صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

الدولة العبرية تتحدى “حزب الله” في عقر داره: لماذا اختارت فؤاد شكر؟

بقلم : طوني بولس - تعد ضربة استهداف فؤاد شكر قاسية لكن لا يتوقع توسع الحرب من بعدها إلى حرب شاملة تخرج عن النطاق الجغرافي للبنان، على رغم تهديدات "حزب الله" السابقة بقصف "تل أبيب" إذا استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، ويبدو أن انتقاء شكر كان هدفاً انتقامياً بسبب دوره في هجوم مجدل شمس وتفجير ثكنات البحرية الأميركية في بيروت عام 1983.

وجهت إسرائيل ضربة كبيرة إلى ضاحية بيروت الجنوبية قبل ساعات، مستهدفة مبنى بثلاثة صواريخ في منطقة حارة حريك معقل “حزب الله”، رداً على حادثة مجدل شمس في هضبة الجولان في الـ26 من يوليو (تموز) الجاري.

لا يختلف اثنان على قساوة الضربة واغتيال القائد العسكري الأول في الهيكلية العسكرية والأمنية للحزب فؤاد شكر، لكن لا تزال ترجيحات توسع الحرب وتحولها إلى حرب شاملة غير مؤكدة، وذلك رغم التهديدات السابقة بأن أي استهداف للضاحية، إذ يوجد معظم قادته ومؤسساته القيادية، سيقابل بقصف “تل أبيب” وتغيير حاسم في مسار المعركة التي دخل إليها الحزب بوصفه جبهة مساندة لحركة “حماس” عقب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأثارت دقة الاستهداف تساؤلات حول مدى قوة وتماسك الأمن الداخلي للحزب ومدى فعالية منظومته الاستخباراتية، والأهم مدى انكشافه أمام الاستخبارات الإسرائيلية، لا سيما أن تأكيد مقتله جاء بصورة رسمية وحاسمة على لسان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الذي أعلن تصفية ما وصفه برئيس أركان “حزب الله” والذي يلقب بـ”الحاج محسن” بتهمة أنه المسؤول عن هجوم “مجدل شمس”.

هدف مشترك

وتعتقد بعض الأوساط الأمنية أن انتقاء شكر بوصفه هدفاً انتقامياً إسرائيلياً له بعدان، الأول أن إسرائيل تعد المسؤول عن مقتل 12 شخصاً في مجدل شمس، والثاني أنه مطلوب أميركياً كونه متهماً بلعب دور محوري في تفجير ثكنات المشاة البحرية الأميركية بالعاصمة بيروت في الـ23 من أكتوبر عام 1983، مما أسفر عن مصرع 241 فرداً عسكرياً أميركياً، وإصابة 128 آخرين، وفقاً للخارجية الأميركية، بالتالي إمكانية وجود اتفاق أميركي – إسرائيلي على هذا الهدف.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ويتقاطع معظم المتابعين أن الضربة شكلت تحدياً مباشراً للحزب ومحور “الممانعة” في المنطقة وتوجه رسالة إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله بأن هناك خرقاً أمنياً كبيراً على مستوى قيادة الحزب، وتحديداً الصف الأول، إلا أن الترجيحات تتفق حول “ابتلاع” إيران وحلفائها الاغتيال مع شن “هجوم” انتقامي محدود ينفذه “حزب الله”، مستندين على مجريات الأمور عقب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بداية عام 2020، وكذلك عقب مقتل قادة عسكريين كبار من “حزب الله” أخيراً نتيجة استهدافات إسرائيلية في جنوب لبنان.

معادلات جديدة

وفي السياق رأى المحلل في الشؤون العسكرية والأمنية العميد خالد حمادة، أن الضربة الإسرائيلية بعثرت الأوراق بصورة كاملة، إذ يمكن الاعتبار أنه على المستوى العسكري أدخلت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت ضمن المناطق التي يمكن استهدافها في أي وقت أسوة بجنوب لبنان أو البقاع شرقاً، أما على المستوى السياسي فيمكن القول إنه “بعدما كان ’حزب الله’ يطالب بوقف إطلاق النار في غزة لوقف حرب ’المساندة’ في جنوب لبنان، سيصبح مطلبه وقف إطلاق النار على الضاحية مقابل وقف العمليات ضد إسرائيل”.

وفي رأيه فإن جرأة إسرائيل بمهاجمة الضاحية كانت مفاجئة لـ”حزب الله”، بخاصة أن وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب وجه قبل أيام قليلة رسائل داخلية وخارجية تسهم في تحييد بيروت عن أي استهداف.

رد “شكلي”

الخبير العسكري العميد يعرب صخر رأى بدوره أن “حزب الله” سيحاول استيعاب الصدمة كونه تحت الضغط، وبعيداً من تفاصيل الضربة الجوية تبقى النقطة الأساسية أن تل أبيب استهدفت الضاحية الجنوبية وتحدت الحزب الذي أعلن سابقاً أنه في حال تم قصف معقله الأساس ستكون “تل أبيب” في المقابل.

أما عن رد الحزب، فعد صخر أنه سيكون عبر إطلاق مجموعة من الصواريخ على أراض مفتوحة لحفظ ماء وجهه.

وفي سياق آخر، رأى المتخصص العسكري أن إسرائيل تتعرض لضغط أميركي ودولي لمنعها من مهاجمة “حزب الله” لكنها على رغم هذا الضغط تستدرجه لمواجهة، معتبراً أن أي رد على الاستهداف الإسرائيلي لا يوازي حجم الاغتيال وعمقه الجغرافي والاستراتيجي لن يكون له أي أثر حقيقي ويبقى رداً شكلياً وإعلامياً، وقال “الحزب طور قدراته العسكرية منذ عام 2006 وزاد مقاتليه إلى أكثر من 100 ألف مقاتل لكنه يبقى بعيداً من القدرات العسكرية والتكنولوجية الإسرائيلية”.

السيطرة على لبنان

من جانبه، أشار الكاتب السياسي مروان الأمين، إلى أن حجم الاستهداف أربك “حزب الله”، كونه حصل في الضاحية الجنوبية معقل قيادة الحزب، إضافة إلى مستوى الاستهداف الذي طال رأس الهيكلية العسكرية والأمنية، وأضاف أن الرد على الاستهداف سيكون منسقاً مسبقاً مع إيران.

وعن مستوى الرد المرتقب، اعتبر أنه سيكون تحت سقف الخطوط الحمراء لأن إيران لا تريد حرباً شاملة في المنطقة، وقد جرت العادة أن تستوعب إيران التضحية بشخصيات عديدة مثل سليماني وغيره من قادة الميليشيات الموالية لها، وخصوصاً أن تلك الاغتيالات لا تشكل تهديداً وجودياً لنظامها أو انتشارها في دول المنطقة.

وفي تقديره فإنه طالما لم توجه إسرائيل الضربة القاضية للحزب فإن إيران ستمارس الانضباط وتمنع تحول الحرب إلى مواجهة شاملة يمكن أن تدخل المنطقة بالحرب الكبرى، وخصوصاً أن الحزب هو خط دفاع أمامي عنها وهو عراب الفصائل والأذرع التابعة لها، إضافة إلى أن الأهم بالنسبة لإيران أن يبقى “حزب الله” مسيطراً على لبنان وهذه أولوية تتقدم على أي هدف آخر، في حين أن الحكومة الإسرائيلية لم تضع ضمن أهدافها حتى الآن القضاء عليه إنما فقط إبعاده عن حدودها لعدة كيلومترات، وتحديداً بين سبعة و10 كيلومترات شمال نهر الليطاني.

خطوط حمراء

هذه القراءة يتقاطع معها موقف المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويوران، الذي عدَّ أنه ليس من مصلحة إيران أن تتوسع الحرب في المنطقة، بالتالي طهران غير معنية بتغيير المعادلة الحالية والانتقال إلى حرب شاملة، مؤكداً وجود خطوط حمراء في المنطقة لعدم شن حرب إقليمية وإيران ملتزمة بها.

ولفت إلى أن قيادة “حزب الله” لديها التقدير المناسب لاتخاذ الموقف من دون العودة لإيران، مؤكداً أن تحالف الطرفين لا يملي على الحزب التنسيق المسبق مع إيران للرد.

وفي رأي رويوران فإن “حزب الله” قادر على استهداف أي نقطة في إسرائيل من شمالها إلى جنوبها، وقد عرض بنك الأهداف، وهذا يعكس قدرة تجاوزه القبة الحديدة والإمكانات التكنولوجية الإسرائيلية، لكنه لا يريد أن يكون هو البادئ بتوسيع الحرب من محدودة إلى شاملة.

فرصة لإيران

ويلفت المتخصص في العلاقات الدولية في جامعة واشنطن إدموند غريب إلى أن الإدارة الأميركية تأمل في التوصل إلى تهدئة، مشيراً إلى أن أميركا تؤيد إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها قلقة من التصعيد مع “حزب الله”، وأن واشنطن تعمل على تجنب التصعيد الذي لا يخدم أي طرف وفق تقييمها.

“الإدارة الأميركية تعاني ضعف تأثيرها في إسرائيل، لا سيما بعد زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو” إلى أميركا قبل أيام وخطابه أمام الكونغرس الأميركي الذي أعطاه زخماً معنوياً كبيراً، يقول غريب، ويعد أن إرسال المدمرات وحاملات الطائرات إلى سواحل الحوض الشرقي للمتوسط ليس إعلاناً للحرب، كما حصل عقب اغتيال شكر، إنما هدفه توجيه رسالة ردع في حال قررت إيران توسيع الحرب.

وشدد على أن واشنطن تبذل جهوداً كثيفة لمنع تحول الحرب المضبوطة حالياً إلى حرب إقليمية تشارك فيها إيران بصورة مباشرة أو عبر أذرعها في اليمن والعراق وسوريا وحتى فصائل أفغانية وباكستانية، كاشفاً عن رسائل وجهتها أميركا إلى “حزب الله” عبر الحكومة اللبنانية للتهدئة.

وأكد أن هناك أصواتاً في المؤسسات الأميركية وإدارة الرئيس جو بايدن تؤيد إعطاء فرصة للرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان الذي يحاول توجيه رسائل إصلاحية وانفتاح، بالتالي يريدون معرفة لأي مدى يمكن فتح حوار مع إيران، إلا أنه في المقابل يضغط التيار الجمهوري ومرشحه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بعكس ذلك، ويتهم مناصروه بايدن بالضعف والتخاذل لعدم إرسال رسائل قوية وحازمة ضد إيران.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأنها وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading