صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

تَسَلُّل هندساتٍ كارثية لإيفاء المودعين بزمنٍ مفتوحٍ إلى «ولد الولد»

لا يحتاج المودعون في البنوك اللبنانية إلى إشاراتٍ جديدة لدفْعهم الى حافة اليأس من استرداد كامل مدخراتهم ولو بالتقسيط على مدى زمني طويل. بل باتوا أكثر خشية على تحصيل الحد الأدنى «المضمون» بمبلغ 100 ألف دولار، وبحصةِ 400 دولار شهرياً كأفضل خيارٍ متاح حالياً، أو «الرضى» باقتطاع هائل قد يناهز 90 في المئة من الوديعة عبر عملية غير سهلة لبيعها بواسطة الشيكات.

وجاء الدليلُ الدامغ الجديد ضمن تسريبِ نصوصِ مشروعِ قانونٍ محدّثٍ تَسَلَّمَهُ الوزراء بالبريد الالكتروني توطئة لوضْعه قريباً على جدول أعمال جلسة موعودة لمجلس الوزراء، وشَكَّلَ ما يشبه البلاغ رقم واحد المتكرّر في مجمل المقاربات الحكومية والمنسّقة خِفْية مع صندوق النقد الدولي، وخلاصته «شطْب» خسائر البنك المركزي، بما يؤول الى تحريره من الجزء الأكبر من توظيفات المصارف لديه، رغم اليقين بأن هذه الأصول تعود للمودعين من مقيمين وغير مقيمين، لبنانيين وغير لبنانيين من أفراد وشركات.

هي حكاية «ابريق الزيت» المعروفة في «بلاد الأرز»، وخلاصتها التكرار المملّ للمقاربات ذاتها، وفق توصيف مسؤول مالي كبير ومُتابِع. فقد كتبتْ الدولة على نفسها، وبمنظوماتها التنفيذية والتشريعية شهادةَ براءتها من ديونها والإطاحة بالموجبات القانونية لمعالجة خسائر البنك المركزي بعد الاستمتاع طويلاً بأرباح متوالية تناهز 40 مليون دولار سنوياً، وبالسحب على المكشوف من احتياطه بالعملات الصعبة لسدّ عجوزاتِ ميزانياتها وتلبية «مكرماتها» للإنفاق على القطاع العام والدعم السِلَعي المتفلّت من التحقق والرقابة ولتحقيق استهدافها «الشعبوي والوهمي» بتثبيت سعر الليرة.

وفي قراءة أولية، بدا التيهُ المقصود متجلياً في مندرجات الوافد القانوني المحدّث بحصْر غايته بإصلاح أوضاع الجهاز المصرفي وتحديد «هندسات» إيفاء الحقوق بزمنٍ مفتوحٍ الى «ولد الولد» لأصحاب الحسابات ذات الأرصدة البالغة نحو 92 مليار دولار. في حين، يرصد المسؤول المالي، تَسَلُّلاً فاضحاً لمحتوياتٍ مرفوضةٍ مسبقاً، وزَعْماً لا ينطبق مع طبيعة المهام والمسؤوليات، بنسْب المضمون والإعداد الى مكوّنات السلطة النقدية حصراً.

وفي البيان والتبيان، يشير المسؤول إلى الحقيقة الكامنة في «تَعَمُّد» النسخ المتكرر لمندرجات ومقترحات وردت بالأسبقية في مشاريع قوانين ومذكّرات أعدّها الفريقُ الاقتصادي الحكومي، ثم تحولت «لقيطة» بعد بلوغها ردهات اللجان النيابية المختصة، ليجْري التبرؤ من مضامينها وسحْبها من التداول بالتزامن مع وعود من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي شخصياً بالمراجعة والأخذ بالملاحظات والتعديلات واحترام تراتبية المسؤوليات عن معالجة الفجوة المالية البالغة نحو 73 مليار دولار.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وباستثناء تَعَهُّدٍ غير مضمون بتوفير دعم راسمالي للبنك المركزي بنحو 2.5 مليار دولار عبر إصدار سندات عامة، تظلّ المقاربات الحكومية مستمَدة من ركيزةِ عدم استخدام الموارد العامة في ردم أي جزء من الفجوة المالية وربْط «محدودية» المساهمة بشروطٍ شبه تعجيزية لجهة تحقيق فوائض متتالية في الموازنة العامة والتناسب مع هدف استدامة الدين. علماً ان الدولة ذاتها سارعت في ربيع 2020، وبعد خمسة أشهر فقط من اندلاع الاحتجاجات الشعبية المعترضة على فسادها، لإشهار إفلاسها والامتناع عن سداد مستحقات ديونها.

ومجدداً، تفصح الحكومة في مشروعها المحدّث، عن تَعَذُّر رد توظيفات البنوك لدى المصرف المركزي. وبالتالي، وفيما يقع الاستهلالُ تحت شعار «بغية حماية حقوق المودعين»، تستلهم الاستراتيجية المنشودة إلغاءَ «أعباء» قائمة في ميزانيته و«شطْب» الخسائر المؤجَّلة، لتتوخّى «نظرياً» فك الترابط بين حسابات المصارف وحسابات «المركزي» والموازنة العامة. علماً أن مدخرات الناس عالقة في شبكة ثلاثي البنوك والمركزي والدولة.

ولا يجد المسؤول المعني تفسيراً للإمعان في اعتماد معالجات عقيمة لا تفضي سوى إلى الحفر نزولاً في قعر الأزمات التي يقبع فيها البلد وناسه وقطاعاته الانتاجية، وإلى إنكار حقوق لا لبس في مشروعية شرائحها العظمى لنحو 1.4 مليون حساب، رغم الشغف المستمرّ بتصنيفها بين «مؤهَّلة» و«غير مؤهَّلة» من دون تحديد المعايير الواجبة للتقصي عن شبهات محتملة تكتنف بعض مصادر الأموال.

والأنكى في هذه المعادلات المغلّفة بسياقات «التذاكي» المكشوف، أنها تتناقض مع الوقائع التي استخلصتْها شركة التدقيق الجنائي الدولية «الفاريز أند مارسال» التي كلّفتْها الدولة بذاتها التدقيق في حسابات البنك المركزي، والتي أوردت في هذا النطاق أن الميزانيات لم تكن صحيحةً وكانت تُظْهِر أرباحاً وهمية. كما حدد التقرير الجنائي قيمة العجز المتراكم الذي تعدّى 51 مليار دولار، وإظهار الدين العائد له بذمة الدولة اللبنانية والذي حدّده بمبلغ 16.5 مليار دولار، في حين أقرّ الحاكم بالإنابة الدكتور منصوري بوجود الخسائرالتي يتوجب على الدولة تغطيتها بموجب المادة 113 من قانون النقد والتسليف.

 

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading