أما وقد عاد معظمهم الى الدول التي يقيمون فيها فإن الدولارات بدأت تشح نسبياً. وأي طلب إضافي كبير نسبياً سيدفع الدولار الى الصعود من جديد. والأنكى أنّ العام الدراسي يحتاج الى 150 مليون دولار، وأنّ العام المقبل سيشهد استحقاقات بمئات ملايين الدولارات لدفع قروض خارجية، فضلاً عن حاجات أخرى للمؤسسات الأمنية والكهرباء والاتصالات والسلك الخارجي. فعام 2024 سيشهد حاجة الى أكثر من 1.5 مليار دولار من غير المعروف بعد كيف ستؤمن تلك المبالغ، إلا إذا عاد منصوري عن موقفه واضطر للصرف من التوظيفات الالزامية في مصرف لبنان فيضع نفسه في مواجهة المودعين وينكث بوعوده السابقة».
وبنهاية الشهر، يتجدد السؤال: كيف سيؤمن مصرف لبنان 100 مليون دولار لتدفع الدولة رواتب القطاع العام وبعض المستحقات الأخرى، من دون أن يقفز سعر الدولار؟ يشرح مصدر متابع الآلية التي يتبعها مصرف لبنان لجمع الدولارات بطريقة تبقيه مسيطراً على سعر السوق حالياً، بالقول لـ»نداء الوطن»: «قبل انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة بأسابيع قليلة، بلغ حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية أكثر من 100 تريليون ليرة، فحصل صرف من الاحتياط الالزامي بنحو 700 مليون دولار لجمع الليرات من السوق، فهبطت الكتلة النقدية الى 60 تريليون ليرة»، وأضاف: «إذا دفعت الرواتب بالليرة سيرتفع حجم الكتلة النقدية، وسيعود الضغط على الدولار فيرتفع سعره، وهذا قد يحصل في الشهرين المقبلين».
ورأى الخبير الاقتصادي غسان شماس أنّ «المصرف المركزي لا يستطيع جمع الدولارات إلا بشرائها من السوق السوداء، وإلا فعلى الدولة جباية ضرائبها بالدولار، وهذا غير قانوني، لأنّ عملتنا الرسمية هي الليرة». وقال لـ»نداء الوطن»: «شراء الدولارات يستلزم زيادة ضخ ليرة لبنانية، وهذا بالتأكيد سيزيد نسبة التضخم وسيرفع سعر الدولار، كما حصل أيام الحاكم السابق سلامة، واستمر على مدى 3 سنوات. واعتقد أنّ الحاكم منصوري لن يسمح بهذا لفترة معينة، فتكون الطريقة الوحيدة أمام الدولة هي أن تجبي ضرائبها بالدولار».
وأوضح الخبير الاقتصادي باسم البواب لـ»نداء الوطن» أنه «يمكن لمصرف لبنان أن يجمع الدولارات (100 مليون دولار شهرياً ) عبر منصة «بلومبرغ»، لكن المشكلة أنّ هذه الخطوة تتطلب ضخّ ليرات لبنانية في السوق، ما قد يؤدي الى تضخم إضافي، لكن ليس بنسبة مقلقة كون المبلغ ليس كبيراً، وبواقع مليار و 200 مليون في العام، في حين أنه يدخل الى لبنان سنوياً نحو 16 مليار دولار من القطاع السياحي والتحويلات ومداخيل أخرى».
وقال: «يمكن لمصرف لبنان أن يستمر أشهراً على هذا المنوال، ولن يؤثر هذا على الاحتياط الموجود لديه، ولا الكتلة النقدية بالليرة بشكل كبير، خصوصاً إذا شهد لبنان مواسم سياحية ناشطة في الميلاد والربيع والصيف المقبل، وإذا تزامن ذلك مع الاستقرار الأمني والسياسي المطلوب».
وأعلن مصرف لبنان أمس أنّ قيمة موجوداته الخارجية السائلة 8.49 مليارات دولار مقابل مطلوبات خارجية سائلة بنحو 1.29 مليار ليبلغ الصافي 7.2 مليارات دولار، مع الإشارة الى ان الباقي من حقوق السحب الخاصة 76 مليون دولار فقط.