وأعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أن وزير الخارجية أبلغه قراره، في حين أصدرت وزارة الخارجية بياناً لم تنفِ فيه تنحي بوحبيب، وتحدثت عن ضغط في مواعيده خلال الفترة المقبلة.
وقال البيان: «تناقل بعض وسائل الإعلام أخباراً مفادها عدم رغبة وزير الخارجية والمغتربين برئاسة الوفد الوزاري المؤلَّف للتباحث مع السلطات السورية بمعالجة أزمة النزوح، وما ربطته بعض التحليلات بتطورات وقرارات أجنبية صادرة حديثاً تتعلق بهذا الملف، وغيره من الاستنتاجات»، موضحاً أن «دور وزير الخارجية فيما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان هو التواصل والقيام بالاتصالات الدبلوماسية والسياسية مع الأشقّاء العرب، وبالأخص السوريون وسائر الدول الصديقة، وهو الأمر الذي يقوم به، حاضراً ومستقبلًا، وبالتنسيق مع رئيس الحكومة، وسيتابعه باستمرار، أما المسائل التقنية فتعود صلاحية متابعتها للوزراء والأجهزة المختصة؛ كلٌّ ضمن اختصاصه، بما يتكامل ولا يتعارض مع الشق المُناط بوزير الخارجية والمغتربين».
وأضاف البيان: «كذلك يحفل جدول أعمال وزارة الخارجية والمغتربين، في الأشهر المقبلة، بمناسبات عدة تتطلب حضوراً ومشاركة رفيعة المستوى، ومنها اجتماع اللجنة الوزارية العربية، المنبثقة عن اجتماع عمان بشأن الحوار مع سوريا، في منتصف شهر أغسطس (آب) المقبل، يليها في الشهر نفسه التجديد لقوات (اليونيفيل) في (مجلس الأمن الدولي) في نيويورك، واجتماع وزراء الخارجية العرب، في النصف الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في النصف الثاني من سبتمبر في نيويورك أيضاً، وغيرها من اللقاءات والمؤتمرات الإقليمية والدولية».
شرف الدين: تعاون سوري إيجابي
وحمّل شرف الدين، بوحبيب مسؤولية التأخر في عدم تحديد موعد للوفد الوزاري إلى سوريا، وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «لم أتفاجأ بقرار تنحي وزير الخارجية، وأنا كنت قد طلبت منه التنحي إذا لم يُرد أن يحدد موعداً للوفد الوزاري إلى سوريا، لكن المشكلة تكمن في أنه تسبَّب في إضاعة فترة شهر ونصف الشهر من الوقت، بعد التكليف، ليعود ويعزو السبب في النهاية إلى ضغط في مواعيده، وكأن قضية عودة النازحين هي أمر ثانوي!»، مؤكداً، في المقابل، «التعاون الإيجابي من قِبل سوريا، إنما المطلوب العمل الجِدي من قِبل المعنيين في لبنان».
ولفت شرف الدين إلى أنه بعد قرار بوحبيب، «لا بد من انتظار عودة ميقاتي، الموجود خارج لبنان، إلى ما بعد 24 من الشهر الحالي؛ للبحث في القضية».
وكان «مجلس الوزراء» قد شكّل لجنة لمتابعة عودة النازحين، بناء على قرار جامع وتأكيد من ميقاتي عمله الجدي على هذه القضية، وكان وزير المهجرين قد قام بزيارة، قبل أسابيع قليلة، إلى دمشق وصف نتائجها آنذاك بالإيجابية، وتحدَّث عن ثقة بين الطرفين وجهوزية لبدء استقبال أعداد كبيرة من النازحين، قد تصل، في المرحلة الأولى، إلى 180 ألفاً، بشرط البدء بالخطوات العملية المطلوبة.
رفض القرار الأوروبي
في موازاة ذلك، لا يزال قرار «البرلمان الأوروبي»، الذي دعّم بقاء اللاجئين في لبنان، يلقى رفضاً لبنانياً واسعاً، وتستمر المواقف المستنكرة له.
وهذه القضية كانت حاضرة في اللقاء الذي جمع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، في دارة رئيس اتحاد بلديات قضاء بشري إيلي مخلوف، وتركز على «آخِر ما آلت إليه التحقيقات والمسار القضائي في حادثة القرنة السوداء وترسيم الحدود في تلك المنطقة».
وقلّل جعجع من أهمية قرار «البرلمان الأوروبي» قائلاً: «القرار في مسألة اللاجئين السوريين هو قرار سيادي بامتياز، وجُلُّ ما في الأمر أن ما صدر عن البرلمان الأوروبي هو مجرّد توصيات غير مُلزِمة للبنان أبداً، التي أتت بشقّها المتعلّق باللاجئين السوريين مجافية للواقع تماماً»، مؤكداً «هذه الأرض أرضنا، والقرار يعود لنا، ومسألة قبول أي فرد بوصفه لاجئاً أو لا هو قرار سيادي نتخذه نحن، وإذا كانت بعض الدول في الاتحاد الأوروبي لا يعجبها هذا الأمر، فلتأخذهم لاجئين على أراضيها ساعة تشاء».
وتوقَّف جعجع عند موقف مسؤولي «حزب الله» الرافض للقرار الأوروبي، سائلاً: «لماذا لا تقوم الحكومة اللبنانيّة باتخاذ قرار في مسألة عودة اللاجئين السوريين في الوقت الحاضر، آخذين بعين الاعتبار أنها مشكّلة، اليوم، من حزب الله وحلفائه؟ فبدل أن يتحفنا مسؤولو حزب الله بمجموعة تصاريح لاستنكار موقف الاتحاد الأوروبي، ليتفضلوا ويأخذوا القرار، ولتجتمع الحكومة، ولو أنها حكومة تصريف أعمال، لتتخذ القرار في أن أسباب اللجوء انتفت، ومن ثم الطلب من جميع المصنفين (لاجئين سوريين في لبنان) العودة إلى بلادهم خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهر، وأنا أَعِدهم من الآن أننا سنكون مؤيدين كلياً لهذا القرار».
ولفت جعجع إلى أن «البعض يقول – وأنا شخصياً من أصحاب هذه النظرية – إن بشار الأسد لا يريد عودة اللاجئين؛ فهو لم يهجّرهم لكي يعود ويقبل عودتهم من جديد، وهنا إذا صح هذا الكلام فـ(حزب الله) أعز الأصدقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، وقد أزهق أرواح ما يزيد عن الـ2500 شاب لبناني على الأراضي السوريّة للدفاع عن نظامه، ومن ثم أقل الإيمان يمكن أن يطلب منه تسهيل عودة اللاجئين في لبنان حصراً، من دون التطرّق إلى مسألة اللاجئين في تركيا والأردن والآخرين داخل سوريا».
وشدد جعجع على أن «ما نشهده في مسألة اللاجئين هو دليل قاطع على أن بعض السياسيين في لبنان يتكلمون عن شيء، وإن ما يقومون به هو شيء آخر مختلف تماماً، فحل مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان هو كلياً بيد (حزب الله)».
«حزب الله»: قرار سافر
ووصف عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، قرار «الاتحاد الأوروبي» بـ«السافر والاستفزازي والاستبدادي»، مؤكداً أن لبنان «ليس ملزَماً بأي شيء من التوصيات الأوروبية، وعليه أن يعمل لمصلحته تعجيل التواصل مع الحكومة السورية لإيجاد المخارج المناسبة التي تعجّل بمعالجة أزمة النازحين».
في هذا الاطار، رأى وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان، والنائب بلال الحشيمي، أن «القرار الأوروبي المؤيد لإبقاء النازحين السوريين في لبنان خطير جداً؛ لأنه يسهم أولاً في تغيير الديموغرافيا السورية، كما يؤثر سلباً على الديموغرافيا اللبنانية».
وقالا، في بيان مشترك: «من المعلوم أن إبقاء السوريين في لبنان يعني إبقاءهم في مخيمات اللجوء وسط معاناة اجتماعية وصحية، ووجود أطفال في بيئة موبوءة».
وأكدا تأييدهما عودة اللاجئ السوري إلى وطنه وأرضه وبيته وعائلته، واعتبرا أنه «ليس من المنطق أن يرضى الإنسان أن يعيش في بؤر المعاناة بمخيمات اللجوء وهو يمتلك أرضاً في بلده». ودعا البيان المسؤولين الأوروبيين وغيرهم إلى «إنشاء منطقة آمنة تمهيداً لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، على غرار الخطة التي جرى وضعها لحل أزمة اللاجئين العراقيين، وإعادتهم إلى مناطقهم آنذاك».
وفي بيان له رفض أيضاً النائب إلياس جرادي قرار «البرلمان الأوروبي» المتعلق بدعم توطين النازحين السوريين في لبنان، ودعا النوّاب إلى «مشاركتنا في التوقيع على اقتراح قانون يُلزم الحكومة اللبنانية بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، خلال مهلة أقصاها ثلاث سنوات»، مطالباً المجتمع الدولي بـ«أن يتحمّل مسؤوليّته في تأمين الحلول الإنسانية مع الدولة السورية لضمان حماية العائدين إليها وتأمين قدرتهم على البقاء فيها».