صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

الممثلة العالمية سلمى حايك ..… موهبة لبنانية تغلبت على عنصرية هوليوود

موهبة طاغية، ذات جمال أخاذ، استطاعت في فترة قصيرة أن تصبح من ألمع نجمات هوليوود، وتتربع على عرش السينما العالمية إثر ترشحها لأهم الجوائز، رحلة من الطموح خاضتها ملكة الأدوار الصعبة وصاحبة الاختيارات المتميزة.

لم يكن طريق نجمة هوليوود سلمى حايك، مفروشا بالورود، حيث عانت من أشواك كثيرة كانت تعترض طريقها، لكنها لم تستسلم وتغلبت على كل المعوقات حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، إذ تحتل مكانة خاصة لدى الشعوب العربية، لكونها لبنانية الأصل، وطوال رحلتها لم تنس بلدها لبنان، بل تفتخر بأن جذورها تمتد لهذا البلد الذي استمدت منه الجمال والقدرة على الكفاح والمقاومة، فمن ينسى ما قالته عندما زارت بلاد الأرز: “أنا لبنانية وفخورة بكوني امرأة تنتمي أيضا إلى البلدان العربية”.

ولدت سلمى حايك، بالمكسيك في 2 سبتمبر 1966، لأم من أصل إسباني، وأب من أصل لبناني هو رجل الأعمال سامي الحايك، الذي ولد العام 1937 في “بعبدات” جبل لبنان، وهاجر مع والده جرجس حايك إلى أميركا الشمالية واستقر مع أسرته في المكسيك، حيث استطاع أن ينجح فيها ويصبح من ألمع رجال الأعمال في مجال النفط، كما اختار قلبه المكسيكية ذات الأصل الإسباني “ديانا”، التي تعمل مغنية في دار الأوبرا، وكانت سلمى ثمرة زواجهما، التي فرح بقدومها الجميع، فعاشت سنواتها الأولى سعيدة وسط أسرتها، وما ان بلغت الثانية عشرة من عمرها حتى التحقت بمدرسة “القلب المقدس” الداخلية في ولاية لويزيانا الأميركية، وعندما عادت إلى أسرتها، اختار لها والدها العلاقات الدولية لكي تكون دراستها الجامعية، إذ أراد أن تسير في فلك عمله، لكنها ومنذ كانت في السادسة من عمرها تحلم بأن تكون ممثلة، خصوصا بعد أن شاهدت أوائل السبعينيات فيلمي “ويلي ونكا Willy Wonka”، و”مصنع الشوكولاتة the Chocolate Factory”، فشعرت بأن هذا هو عالمها الحقيقي وأنها خلقت من أجله، وربما السبب وراء الشعور الذي تملكها أنها أخذت عن أمها جينات الفن، لكن احتراما لوالدها ورغبته، استجابت لضغطه والتحقت بالجامعة لكي تدرس العلاقات الدولية.

وجدت سلمى، في مسرح الجامعة متنفسا لها، فأخذت تمارس التمثيل من خلاله في العاصمة “مكسيكو سيتي”، بدأت بأدوار صغيرة، لفتت من خلالها الانتباه لموهبتها وجمالها وخفة ظلها، فاستعان بها أصحاب الشركات لتكون بطلة حملات الدعاية لمنتجاتهم، ومن هنا وضعت قدمها على طريق الاحتراف من خلال العمل كموديل إعلانات، ما أتاح لها الظهور المتكرر على شاشة التلفزيون، لتجذب عيون المخرجين والمنتجين، وتشارك في مسلسلات عدة من خلال أدوار ثانوية استطاعت معها إبراز موهبتها بشكل كبير، وسرعان ما تم ترشيحها لأدوار البطولة، ولم يكن عمرها قد تجاوز اوائل العشرين عندما أسند إليها بطولة مسلسل “تريزا Teresa”، فتألقت بشدة وأصبحت حديث الناس في المكسيك، لتختطفها السينما في فيلم “معجزة الزقاق Miracle Alley” المأخوذ عن رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ “زقاق المدق”، والذي نال أكبر عدد من الجوائز في تاريخ السينما المكسيكية، وجسدت فيه سلمى دور “حميدة”، الذي لعبته الفنانة الكبيرة شادية في النسخة المصرية، ما زاد من أفق أحلامها وأصبح لديها رغبة في القفز من المحلية المكسيكية إلى العالمية، لذلك قررت ترك المكسيك إلى هوليوود أوائل تسعينيات القرن الماضي.

أبواب موصدة

ظنت سلمى، أن بعد ما حققته من نجاح وشهرة كبيرة في المكسيك، ستفتح لها هوليوود أبوابها الموصدة أمام الكثيرين، لكنها اكتشفت أن السينما الأميركية تتعامل مع الممثلات القادمات من المكسيك على أنهن فنانات من الدرجة الثانية لا تصلح لهن إلا أدوار الخادمات أو العاهرات، بل إن أول عمل تم طلبها فيه كان مساعدة ماكياج، الأمر الذي أصابها بصدمة كبيرة، لكنها أصرت على البقاء في لوس أنجليس، رغم أنه كان يتم التعامل معها على أنها مهاجرة غير شرعية، وظلت لمدة سنة تحاول أن تجد لنفسها مكانا، لكنها أيقنت أنها ستفرض كلمتها بموهبتها على قانون السينما في هوليوود وستغيره لصالح كل الممثلات اللاتينيات وليس لنفسها فقط.

وبعد أن حصلت سلمى، على كورسات لإتقان اللغة الإنكليزية، شاركت بأدوار صغيرة في بعض الأفلام منها “عدالة الشارع Street Justice”، “عرض السندباد The Sinbad Show “، “في الحلم Dream On”، علاوة على دور صغير جدا في فيلم “حياتي المجنونة Mi vida loca”، لم تنطق فيه سوى بكلمات قليلة، ما جعلها تشعر بعدم التقدير لموهبتها وأصابها باليأس والإحباط والفشل، فمثل هذه الأدوار الصغيرة لا يمكن أن تبرز موهبتها وقدراتها الفنية، وهو ما عبرت عنه ولم تخفه في لقاء تلفزيوني معها عرض في وقت متأخر من الليل، وشاء الحظ أن يشاهدها المخرج والمنتج والسيناريست الأميركي روبرت رودريغيز وزوجته المنتجة السينمائية إليزابيث أفيلان، فنالت إعجابهما ليمنحاها بطولة فيلم “خارج عن القانون Desperado” أمام النجم الإسباني أنتونيو بانديراس، والذي عرض منتصف التسعينيات وحقق نجاحا كبيرا، لتنطلق سلمى معه كالصاروخ في سماء هوليوود، وتشارك كبار النجوم العالميين بطولة أفلامهم، حيث شاركت في العام التالي مباشرة في فيلم “من الغسق حتى الفجر From Dusk till Dawn” أمام جورج كلوني، وفي 1997 لعبت بطولة فيلمين هما “اندفاع الحمقى Fools Rush In”، “انفصال Breaking Up”، وتوالت أعمالها والتي حصلت من خلالها على جائزة أفضل ممثلة، ومعها زاد تألقها لتصبح حديث الجمهور عندما برعت في الفيلم الكوميدي الأميركي “العقيدة Dogma”، وتحدت سلمى، نفسها في عالم الأكشن والكوميديا من خلال فيلم “برية الغرب المتوحشة Wild West” أمام ويل سميث، ثم كان دورها المتميز والرائع في فيلم “فريدا Frida” الذي قامت ببطولته العام 2002 وجسدت من خلاله شخصية الرسامة المكسيكية الأسطورية فريدا كالو، حيث بلغت القمة في تجسيدها الدور، الذي رشحها لست جوائز عالمية منها “أوسكار أفضل ممثلة”، “غولدن غلوب” و جائزة “بافتا”.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ذكاء شديد

لم تكتف سلمى، بما حققته كممثلة بل اقتحمت عالم الإخراج من خلال فيلم “معجزة مالدونادو The Maldonado Miracle”، وتم عرضه في مهرجان Sundance السينمائي العام 2003، كما خاضت تجربة المشاركة في أفلام الرسوم المتحركة بصوتها، ليس هذا فحسب، بل أسست شركة للإنتاج الفني أطلقت عليها “نافذة وردية Ventanarosa”، قدمت من خلالها العديد من الأعمال الدرامية منها الفيلم المكسيكي “لا أحد يكتب إلى الكولونيل El Coronel no tiene quien le escriba”، والذي عرض في مهرجان كان السينمائي، وتم اختياره كمرشح السينما المكسيكية لأفضل فيلم أجنبي في الأوسكار، ما أظهر حنكتها وقدرتها على انتقاء النوعيات المتميزة من الأفلام لكي تتصدى لها كمنتجة دون أن يفرض عليها أحدا شروطه، وسعت أيضا إلى إتاحة الفرصة للفنانات اللاتينيات لكي يعملن من خلالها حتى لا يعشن نفس تجربتها المريرة في بدايتها عندما تركت المكسيك بحثا عن حلمها في هوليوود.

لا يقتصر اهتمام سلمى حايك، على بنات جنسها في الفن فحسب، بل اختارت أن تدافع عنهن في الحياة عموما، من خلال دورها كناشطة اجتماعية في الدفاع عن النساء المعنفات وحمايتهن من التمييز والعنصرية.

ملكة متوجة

بعيدا عن الفن، تزوجت سلمى، الملياردير الفرنسي فرانسوا هنري بينو، الذي أنجبت منه ابنتها فالنتينا قبل انفصالهما بوقت قصير، كما باتت رمزا للأناقة ونموذجا تحتذي به الباحثات عن الجديد في عالم الموضة، خصوصا بعد تربعها على عرش الموضة، ومنافستها الشديدة لنجمات هوليوود ليس في التمثيل فقط ولكن أيضا في عالم الجمال والأناقة، والحفاظ على الرشاقة التي تجعلها تلتزم بنظام غذائي صحي صارم وتحرص بشكل دائم على ممارسة الرياضة واليوغا، ما جعلها تتصدر أغلفة المجلات التي تنشر صورها فيها وكأنها ملكة متوجة على عرش الموضة ودفع شركات الإعلانات لأن تركض خلفها من أجل الإعلان عن منتجاتها في عالم الصحة والجمال، وقد أصدرت مجموعة كريمات خاصة بالعناية بالبشرة تحمل توقيعها، كما اختيرت في استفتاء لمجلة “بيبول” كواحدة من أجمل خمسين شخصية في العالم.

عودة للجذور

رغم أنها قضت حياتها بعيدا عن لبنان، لكنها لم تنسها ودائما تذكرها وتكشف عن حنينها لها ورغبتها في زيارة بلد أجدادها، وهو ما تحقق العام 2015، وما ان وطأت بقدمها وطنها حتى قابلها اللبنانيون بحفاوة بالغة جعلتها تصرح لمحطة News NBC الأميركيّة “لم أشهد من قبل مثل هذا الترحيب الرائع في لبنان، فقد استقبلوني بالآلاف وأينما حللت يهرع الجميع لالتقاط الصور معي”.

حفلت زيارة سلمى، بالعديد من الأنشطة الاجتماعية والفنية، إذ زارت لبنان لكي تطلق فيلم “النبي”، من إنتاجها، وهو مأخوذ عن رواية الأديب اللبناني جبران خليل جبران وينتمى للرسوم المتحركة، وما ان أطلت النجمة العالمية في أسواق بيروت وسارت على البساط الأحمر، حتى أحاطها المعجبون وتهافتوا على التصوير معها.

أبهى صورة

لكن لماذا اختارت سلمى، هذا الفيلم تحديدا في زيارتها الأولى لبلدها لبنان؟، أجابت نجمة هوليوود: “لم أكن أريد أن آتي إلى بلد الأجداد خالية اليدين، جئت وبحوزتي فيلم أقدّمه لهم من كل قلبي”، وأوضحت أنها اختارت هذا الفيلم تحديدا لأنه عبارة عن رسالة موجّهة إلى الجيل الجديد، وقد نفّذ بالرسوم المتحرّكة ليشاهده هذا الجيل ويفهمه “لأننا في أمسّ الحاجة إلى مفاهيم ومبادىء إنسانية يتربى عليها الجيل الجديد”، كما أكدت أن اختيارها لعمل من أعمال جبران لكونه كاتبا وأديبا لبنانيا ولأن أدبه موجه لكل العالم وليس للبنان فحسب، بجانب اعتزازها بجذورها وثقافتها اللبنانية.

وكشفت سلمى، أيضا أن جدها لأبيها كان يحتفظ بكتاب “النبي”، وتجده دائما إلى جانب سريره، لكنها لم تستطع قراءته لكونه باللغة العربية وما أن بلغت الثامنة عشرة حتى بحثت عنه لشغفها بقراءته وعندما وجدته مترجما إلى أكثر من 50 لغة قرأته باللغة الانكليزية، فأعجبت وتأثرت به كثيرا، حتى خيل إليها أنها ترى جدها بين صفحاته وأنه يمدها بما تحتاجه من دروس في الحياة، لذلك قررت إنتاجه واختارت أن تجسد فيه بصوتها شخصية “كاملة”، ولم تبخل عليه كمنتجة، إذ بلغت ميزانيته 15 مليون دولار، واستعانت بنحو عشرة مخرجين، حتى ينفذ كما تريده في أبهى صورة.

خلال تواجدها في لبنان زارت سلمى، متحف جبران خليل جبران لتقترب أكثر من عالمه، وكتبت في السجل الذهبي للمتحف: “أسير عبر حلم لأغوص في روح صديق عنى لي الكثير، لم يسبق أن شعرت به قريبا إلى هذه الدرجة، وأعلم أنني لطالما أردت أن أكون هنا”.

أما فيما يتعلق بالأنشطة الإنسانية في لبنان، فتمثلت في قيامها بزيارة مركز سرطان الأطفال في الجامعة الأميركية بالعاصمة، بيروت، ومقابلة الحالات الصعبة فيه حيث أمدتهم بالطاقة الإيجابية وداعبتهم كثيرا وهم يلتقطون معها الصور التذكارية، كما أطلقت نداء “قرع الأجراس من أجل أطفال سوريا لجمع التبرّعات لدعم الأطفال والأسر المتضرّرة من الأزمة السورية، وزارت أحد المخيمات بمنطقة البقاع لمقابلة اللّاجئين السوريين واستمعت إلى مشاكلهم حتى ينتبه العالم لها”.

زاد حب لبنان في قلب نجمة هوليوود بعد أن تنفست هواءها وأحست بروح جدودها تحيط بها وهي تسير في أرجائه، ولم تشغلها حياتها الفنية بعد مغادرتها، بل حرصت على متابعة أخبار لبنان، وليس أدل على ذلك من المنشور الذي شاركته عبر “إنستاغرام” عندما حدث انفجار مرفأ بيروت، معبرة عن حزنها الشديد على ما حدث، حيث قامت بنشر فيديو للانفجار وصاحبته بالتعليق: “دمر انفجاران عاصمة لبنان.. قلبي مكسور على جميع الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم والذين هم بالمناطق المتضررة في بيروت الحبيبة”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading