صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

بـ”ميزان التبادل”.. السويداء تمسك النظام السوري من “اليد التي توجعه”

تسلّط حادثة اعتقال داني عبيد، قبل شهرين، ومن ثم الإفراج عنه صباح الاثنين، من قبل أجهزة النظام السوري، الضوء على “معادلة” لطالما ارتبطت بالمحافظة ذات الغالبية الدرزية التي ينتمي إليها الشاب، الواقعة جنوبي سوريا.

وكان اعتقاله بتهمة “النيل من هيبة الدولة” قد أشعل توترا خلال الأسابيع الماضية، وصلت آخر تداعياته إلى حد اختطاف ضباط كبار من قوات النظام السوري، على يد مجموعات أهلية ومسلحة.

وبعدما رفض النظام لأكثر من مرة الإفراج عن الشاب، وهو الأول الذي يعتقل بسبب رأيه المناصر للحراك اضطر لإخلاء سبيله، عندما اعتقل هؤلاء الضباط ووضعوا في “ميزان التبادل”، حسبما يوضح مراقبون وصحفيون لموقع “الحرة”.

وتشهد السويداء، منذ أكثر من 200 يوم، مظاهرات مناهضة للنظام، وبينما يردد المحتجون بهتافات تطالب برحيل رئيسه بشار الأسد، يؤكدون على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بالحل في البلاد، المعروف برقم 2254.

وحتى الآن لا تعرف النقطة التي سيصل إليها الحراك الشعبي، في ظل غياب أي تعليق أو تعاطي جدي من جانب النظام السوري، إن كان بالسلب أو الإيجاب.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ونشرت شبكات إخبارية محلية تسجيلات مصورة عبر مواقع التواصل أظهرت إقدام المحتجين في “ساحة الكرامة” على رفع عبيد على الأكتاف، وترديدهم لشعارات مناهضة للأسد.

كما عبّروا بأهازيج أخرى عن فرحتهم بالإفراج عن الشاب، بعدما اعتقلته أجهزة النظام السوري الأمنية قبل شهرين في جامعة تشرين بمدينة اللاذقية.

“ضباط مقابل معتقلين”

ومنذ عام 2014 دائما ما كانت مجموعات مسلحة وأهلية في السويداء تتجه إلى خطف ضباط وعناصر للنظام، كي تتم مبادلتهم بأي شخص يتم اعتقاله، بتهم سياسية أو غير ذلك.

ورغم أن هذا السلوك ينطبق على حالة الشاب عبيد، يشير صحفيون في حديثهم لموقع “الحرة” إلى وجود اختلاف يتعلق بالجهة التي فرضت “ميزان التبادل”، والحالة العامة التي تعيشها السويداء في الوقت الحالي.

وكان على رأس الضباط الذين اختطفوا من أجل الإفراج عن عبيد قبل أيام رئيس فرع الهجرة والجوازات في السويداء، العميد الركن منار محمود، والعناصر المرافقون له.

كما احتجز بالتزامن معه ضابط، وعناصر آخرون بالقرب من بلدة المزرعة غربي السويداء، وأفرج عنهم جميعا الاثنين بعد التأكد من وصول الشاب عبيد إلى المدينة.

ويوضح مدير تحرير شبكة “السويداء 24” المحلية، ريان معروف أن “المعادلة الأمنية” القائمة على خطف ضباط مقابل اعتقال مدنيين من السويداء لم تتغير منذ عام 2014.

وعلى مدى السنوات الماضية وقعت الكثير من تلك الحوادث، منها ما كان معلنا وآخر غير ذلك.

ويقول معروف لموقع “الحرة” إن حركة “رجال الكرامة”، وهي فصيل محلي، كانت تدخل على الخط في الحوادث السابقة، وتعمل من خلال وساطتها على الإفراج عن المعتقلين مقابل الضباط المختطفين.

وفي المقابل اتخذت فصائل وعائلات من المحافظة ذات المسار. وهؤلاء دائما ما كانوا يلجؤون للقوة، في إشارة من الصحفي إلى اختطاف الضباط على الطرقات الرئيسية، كي يرضخ النظام ويفرج عن الأشخاص الذين اعتقلتهم أفرعه الأمنية.

ويُعتبر الشاب داني عبيد أول حالة يتم اعتقالها بفترة الحراك السلمي الحالي، الذي تشهده المحافظة ذات الغالبية الدرزية، وفق معروف.

ويشير الصحفي إلى أن قضيته كشفت عن “قدرة المعارضة في السويداء على إطلاق سراح معتقلين، دون الحاجة لتدخل فصائل كبرى مثل حركة رجال الكرامة”.

ولم يكن أي دور للفصيل المذكور في الإفراج عن عبيد، رغم أنه تبلغ بحادثة اعتقاله سابقا.

ويضيف مدير تحرير “السويداء 24” أن “فصائل محسوبة على الحراك السلمي، وشبان منخرطون في المظاهرات، هم من أخذوا على عاتقهم عملية خطف الضباط، ومن ثم إطلاق سراحهم بعد فك أسر عبيد”.

“تغيّر طرأ على معادلة التبادل”

ولا يزال الاعتقال التعسفي في سوريا يجري ضمن سياسة مركزية من قبل النظام السوري، الذي يقوم بإخفاء الغالبية العظمى منهم بشكل منهجي ومدروس، حسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

ووفق البيانات التي تتيحها الشبكة الحقوقية، تبلغ حصيلة المختفين قسريا في سوريا ما لا يقل عن 111907 شخصا، بينهم 3041 طفلا و6642 سيدة (أنثى بالغة).

وهؤلاء لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ مارس 2011 حتى أغسطس 2022. والنظام السوري مسؤول عن قرابة 86 بالمئة منهم.

ونادرا ما تسلك محافظات أو مناطق سورية السياسة التي تطبقها السويداء، المتعلقة بخطف ضباط مقابل الإفراج عن معتقلين.

وينسحب ذلك إلى حالة التظاهر المناهض للأسد أيضا، إذ لم يستخدم الأخير سياسة الحديد والنار في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، بعدما اتبعها سابقا في مدن ومناطق أخرى، مثل درعا وحمص ومناطق في ريف العاصمة دمشق وحلب.

وبوجهة نظر الناشط، شادي رفاعة، طرأ تغير على “معادلة الضباط والمعتقلين” في حالة اعتقال الشاب داني عبيد.

ويشرح في حديثه لموقع “الحرة” أن “حركة رجال الكرامة” كانت تتولى سابقا التنسيق مع المخابرات للإفراج عن المعتقلين السياسيين أو المسافرين بطرق غير شرعية أو أي قضية لا يوجد فيها ادعاء شخصي.

لكن اليوم تولت هذه المهمة “فصائل مساندة للحراك السلمي”، إذ اتجهت على الفور إلى اختطاف ضباط وعناصر، على الطرقات ودون “أي تنسيق مع المخابرات”، وفق رفاعة.

ويرى أنه، وبهذه الحالة، تكون “المعادلة الأمنية السابقة قد انكسرت”، ويردف بالقول: “وعلى أساس ذلك رأينا كيف شعر المحتجون في ساحة الكرامة بالانتصار”.

ويختلف الصحفي معروف بفكرة أن “معادلة الخطف مقابل المعتقلين انكسرت بحالتها المعروفة والثابتة”.

ويشير إلى أن “حركة رجال الكرامة” كانت قد احتجزت قبل شهر ضباطا من النظام السوري وبشكل غير معلن، للضغط على الأخير للإفراج عن شخص مرتبط بها.

والصيف الماضي كانت فصائل مؤيدة للحراك السلمي قد خطفت 20 ضابطا للنظام، وأخرجت مقابلهم شخصا اعتقله النظام السوري أثناء توجهه برا إلى لبنان.

ويعتقد معروف أن “المعادلة تغيرت بجزء مرتبط بقدرة المعارضة السلمية الآن على إطلاق سراح معتقليها بشروطها وليس بشروط النظام”، الأمر الذي يضغط على الأخير من اليد التي توجعه.

“عقلية النظام السوري”

وكان الحراك السلمي في السويداء، الذي انطلق في أغسطس 2023، أخذ خلال الأشهر الماضية عدة أشكال.

وكان اللافت منها إقدام المحتجين على تخريب مقار “حزب البعث” وحرق صور الأسد وأبيه حافظ وصورة “الدولة الأمنية”، أو كما يصفها الموالون بـ”دولة الأسد”.

ورغم أنه شهد حادثة إطلاق نار أسفرت عن مقتل متظاهر سلمي قبل شهرين، لم تدخل مجريات الأوضاع هناك في دوامة عنف.

ويسود ترقب في الوقت الحالي بشأن التعزيزات التي يستقدمها النظام السوري بكثرة إلى السويداء، وتشمل دبابات ووحدات ترافقها أسلحة متوسطة وعربات.

وكانت قد وصلت بشكل تدريجي خلال الأسبوع الماضي، وكان آخرها أمس الأحد، حيث تحدثت شبكات محلية عن وصول أكثر من 50 آلية عسكرية توزعت على نقاط جيش النظام هناك.

ويعتقد الصحفي ريان معروف أن “عقلية النظام السوري التي أدارت السويداء في السنوات الأولى للحراك السلمي تحاول الحفاظ الآن على خفض التصعيد”.

ويقول إن “السلطة الأمنية لديها إدراك أنها إذا صعدت ولم تستجب فإن الأمر قد يؤدي لتدحرج الأوضاع إلى حالة عنف”.

وتثبت حالة الإفراج عن الشاب داني عبيد أن “النظام لا يريد الصدام مع الأهالي” في المحافظة، وفق معروف.

ومع ذلك، يشير إلى أن وصول التعزيزات والحشود العسكرية إلى السويداء يطرح سؤالا بشأن ما إذا كانت تلك العقلية قد تغيّرت.

ويوضح أن البيان الذي صدر عن زعيم طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري يوم الاثنين يصب في ذات السياق، إذ حذّر الأخير من “مغبة أي تصعيد من أي جهة كانت”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading