ما ترغب في قوله سبق أن ردّده كتّاب كثيرون، فجاهروا -مثل كارين رزق الله ونادين جابر- بأنّ الورشات هذه قد تُسيء إلى النص الأصلي. توضح جوزفين حبشي: «أحياناً، تتضمّن ورشات العمل أشخاصاً لا يمتّون إلى مهنة التأليف بصلة، فيسهمون في شرذمة النصّ، بتدخّلهم في أسسه بعد إجراء تعديلات عليه، وفق المطلوب منهم، هنا تقع الكارثة، ولا تعود القصة تشبه نفسها، عندها، من الأفضل تولّي أفراد الورشة المهمّة من أولها حتى نهايتها».
أما العلّة الثانية المتفشّية في عالم التأليف، فهي تدخّل مخرجين في الحبكة، تقول: «بعض المخرجين يعدّون أنفسهم المسؤولين الوحيدين عن العمل، في السينما، مثل الدراما التلفزيونية، هناك مخرجون يقلبون النص، ويحذفون منه أو يضيفون إليه، فتُقابَل النتيجة بانتقاد قاسٍ للكاتب ومادته المفككة. بعد تجربة خاصة تعلّمتُ منها، صرتُ أرفض هذا الأمر كلياً، على المخرج تولّي الإخراج فقط، وقد يُقدِم على تعديلات طفيفة بالاتفاق مع المؤلّف، وإلا فأنصحه بالقيام بالمهمّة كاملة، فيؤلّف ويُخرج معاً، ويستغني عن الكاتب كلياً».
تشير جوزفين حبشي، التي تملك سيناريوهات «مركونة» في درج مكتبها، إلى أنّ خرق شركات الإنتاج صعب جداً، «فعددها قليل في لبنان، والرائدة منها والمُنتجة بشكل دائم تنحصر باثنتين، (الصبّاح إخوان) و(إيغل فيلمز)، ولديهما تخمة سيناريوهات قد تمتد لمواسم مقبلة».
كتاب كثيرون قد يحدثون فارقاً على الساحة الدرامية إن أُعطوا فرصة، وبمقدورهم تزويدها بأعمال تنبض بدم جديد، وإذ يلاحظ كثرٌ من القيّمين عليها الرتابة التي تسودها، يبقى السؤال: لماذا يجري التعتيم على مواهب جديدة فلا يُستعان بها إلا في حالات نادرة؟
الفرصة الوحيدة التي مُنحت لجوزفين حبشي كانت عندما كتبت سيناريو سينمائياً تمثلت بفيلم «ع مفرق طريق». توضح: «اتصل بي المنتج أنطوان خليفة والممثل شادي حداد، وأخبراني عن فكرة فيلم يودّان تجسيدها ضمن سيناريو، أحببتها، فوُلد (ع مفرق طريق) الذي حقق نجاحاً واسعاً، وعُرض في مهرجانات عالمية».
«الفرصة المواتية تراهن على تمويلها من شركة إنتاج سينمائية أو درامية»، هكذا تفسر عدم خروج بعض مؤلّفاتها إلى النور. تتابع: «لديّ سيناريوهات عدّة تنتظر مَن يتكفل بإنتاجها، من بينها مسلسل درامي بعنوان (الغائبة)، وفيلمان أحدهما بعنوان (قصتنا طويلة)، والآخر (ع راس السطح)، الذي استوحيته من قصة حقيقية عاشها أخي، كان في الثامنة عشرة عندما وقعت أحداثها، وهي من نوع القصص الاجتماعية الكوميدية. أحبذ المرح ضمن قصصي، فمع الهموم اللبنانية أحب التلوين بمواقف طريفة تكسر قسوة معاناتنا».
وترى أنّ القاعدة الذهبية لكتابة فيلم يجب أن ترتكز على حبكة جاذبة، وعلى مادة عميقة تُتيح إمكان مشاركته في مهرجانات تبحث عن أفلام غير تجارية خارج القصص المسطّحة: «المطلوب نص يجمع بين المنحى التجاري والعمق، ضمن تركيبة جاذبة، لا قيمة لقصص تروق القيّمين على المهرجانات فقط، ولا يشاهدها الناس. القيمة الفنية ضرورية، مثل اللغة السينمائية الجماهيرية»، ذاكرةً مخرجين لبنانيين نجحوا في تطبيق هذه القاعدة، من بينهم نادين لبكي وزياد الدويري، فلاقت أفلامهما طريقها إلى المهرجانات مثل الصالات.
تفضّل جوزفين حبشي العمل السينمائي على الدرامي، لكنها تفكر حالياً في دخول عالم الدراما القصيرة: «إنها رائجة بفضل المنصات. لديّ فكرة في هذا الشأن تدور حول الممثلين المتقدّمين في السن، فتحاكي حياتهم وأفكارهم وسط غياب فرص تمثيل تُمنَح لهم، أحاول إيجاد شركة تنتج العمل، خصوصاً أنّ جميع أبطاله ممثّلون من كبار السنّ، إن تحقّق ذلك فسيعود ريع الفيلم أو المسلسل إليهم، ما يمسح بعض همومهم، من بينها البطالة التي يعانونها».