فالعمليات الإسرائيلية تتوسع وتزداد عنفاً، بينما لم ينفذ «حزب الله» حتى الآن رداً متوازياً مع حجم الضربات الإسرائيلية والخسائر التي تلحقها، سواءً ببنيته العسكرية والبشرية أو على مستوى المدنيين.
ويبدو أن ما يقوم به الإسرائيليون يهدف إلى كسر كل القواعد و«إعدام» كل قدرة الردع لدى الحزب الذي كان يعتبر أن إسرائيل مردوعة في حين تظهر الوقائع أنها لم تعد كذلك، بعد أن كسرت كل القواعد، سواء من ناحية استهداف المدنيين أو الضرب في العمق كما جرى في الغازية قبل أيام على بعد نحو 60 كلم عن الحدود الجنوبية.
بحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن نقاشات كثيرة تدور على مستوى سياسي مع الحزب، بالإضافة إلى نقاشات في صفوف الحزب حول آليات الرد، وكيفية استعادة منظومة الردع، لكن بشكل لا يؤدي الى اندلاع حرب واسعة. جزء من هذه النقاشات يجري مع أطراف «محور المقاومة»، لا سيما مع طهران، خصوصاً أن بعض التقارير تشير إلى تباين في الآراء بين الجانب العسكري الذي يمثله الحرس الثوري والجانب السياسي، وسط إصرار إيراني على عدم الانخراط في حرب واسعة.
وفي حين تخرق إسرائيل كل الضوابط والقواعد، ويقول وزير دفاعها يوآف غالانت، إن مقاتلاته تعمل بحريّة فوق دمشق وبيروت وصيدا والنبطية، في إشارة الى غياب تام لمنظومة الردع لدى «حزب الله»، لا يزال الحزب يتلقى عروضاً ورسائل حول ضرورة وقف العمليات العسكرية والذهاب الى مفاوضات لتجنّب ما هو أكبر، وتحذره من خطورة استمرار ربط جنوب لبنان بقطاع غزة، في وقت يبدو أن واشنطن قد منحت تل أبيب غطاءً لتنفيذ عمليات ضد أهداف عسكرية وبشرية في الحزب دون المخاطرة بتوسيع الحرب، وهذا ما يعطي إسرائيل فرصة للاستمرار في استنزاف الحزب.
الإصرار الإسرائيلي على الاستدراج، يرتبط بمعطيات تفيد بأن تل أبيب وفي حال وصلت إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة، فهي لا تريدها أن تشمل الحدود اللبنانية، وهو ما كان صرح به علناً غالانت الذي قال إن العمليات ضد «حزب الله» لن تتوقف.
وفي الوقت نفسه هناك مخاوف سياسية لبنانية وتحذيرات دبلوماسية من أن اسرائيل قد توسع عملياتها العسكرية في لبنان الى مستوى الحرب مع «حزب الله» بعد الانتهاء من اقتحام مدينة رفح، وبالتالي هي ستستمر في تصعيد هجماتها وصولا الى تلك المرحلة.
جانب من المفاوضات الأميركية مع لبنان يشير الى تصعيد في اللهجة من الأميركيين، الذين يعتبرون أن إسرائيل لن تقبل التنازل أو التراجع عن أهدافها بدون تقديم «حزب الله» تنازلات كبيرة، وبالتالي فإنها ستلجأ إلى توسيع نطاق الحرب.
وفي حين تتردد معلومات من شمال إسرائيل عن استعدادات كبيرة على مستويات عدة للحرب الواسعة مع «حزب الله»، هناك من يقدم النصائح للحزب بضرورة عدم انتظار مسار غزة والذهاب الى المفاوضات لعدم إعطاء أي ذريعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوسيع نطاق الحرب.