صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
إستطلاع
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast
إشتركوا في نشرتنا

الأسد في قمة جدة.. حيثيات “صورة رمزية” لـ “فخامة الرئيس القاتل”

بقلم : ضياء عودة - قبل أقل من عامين ألقى السفير السعودي السابق لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، خطابه الشهير في الجمعية العامة بعنوان "لا تصدقوهم"، مستهدفا رواية النظام السوري و"زعيمه الذي يقف فوق هرم من جماجم الأبرياء".

وبينما عكست كلماته في تلك الفترة الموقف السياسي للرياض بشأن سوريا تُمثل الاستعدادات التي تشهدها مدينة جدة الآن انقلابا كليا عن السابق، “فمن يدعي النصر العظيم”، حسب المعلمي، سيكون حاضرا بين الزعماء العرب في مدينة جدة، يوم الجمعة، وبرصيده “الكثير من أشلاء الأبرياء”.

ومن المقرر أن يصل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى جدة، الخميس، استعدادا للمشاركة في القمة العربية على مستوى القادة، الجمعة. ومن المتوقع أيضا أن يلتقط الكثير من الصور مع نظرائه ويلقي خطابا “تاريخيا”، حسب ما ذكرته وسائل إعلام مقربة منه.

ولسنوات وبعدما كان الأسد بنظر الكثير من الدول العربية وسياسييها “قاتلا” سيتم الترحيب به في القمة المقبلة تحت اسم “فخامة الرئيس السوري”، وعلى أنه يمثل سوريا كاملة، وهي المقسمة حتى الآن بين عدة أطراف نفوذ، فيما يعاني مواطنوها في الداخل والخارج من تبعات سياسة أمنية وجرائم حرب ضد الإنسانية.

وعلى مدى السنوات الماضية كانت الكثير من الدول العربية قد انخرطت سياسيا في الملف السوري، سياسيا بدعمها أطراف المعارضة، وعسكريا بالدعم الذي قدمته لفصائل مسلحة على الأرض، وحتى أنها أكدت على مطلب “رحيل الأسد عاجلا وآجلا” كثيرا.

لكنها سحبت يدها وبالتدريج شيئا فشيئا، إلى أن وصلت إلى نقطة التواصل وإعادة العلاقات.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

ويعتبر حضور الأسد في القمة ثمرة اجتماعين تشاوريين للعرب، الأول عقد في جدة والثاني في العاصمة الأردنية، عمّان.

ورغم أن العناوين الرئيسية لخطوة كهذه، يقال إنها تستهدف “حلا سياسيا”، يرى مراقبون الصورة مغايرة لذلك، وأن التحركات الخاصة بالأسد هدفها الأول “ملف الكبتاغون”، مع السعي لإعادة تعويمه بعدما “ربح الحرب”، بحسب وجهة نظر دول عربية.

ويشير المراقبون الذين تحدث إليهم موقع “الحرة” إلى أن المشهد والصورة التي ستخرج للأسد من داخل قاعة اجتماعات القمة ستكون “رمزية ومخزية” وأنها ستعطي “نصرا معنويا للأسد”، في ظل الخطوط الحمر التي تضعها الولايات المتحدة والدول الغربية أمام أي “خطوة بالمجان”.

“الحبيب لحبيبته”

ويشي المشهد الخاص بالنظام بأن مشاركة الأسد تشكّل “انتصارا لسوريا بعد سنوات من الحرب ضد الإرهاب”، بينما اعتبر وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، أن ما يحصل هو بمثابة “عودة  الحبيب إلى حبيبته”، حسب ما صرّح لوسيلة إعلام روسية، الخميس.

في المقابل، وبينما يخفت ذكر جرائم الحرب وضد الإنسانية المرتبطة بالأسد على لسان المسؤولين العرب، فهم يواصلون التأكيد على أن “إعادة سوريا للجامعة” وأن حضور الأسد للقمة، يستهدف “حلا سياسيا للأزمة في البلاد”.

كما تهدف الخطوات العربية إلى إيجاد حلول لـ”عودة اللاجئين”، ووقف عمليات تهريب المخدرات وحبوب “الكبتاغون”، وهو الملف الذي اعتبرته وسائل إعلام غربية سابقا على أنه “ورقة ابتزاز استخدمها الأسد”، ليحظى بالمقعد.

وحتى الآن لا تزال واشنطن والدول الغربية تؤكد على أن “الحل السياسي في البلاد يجب أن يكون بموجب قرار مجلس الأمن 2254″.

كما ترفض الولايات المتحدة أي محاولة تطبيع وإعادة تعويم للأسد، والذي وصفته بـ”الديكتاتور الوحشي” و”المستبد”، لاعتبارات تتعلق بالجرائم التي ارتكبها على مدى السنوات الـ12 الماضية من الثورة السورية.

“صورة رمزية ومخزية”

ويرى الناشط السياسي السوري ومدير “مركز الشرق للدراسات”، الدكتور سمير التقي، أن الصورة التي ستخرج للأسد من اجتماعات القمة فيها “رسالة للسوريين، لأنهم افترضوا أن قواعد النظام والقانون الدولي تشكل قدَرا بالنسبة لهم” وأن “هذا الأمر غير صحيح”.

ويقول التقي لموقع “الحرة”: “يجب علينا النظر للفلسطينيين الذين كان بجيبتهم عدة قرارات، لكن المجتمع الدولي لا يعمل على أساسها، بل بناء على منطق الدول”.

ويضيف “الآن إذا سألنا العرب ما رأيكم ولماذا اجتمعتم مع الأسد بعدما دعمتم الثورة؟ سيكون الجواب: إنكم خسرتم المعركة ونحنا سنصنع الحاضر، وأساس الاعتراف في القانون الدولي هو من يسيطر على الأرض”، حسب حجتهم.

لكن فعليا، ووفق التقي، لا يسيطر نظام الأسد حتى الآن على الأرض، ولا يستطيع إدارة شؤونه ضمن مناطق سيطرته، بينما 65 بالمئة من اقتصاد البلاد خارج إدارته، فضلا عن الوضع في الجنوب السوري.

ويشير ذلك إلى أن معايير الدول العربية بهيمنة الأسد على الأرض “باطلة”، ويضاف إليها عدد السكان المهجرين قسرا خارج بلادهم.

ويضيف التقي أن “الصور التي ستصدر للأسد في القمة لن تكون إلا رمزية وشكلية وتذكارية، كون الدول العربية لن تتمكن من فعل أي شيء، ولا تملك قدرة على الأرض من إعادة إعمار وغير ذلك”.

بدوره يعتبر الكاتب والصحفي اللبناني، حازم الأمين، أن “الصورة التي ستخرج للأسد من اجتماعات القمة ستمثل مشهدا مخزيا، لاسيما أن عنوانها الوحيد هو الكبتاغون”.

ويقول الأمين لموقع “الحرة” إن “درجة الانحدار بالسياسة العربية وصلت إلى مستوى أن يعاد الاعتبار لنظام المصلحة الوحيدة من إعادته هو الكبتاغون”.

ولا يوجد شيء آخر سوى “الكبتاغون”، ويضيف الكاتب اللبناني أن “الثمن الذي سيدفعه العرب سيكون كبيرا، ومن الواضح عدم وجود رضا غربي بل ذهول، ويمكن رصده بالعقوبات التي تصيب المحيط المباشر للأسد”.

لكن الأكاديمي والمحلل الجيوسياسي الأردني، الدكتور عامر السبايلة، يرى أن حضور الأسد في القمة هو “أمر واقع بناء على طريقة التعامل في الفترة الماضية، والتي عبّدت الطريق لفكرة العودة”.

ويوضح السبايلة لموقع “الحرة”: “في ثمانينيات القرن الماضي، وصل الخلاف مع حافظ الأسد إلى درجة كبيرة وانتهى كحليف بعد الحقد الباطن”، وهو ما يحصل الآن”.

وفيما يتعلق بتحوّل الموقف العربي، يشير الباحث إلى أن الأمر ينطبق على عدة محطات سابقة من الصراع العربي، وعلى رأسها الأزمة الخليجية.

ويرى أن الدول العربية تعتقد أنه “لا يمكن التفكير بحل بسوريا دون إشراكها في المعادلة”.

وبهذه الخطوة “يلقي العرب بالكرة في الملعب السوري”، بمعنى “في مقابل العمل على موضوع العقوبات والقبول الدولي يجب تقديم ضمانات وخطوات إجرائية من سوريا”، وفق السبايلة، مؤكدا أن “الرهان هو على هذا الموضوع”.

“فيتو أمريكي وغربي”

ومن غير الواضح أين ستستقر الخطوات العربية بشأن النظام السوري، وفي أعقاب حضوره لاجتماعات القمة، التي تقودها السعودية.

واستنكرت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، لـ “الحرة“: “لا نعتقد أن سوريا تستحق إعادة القبول في جامعة الدول العربية في هذا الوقت. وهذه نقطة قمنا بتوضيحها لجميع شركائنا”.

وأضاف باتيل “نحن نتفهم أن شركاءنا يعتزمون استخدام الانخراط المباشر مع نظام الأسد لدفع المزيد من التقدم والمطالبة بإحراز تقدم في هذه المجالات خلال الأشهر المقبلة. وفي حين أننا نشكك في استعداد الأسد لاتخاذ الخطوات اللازمة لحل الأزمة السورية فإننا نتفق مع شركائنا العرب في الأهداف النهائية”.

ويتوازى هذا الموقف الأميركي مع خطوات فعلية يتم وضع آخر الرتوش عليها، وتتمثل بإقرار مشروع قانون يمنع الحكومة الاتحادية من تطبيع العلاقات مع سوريا.

وتوسع الخطوة المذكورة أيضا قانون قيصر الأمريكي الذي يفرض مجموعة عقوبات صارمة على النظام السوري، منذ 2020.

ويوضح الكاتب حازم الأمين أن “الذهول الغربي من الخطوات العربية يتم رصدها الآن من خلال القانون الذي يناقشه الكونغرس، والمتعلق بتجريم العلاقة مع النظام، وإعادة الاعتبار لقيصر، بحيث جعله معيارا لأي علاقة مقبلة”.

ومع ذلك يرى الأمين أن “المدهش عربيا، ولاسيما من جانب الخليج والسعودية، أنها تسعى للاستثمار بلحظة توترها مع واشنطن”.

وعلى المدى الطويل “سيكون لما سبق ارتدادات على المملكة، وستتضح الدرجة الكبيرة من التهور” من جانبها، وفق الكاتب.

ويقول الأكاديمي السوري، سمير التقي، إن “المجتمع الدولي لن يترك ميزان القوة العسكري الذي فرضته إيران وروسيا في سوريا، ليكون معيارا للحل في البلاد”.

ويضيف التقي أن “الرسالة المهمة حاليا من جانب واشنطن هي أن العرب لن يتمكنوا من إعادة الإعمار أو فعل أي شيء لإنقاذ النظام”.

ويعتقد أن “الدول العربية لن تتمكن من تحريك أي شيء، لأن إعادة تأهيل الأسد بدون حل سياسي، يعني أن سوريا ستبقى دولة فاشلة وبالتالي إطالة معاناة الشعب السوري”.

أما بخصوص الموقف الأميركي يشرح التقي أن “خطوات واشنطن مهمة جدا، وخاصة الحالية”.

ويتابع أن “أميركا والدول الغربية لن توافق على حل في سوريا يكرس ميزان القوة الراهن، ولن توافق على حل يؤدي إلى استدامة النزاع لأجل غير مسمى كما حصل في لبنان”.

“انتكاسة أخلاقية”

وبعد 12 عاما من الحرب، لا يزال ملايين اللاجئين السوريين خارج البلاد، والملايين من النازحين داخلها.

علاوة على ذلك لم يتمكن النظام السوري من فرض كامل سيطرته على الأراضي.

ووثقت الكثير من منظمات حقوق الإنسان الدولية استخدامه للغازات السامة في قتل المدنيين، إضافة إلى قتله آلاف السكان في المعتقلات ومن خلال القصف الجوي والعمليات العسكرية.

وفي حين ستشكل مشاركة الأسد في القمة “انتصارا معنويا له”، ستلقي بظلال الخيبة والخذلان على الكثير من ذوي الضحايا، وأولئك الذين ينتظرون العدالة والمحاسبة.

وتعتبر الناشطة السياسية السورية، عالية منصور، أن حضور الأسد مع الزعماء العرب سيكون “مخيبا لآمال السوريين من الحضن العربي”.

وتتابع في حديثها لموقع “الحرة”: “لأننا نعرف أن السوريين لن يغادروا الحضن العربي أبدا، بينما الأسد لم ولن يكون في هذا الحضن”.

و”لن ينتج حضور الأسد للقمة أي حلول”، وفق منصور، بل سيعطي النظام السوري “هامشا للمناورة في الكثير من المواضيع، وعلى رأسها الكبتاغون وقضية اللاجئين”.

وكان وزير الخارجية، المقداد، قد دعا في اجتماعه مع وزراء الخارجية العرب إلى دور عربي في إعادة الإعمار كشرط لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

وقال: “نتطلع لأن يكون الدور العربي فاعلا في مساعدة اللاجئين السوريين بالعودة إلى بلدهم، ومما لا شك فيه أن عملية إعادة الإعمار ستسهل هذه العودة”.

وأضاف في ذات السياق “نريد من اللاجئين العودة إلى وطنهم ليكونوا عبئا على وطنهم، وليس على الآخرين”.

ووفق ما يقول الناشط السياسي السوري، حسن النيفي، فإن “صورة الأسد القاتل المجرم في الأمس سوف تجبّها صورة فخامة الرئيس بشار الأسد، الجمعة”.

ويضيف لـ”الحرة” “لا غرابة في ذلك طالما أن السياسة لدى الحكام العرب كانت ولا تزال مقرونة على الدوام بالمصلحة النفعية الضيقة وبعيدة بالمطلق عن أي معيار قيمي إنساني، وغياب الرادع الأخلاقي بالكامل”.

ويؤكد أنه “حينئذ تصبح مصافحة القاتل والمجرم هي التعبير الأدق عن الماهية الجامعة والقيم الناظمة لعلاقة الحكام العرب بالحاكم الأسد”، حسب تعبير النيفي.

ويرى الأمين، “أننا الآن أمام لحظة انتكاسة كبيرة في المشهد الأخلاقي العربي”.

ومن الواضح أن “الخطوات الحالية لن تكون لها نتائج عملية على صعيد إعادة الإعمار، وإنما معنويا للنظام، كونها تمثل خطوة التقاط أنفاس كبير بالنسبة للأسد”.

ويضيف “السعودية تتاجر في النهاية وتقبض الثمن في اليمن مقابل إعطاء الإيرانيين في سوريا، فضلا عن ملف الكبتاغون وهو ورقة التفاوض الوحيدة للنظام”.

ويوضح الأمين أنه “لا تتواجد أي خطوة للنظام باتجاه المصالحة والعفو العام وموضوع عودة النازحين. الأسد لا يرى اللاجئين على أنهم مواطنين يجب أن يعودوا”.

من جهتها، توضح الناشطة منصور أن “الأسد هو سبب تهجير السوريين، ولو كان يريدهم لما أقدم على تهجيرهم”.

وتقول: “الجامعة العربية كانت لها مبادرة لم يلتزم بها النظام، الأمر الذي أدى إلى تعليق عضويته. عندما فشلت، أعادته ولم تفرض عليه تطبيق أي شيء”.

و”لا يمكن القول إن عودة الأنظمة العربية إلى الأسد تعبر عن حاجتهم إليه أو تجسد مصلحة تعود إلى أوطانهم أو بلدانهم بأي نفع”، حسب تعبير الناشط النقي.

ويعتبر أن “نظام الأسد اليوم كالجثة المتفسخة التي لا تفوح منها سوى الشرور الكريهة، ولعل الكبتاغون أحد تجلياتها”.

من جانب آخر، يقول النيفي إن “استمرار سياسة المهادنة الأميركية مع إيران جعل حكام الخليج يشعرون بزوال المظلة الأمنية الرادعة للخطر الإيراني، ما دفعهم للاعتقاد بأن التسليم والانصياع للغول الإيراني هو أجدى من مواجهته”، مضيفا أن “نظام الأسد هو بوابة عبور نحو طهران لا أكثر، بل هو الشرط الإيراني لقبول الخضوع والانصياع الخليجي”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading