتجاه الحكومة إلى البحث عن وسائل لتوفير الدولار، مازالت لا تلاقي قبولاً واسعًا في الشارع”، لافتة إلى أن تسويق بعض المشروعات الاستثمارية يوحي بأن الحكومة تتعامل مع المشكلات بالقطعة، ويمكن التعويل على الحوار الوطني الاقتصادي للتوافق حول مشروع شامل ومتفق عليه، إذا خلصت النوايا.

وشددت النقاش على أن الأزمة الاقتصادية لها أبعاد عالمية، لكن الاختلاف في طريقة تعامل الحكومات معها؛ فإما أن تنظر الحكومة إلى ما أفرزته الأزمة من أوضاع سلبية انعكست على معظم المواطنين فتبحث عن حلول مناسبة لحلها تضمن الارتقاء بحياتهم، أو ترعى مصالح من بيدهم المال وتعمل على تحقيق أهدافهم، وفي هذه الحالة قد تعيد إنتاج الأزمة.

ولتخطي الأزمة الاقتصادية تحتاج الحكومة المصرية إلى دعم شعبي وخطوات مدروسة لا تعيد تكرار ما حدث في الماضي عندما أقدمت على توقيع اتفاق مع صندوق النقد دون أن يترتب عليه دعم خطوات الإنتاج المحلي وإيجاد وسائل لتوفير العملة الصعبة. وهاجس السقوط في فخ شح العملة مع ضخامة الديون ربما يظل حاضرا، وإن مثلت الخطوات الأخيرة عاملا هاما من عوامل اطمئنان الشعب.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading