تجاوز لبنان بسرعة وقائع «اليوم الطويل» لتشييع الأمينين العامين السابقين لحزب الله، حسن نصرالله، وهاشم صفي الدين، ويستعد لفصل جديد من انتظام الحياة الدستورية، حيث يشهد مجلس النواب من اليوم حتى بعد غد الخميس جلسات لمنح الثقة لحكومة نواف سلام، للبدء بمعالجة أجندة حافلة بالملفات، وفي مقدمتها التعيينات في بعض المناصب الحكومية الشاغرة والإصلاحات اللازمة لدوران عجلة الاقتصاد التي تحتاج لإصلاح، وصولاً إلى ملفات أخرى، مثل استكمال الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب لمباشرة إعادة الإعمار، وكيفية الوصول إلى استراتيجية دفاعية تعالج مسألة سلاح حزب الله.
وأفادت المعلومات بأن هناك إصراراً لدى رئيس الجمهورية جوزيف عون والرئيس سلام لإنجاز تعيينات أساسية في أول جلسة للحكومة بعد نيل الثقة، حيث سيتم تعيين قائد جديد للجيش خلفاً لعون، ومدير لقوى الأمن الداخلي، ومدير للأمن العام، وحاكم للمصرف المركزي، والهيئات الناظمة للطاقة، والاتصالات، والنفط.
وعادة ما تحتاج التعيينات في لبنان إلى مفاوضات طويلة بين القوى السياسية المتناقضة التي كانت تتقاسم السلطة والوظائف المهمة. وستشكل التعيينات هذه المرة اختباراً للعهد وقدرته على الإنجاز بطريقة مختلفة.
في الموازاة، يستمر التحضير لزيارة عون إلى السعودية يوم الأحد المقبل، قبل مشاركته في القمة العربية الطارئة بالقاهرة، كما يحضر سلام لجولات خارجية سيبدأها كذلك من المملكة.
واستقبل سلام، في السرايا أمس، وفداً من مجلس الأعمال اللبناني في الكويت برئاسة علي حسن خليل. وقد شكر سلام المجلس على ما يقوم به من نشاطات، متمنياً عودة الكويتيين إلى لبنان، نظراً للعلاقات التاريخية والمميزة التي تربط البلدين، ومنوهاً بالزيارة المهمة التي قام بها وزير الخارجية عبدالله اليحيا والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي إلى لبنان أخيراً، وأهميتها على صعيد تفعيل العلاقات في مختلف المجالات. ووعد رئيس الحكومة بزيارة الكويت في أقرب فرصة.
من ناحيته، قال خليل بعد اللقاء: «تشرفنا بزيارة الرئيس سلام، والهدف كان تعريفه على المجلس ودوره بتشجيع التبادل الاقتصادي والثقافي بين لبنان والكويت، وكانت مناسبة لتأكيد استعدادنا لتقديم الدعم للحكومة، واعتبارنا امتدادا للبنان من خلال نشاطاتنا الاقتصادية والتجارية والثقافية بالكويت».
وأضاف: «نحن كقطاع خاص نؤمن بلبنان ونلتزم بتقديم الدعم والتنمية الاقتصادية له، وتشجيع الشركات اللبنانية للمجيء الى الكويت، وكذلك أن تقوم الشركات الكويتية بالاستثمار في لبنان، فهدفنا الأساسي التنمية الاقتصادية والتبادل التجاري، وتفعيل أواصر العلاقة التاريخية بين البلدين».
على صعيد آخر، وفيما انقسمت التقييمات اللبنانية لمضمون كلام الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، بين من وصف الخطاب بأنه واقعي، خصوصاً أنه تضمّن تفويض الدولة اللبنانية بالرهان على الدبلوماسية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى تفويض الدولة بكل الملفات الأخرى، مع التزام الحزب بالبقاء تحت سقف اتفاق الطائف، وبين من اعتبر أن قاسم لم يقدم شيئاً جديداً طالما أنه تمسّك بالسلاح، تاركاً لحزبه اختيار الوقت الذي يراه مناسباً لاستخدامه.
ولا تزال التحديات الإسرائيلية هي الملف الأساسي الذي يواجهه لبنان، لا سيما بعد موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن فيه الإصرار على البقاء في 5 مواقع بجنوب لبنان. وهو يحاول تقديم ذريعة للقوى الدولية بأن تمسُّك حزب الله بسلاحه، وعدم تسليم منطقة جنوب الليطاني يشكّلان تهديداً لسكان المستوطنات الشمالية، وبذلك يحاول الحصول على المزيد من الدعم أو التغطية لمواصلة عملياته الحربية في لبنان بشكلها المتقطع، والذي لم يعُد مقتصراً على جنوب الليطاني فقط، بل يطول شمال الليطاني ومناطق بعيدة جداً عن الحدود، وسط مخاوف من أن تتوسع هذه العمليات لتشمل الكثير من المناطق البقاعية، كما يتوسع استهداف الحدود اللبنانية – السورية. ذلك لا ينفصل عن كل المسار الإسرائيلي القائم والمستمر في الجنوب السوري من عمليات استهداف عسكري أو قضم جغرافي.
في هذا السياق، تفيد بعض المعطيات بأن كل الضغوط التي تُمارس على إسرائيل لا تبدو جدية لدفعها إلى الانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، وتشير بعض المعلومات إلى أن التفكير الإسرائيلي يتركز على توسيع عدد النقاط التي يسيطر عليها جيش الاحتلال، لتشمل أكثر من 5 نقاط، ورفعها إلى 7 أو 8 نقاط، إضافة إلى الطرق التي توصل إلى هذه النقاط.