من حق كل نائب تغييري أو مجموعة منهم السؤال عن توجهات المرشح الرئاسي، أعني جهاد أزعور، ما داموا جميعهم يرفضون سليمان فرنجية بوصفه أحد أركان المنظومة التي هُم على نقيضها. وبديهي أن يسألوا عن برنامجه رغم أن السلطات التنفيذية مناطة بمجلس الوزراء وليس لدينا نظام رئاسي، غير أنه لا يحق لهم وضع المرشحَين في سلة واحدة انسجاماً مع شعار الثورة التعبوي في أول أيامها “كلن يعني كلن”.
نقول للنواب التغييريين: أنتم تمثلون من اقترع لكم مباشرة ومن شاركَكم الحلم ببرلمان أرجحيته للتغيير، لكن “ما كل ما يتمنى المرء يدركه…”. فنحن أبناء واقع سياسي يفرض علينا خيارات جيدة وأقل جودة وسيئة أحياناً منعاً لوصول الأدهى والأقرب الى التركيبة التي “فظَّعت” باللبنانيين.
لو كانت الأمور ملك أيدينا، لزايدنا على “تروتسكية” حليمة قعقور الرافضة مرشحي “الثنائيات الطائفية”، لا أدري وفق أي فهم سوسيولوجي للبنان، ولنَحَتْنا رئيسةً كاملة الأوصاف علماً وعلمانية لا دينية وأخلاقاً وعلاقات دولية وحرصاً على الديموقراطية والوحدة الوطنية وجمالاً أخَّاذاً، أو رئيساً يحوز معظم هذه الصفات. لكن “لا يكلِّف الله نفساً إلا وسْعها”، ونحن فعلاً لا نمتلك ترف تعدد الخيارات في جلسة انتخاب حصلنا على انعقادها بشق النفس وبعد إشهار سيف العقوبات وبعدما وصلت كذبة “ليتفق المسيحيون أولاً” الى نهايتها، وخابت فتوى “المرشح الجدّي” بانعقاد التقاطع على جهاد أزعور.
يجوز للمثقف الحر، لا لمثقف السلطة بالطبع، مثلما يجوز للأكاديمي والعامل في مركز أبحاث، أخْذ مواقف مبدئية قاطعة لا تلزمه بما يخالف قناعاته أو لا يتطابق معها. أما النائب فيخون الوكالة المعطاة له إن تدلَّع أو استنكف أو صوَّت بحياد وقت يكون صوته حاسماً أو محدداً لمصير أمة أو مرحلة سياسية مفصلية في بلد منهار. فكما ان امتناع نصف اللبنانيين عن المشاركة في الانتخابات النيابية الأخيرة أدى الى وصول كتلة متواضعة من التغييريين تعاني الأمرَّين لتمرير مشروع قانون أو لمنع مشروع تدميري، كذلك فإن عدم إجادة التصويب يوم 14 حزيران سيرسل رسالة خاطئة أو يطلق رصاصة رحمة على حظوظ مرشح هو أفضل من سليمان فرنجية بكثير.
تسهيلاً للأمر وعلى حليمة والدكتور البزري بالمَعيَّة، فلنُغفل مواصفات أزعور العلمية وموقعه في صندوق النقد الدولي، ولننسَ أسباب اتفاق كل القوى السياسية المعارضة عليه. هو، على الأقل، يتشارك مع التغييريين في رفض الجريمة السياسية والتمسك بالنظام الديموقراطي. وهو، في المعروض علينا، تقاطعٌ متواضع لكنه كاف لنعرف أي المرشحَيْن نريد.