تبدو الأجواء الإقليمية والدولية مقفلة، ولا يوجد أي نافذة أمل بوصول إيعاز خارجي لإنتخاب هذا المرشح أو ذاك، وأي رئيس سينتخب بلا مباركة سعودية أو أميركية سيكون معزولاً وغير قادر على الإنجاز. من هنا تبقى لعبة الحسابات والبوانتاجات للتسلية الداخلية وتمرير الوقت، بينما يترقب الجميع تسوية أميركية – سعودية – إيرانية.
ويفهم فرنجية جيداً تلك التوازنات، وهو قد أعلن في وقت سابق عدم حماسته للرئاسة اذا لم ينل بركة سعودية، وبالتالي لا تزال معضلة إنتخابه كبيرة، إلا إذا كان «حزب الله» قادراً على تأمين الاكثرية المطلقة وأكثرية الثلثين ويحوّل البلد إلى «غزة ثانية».
وتسقط كل ادعاءات محور «الممانعة» بقرب الفوز بالرئاسة اللبنانية نتيجة المواقف الخارجية. وفي السياق، تؤكد مصادر مطلعة على الموقف السعودي لـ»نداء الوطن» أن المملكة وجّهت إشارات واضحة للحلفاء ومن يتأثرون بموقفها بأنّه ممنوع على طهران الفوز في لبنان، فالإتفاق السعودي – الإيراني يشمل اليمن بالدرجة الأولى وسوريا بالدرجة الثانية، ولم تصل رياحه إلى لبنان بعد، والحسابات اللبنانية مختلفة تماماً عن حسابات اليمن والعراق وسوريا. وأمام هذا الموقف السعودي المتشدّد، هناك عدم قدرة لكل من الكتلة السنية المعارضة وكتلة «اللقاء الديموقراطي» للسير بأي مرشح لا ينال ضوءاً أخضر سعودياً ويُحسب على محور «حزب الله»، ويُضاف إلى الموقف السعودي تشدّد أميركي كبير لا يسمح بانتخاب رئيس جمهورية ينتمي إلى المحور الإيراني. ولم يعطِ رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل موقفه النهائي من مسألة انتخاب فرنجية، وبالتالي لم تستقم حسابات محور «الممانعة» بلا موقف واضح من باسيل. ويحاول رئيس «التيار» شراء الوقت وهو يعلم كلفة الإستدارة والعودة إلى التحالف مع «حزب الله» وتغطية سياسته، لذلك تبقى الأمور الداخلية معلّقة وسط الموقف الاميركي والسعودي الحازم من تسوية انتخاب فرنجية.
وعلى رغم المواقف اللينة لكل من كتلتي «الإعتدال الوطني» و»اللقاء الديموقراطي»، تبقى المعارضة السيادية مرتاحة إلى وضعها لأنّها تعرف الخطوط الحمراء الإقليمية والدولية المرسومة، إضافةً إلى عراقيل الداخل، وهناك رفض مطلق لإنتخاب مرشح «حزب الله» ولن تكون هناك تسويات على شاكلة 2008 و2016، فالمعركة الحالية هي منع وصول مرشح «الحزب»، وأي دخول بتسوية لن تكون إلا وفق شروط قيام الدولة وتقليص نفوذ «حزب الله». وتغرق بعض الشخصيات «الممانعة» باحتساب عدد نواب المعارضة بـ31 صوتاً، وهؤلاء الذين وقّعوا على العريضة النيابية بعد حادثة الكحالة، لكن الحقيقة موجودة في مكان آخر، وهو عدم القدرة على جرّ البلاد إلى مواجهة مع المجتمع العربي والدولي وتحمّل نتائج إنتخاب رئيس ينتمي إلى المحور الإيراني.
ومن جهة ثانية، لا يملك أي فريق خصوصاً من هم محسوبون على المعارضة ومن ضمنهم النواب التغييريون الجرأة لتأمين نصاب لانتخاب رئيس ينتمي إلى محور «الممانعة»، بينما يجهد «حزب الله» لإعادة رص صفوفه بعد حادثة الكحالة التي أعادت تصويب البوصلة إلى خطر سلاحه.
تفصل الرياض علاقتها المستجدة مع طهران عن علاقتها بـ»حزب الله»، وتعتبر عدم تغيير سلوك «الحزب» في الداخل أو في الإقليم إشارة سلبية، لذلك تبقي على سياسة التصدّي لـ»الحزب» أينما كان، لذلك لن تسمح بانتخاب رئيس يغطي سياسته سواء كان فرنجية او غيره.