ألم يحن الوقت لمجتمعنا و ناسنا أن يصدقوا حقاً بأن بشير رحل الى دنيا الخلود و لن يعود أبداً الينا ؟
ألم يحن الوقت لننظر الى الأمام محاولين تلمس طريق الخروج من النفق المظلم الذي رمانا فيه استشهاد بشير القائد و الرئيس ؟
ألم يحن الوقت ليقتنع بعضنا أن بشيراً ما أراد منا أن نوقف دورة الحياة عند استشهاده و ننزلق الى مستنقع العويل و البكاء و الندب بدل التطلع الى المستقبل و محاولة فعل أي شيء لترميم ما خلّفه زلزال ١٤ أيلول في نفوسنا من انكسار و ألم ؟
علينا جميعاً الإقتناع أن الشعوب التي تغرق في مآسي الماضي لا مستقبل لها ، لأن الزمن و الأحداث سيسبقانها و يبقيانها في غياهب المجهول المخيف و المدمر .
لم يكن بشير يريد لنا أن نتسمّر على رفوف الإنتظار أملاً بمعجزة أو بشير آخر ينقذنا ، هو أراد لنا أن نبادر و ننطلق نحو المستقبل ، هو أراد منا لملمة الجراح بدل البكاء على الأطلال ، بشير أراد منا أن نستمرفي تنفيذ خططه و مشاريعه بدل تعليقها و السقوط في فخ صراعاتنا المدمرة و التي لا تنتهي .
في ذكراه الواحدة و الأربعين كيف لنا أن ننظر في وجهه عندما نلتقيه في دنيا الخلود ؟ ماذا سنقول له ؟ ماذا سنخبره عن لبنان الذي تركه أمانة بين أيدينا ؟ هل سنخبره عن انهيار كل شيء من حولنا ؟ أم عن هجرة شبابنا و طاقاتنا الى دنيا الله الواسعة بحثاً عن لقمة العيش و بديهيات الحياة التي لم تعد متوفرة في وطنهم ؟
في ذكراه الواحدة و الأربعين ماذا سنقول له ؟ هل سنقول له أن قوى الشر انتصرت علينا و سلبتنا أرض الأجداد لأننا تلهينا بصراعاتنا الصغيرة فانتحرنا و نحرنا لبنان معنا ؟
هل سنقول له أن نصف مجتمعه أقله رمى نفسه بقلّة وعي و إدراك في حضن قوى الظلام بعد أن قادهم الى هناك بعض صغار النفوس من بيننا فانتهى الحلم و انكسرت القضية ؟
في ذكراه الحادية و الأربعين لم تعد خياراتنا كثيرة ، فإما يسقط لبناننا نهائياً و نصبح مشردين في أصقاع الدنيا نبحث عن هوية و وطن مفقود أو توقف البكاء و ننهض لنكمل المسيرة ، علّنا نحافظ على ما تبقى من إرث الآباء و الأجداد أملاً باستعادة ما فقدناه في أرضنا يوماً ما .
لا بشير ليس حياً فينا .. فلو كان حياً لكنا عملنا على تحقيق مشاريعه و أحلامه بدل إيقاف الزمن عند استشهاده و لو كان حياً فينا لكنا حفظنا وصيته الشهيرة ” إن متت و لم يأتي مئة بشير من بعدي فستين سنة عليكم و على لبنان ” .
فلنُعِد بشير حياً فينا بالفعل لا بالقول ، فلنعد بشير حياً فينا بالإرادة و التصميم و العمل لا بالنحيب و العويل ، فلنعد بشيراً حياً فينا بأفكاره و مشروعه و لنعمل على تحقيقه ، عندها فقط ننتصر و يحيا لبنان .