صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

الحرائق تلتهم الغابات.. تهديد ينذر بعواقب وخيمة

تزامنا مع موجات الحرارة القياسية التي تعرفها العديد من المناطق حول العالم خلال الصيف الجاري، تشهد دول بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، حرائق كبيرة، أدى اتساع رقعتها وشدتها إلى تدمير آلاف الهكتارات من الغابات.

واجتاحت حرائق عنيفة شمال شرق الجزائر، بداية الأسبوع الجاري، متسببة في تدمير آلاف الهكتارات من الحقول والغابات، ما فاقم من خسائر البلاد من المساحات الخضراء، بعد أن تسببت حرائق الصيفين الماضيين في إتلاف أكثر من 150 ألف هكتار من الأراضي.

وفي الجانب الآخر من الحدود مع تونس، بدأت السلطات في عمليات مسح الأضرار بعد حرائق، عرفتها مناطق بشمال غرب البلاد.

وتشير المعطيات الأولية إلى أن الحرائق المندلعة في ولايتي جندوبة وباجة، أدت إلى إتلاف ما لا يقل عن 600 هكتار من الغابات، فيما تسببت النيران في ضياع أكثر من 750 هكتارا، بكل من سليانة والقيروان وباج.

وبالضفة الأخرى من حوض المتوسط، أتت الحرائق المندلعة باليونان، منذ أيام على آلاف الهكتارات من المساحات الحرجية بجزيرتي رودوس وكورفو، وأخرى في جزيرة إيفيا، بحسب السلطات.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وتتوقع التقارير الدولية أن تزداد هذه الأوضاع سوء خلال السنوات المقبلة، ويشير إصدار لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن عدد حرائق الغابات، على المستوى العالمي، سيرتفع بنحو 15 بالمئة بحلول عام 2030، و30 بالمئة بحلول عام 2050، و50 بالمئة عام 2100.

أمام الأوضاع الحالية والتوقعات المتشائمة حول المستقبل، تفرض أسئلة مآلات الغابات والمساحات الخضراء المحترقة وفرص “تعافيها” لإقامة أنظمة بيئية مستجدة، نفسها بقوة، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي كانت السبب الرئيسي وراء أغلب حوادث اندلاع النيران خلال السنوات الأخيرة.

سيناريوهات

رئيس منظمة مدرسي “علوم الحياة والأرض” بالمغرب، عبد الرحيم الكسيري، يرى أن استمرار حرائق الغابات بالشكل الذي نراه اليوم، سيتسبب خلال السنوات الأخيرة، في مشكلات خطيرة “لا تهدد دول المنطقة فحسب بل توازن الأرض ككل”، كاشفا أن مصير الأراضي الخضراء المحترقة يرتبط بثلاثة سيناريوهات.

السيناريو الأول والأسوأ، بحسب الخبير البيئي يتمثل في الزحف العمراني على هذه المساحات لغايات إقامة مشاريع سكنية أو تجارية، أو حتى فلاحية، لافتا إلى أن هذه الأخيرة تمثل سببا رئيسيا في اندثار الغابات، مقدما مثال غابات الأمازون التي يتم فيها محو مساحات كبيرة من أجل إقامة أنشطة زراعية الزراعي.

في هذا الجانب، يتأسف المتحدث ذاته في حديثه لموقع “الحرة” إلى أن بعض الحرائق “مجهولة السبب” والتي تندلع بعدد من دول المنطقة، غالبا ما ترتبط بمثل هذه المشاريع، حيث يتم تعمّد إضرام النيران لـ”فسح المجال” أمام إقامة مشاريع فلاحية أو اقتصادية.

فيما يرتبط السيناريو الثاني، بحسب المتحدث ذاته، بمحاولات الحكومات أو المنظمات غير الحكومية “استصلاح الأراضي المحروقة، من خلال إطلاق عمليات إعادة تشجير، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تبقى مكلّفة ماديا وزمنيا.

ويشير المتحدث إلى أن الأشجار والغابات بصفة عامة، قد تتطلب بين 25 و50 عاما من أجل النمو، وما بين 60 و80 عاما من أجل إعادة خلق منظومة بيئية متكاملة ومتوازنة، مقدما مثال السنوات الخمسين التي يحتاجها نمو شجرة أرز واحدة.

وإلى جانب المدد الزمنية الطويلة والتكلفة المالية الباهظة، يشير المتحدث ذاته إلى أن نجاح عمليات التشجير “يبقى غير مضمون بسبب التحديات المناخية الجديدة”، موضحا أن “تغير الأوضاع المناخية، مقارنة بالظروف التي ساهمت أول مرة في نمو الغابات والأشجار التي نراها اليوم، يعقد من إمكانيات خلق نظم بيئية مماثلة من جديد”.

ويبرز الكسيري أنه أمام الصعوبات المذكورة، تعمد بعض الدول إلى زراعة بعض الأشجار الأخرى التي لا يحتاج نموها وقتا طويلا وتعطي نتائج سريعة، مثل الأوكاليتوس، غير أنه يشير إلى أن أن هذا الخيار “يبقى أيضا كارثيا على المستوى البيئي، إذ أن هذه الأشجار لا تكون دائما متكيفة مع المناخ المحلي، مما يعمق إشكاليات تفقير التربة واستنزاف الموارد المائية”.

ويضيف الخبير المناخي أن الغابات ليست فقط أشجارا وغطاء نباتيا، بل أيضا حيوانات وتربة ومياه، وهي مكونات تتمازج وترتبط فيما بينها من أجل تشكيل منظومة بيئية متكاملة ومتوازنة، ولا يمكن أن يتحقق فيها التوازن خلال عام أو إثنين.

ويشدد المتحدث على الصعوبات التي ترتبط بـ”إعادة الحياة للنظم الإيكولوجية المتدهورة”، مؤكدا أن التركيز ينبغي أن ينصب على حمايتها منذ البداية، من النيران ومن مختلف مسببات دمارها الأخرى.

خيارات التعافي

ويشير تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وقاعدة بيانات الموارد العالمية – أريندال،  إلى أن التأثيرات المرتبطة بحرائق الغابات، تختلف من بلد إلى آخر، فقد تمتد لأسابيع أو حتى سنوات.

في نفس السياق، يوضح الخبير البيئي والمناخي، حسن التليلي، أن التضاريس والمناخ الخاص بكل بلد، فضلا عن حجم الحرائق وقوتها، هي ما “يحدد مآلات الأراضي التي احترقت”.

ويؤكد التليلي أيضا في تصريح لموقع “الحرة”، أن الدراسات والتوقعات تحدد أن استعادة المنظومات الغابية المدمرة بسبب الحرائق، يتطلب ما بين 30 عاما إلى نصف قرن تقريبا.

ويلفت المتحدث إلى أن الحياة البرية والموائل “غالبا لا تنجو من حرائق الغابات، مما يتسبب بانقراض بعض الأنواع الحيوانية والنباتية”، مذكرا في هذا الجانب بحرائق الغابات الأسترالية عام 2020، والتي يقول إنها قضت على المليارات من الحيوانات الأليفة والبرية.

في سياق متصل، يوضح المتحدث ذاته إلى أن بعض الحرائق تنتشر في أسفل الأتربة التي تتكون من ركام أوراق الأشجار، وبالتالي فإن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يسبب حرائق جوفية جديدة، مما يمثل مشكلة أمام مساعي احتواء الحرائق بشكل كامل، أو إعادة استصلاح الأراضي، إذ أن النيران قد تبقى في حالة كمون لأشهر قبل أن تنشب من جديد.

ويضيف المتحدث ذاته أن خيار استصلاح هذه الأراضي واستغلالها في المجال الزراعي والفلاحي يبقى مطروحا وتعمد إليه عديد الدول، غير أنه يلفت أيضا إلى أن هذه الخطوات لا تعالج مشكل فقدان آلاف الأشجار وتدهور مئات النظم البيئية.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading