بات واضحا انه لا جلسات انتخاب رئاسية، قبل تظهير الموقف الدولي والإقليمي المستجد، في أعقاب الحراك العربي والغربي الذي تحتضنه باريس، ومن خلال اللقاء الدولي الخماسي، حيال الاستحقاق الرئاسي في لبنان.
ويفترض أن تتضمن جعبة جان إيف لودريان، الموفد الرئاسي الفرنسي القادم إلى لبنان غدا الأربعاء، ملامح هذه المواقف وأن يكون مسمعا وليس فقط مستمعا، كما تروج بعض الأوساط، ولو أنه سيرفع شعاره التقليدي الذي اطلقه، خلال زيارته لبنان في العام 2020، وفيه يقول: «ساعدونا على مساعدتكم»، أي ان الحل يتظهر، بعد وضوح نوايا اصحاب العلاقة.
وقالت مصادر متابعة ان ضمن مهمة لودريان، إعادة ترطيب العلاقات الفرنسية مع موارنة لبنان، والتي أصابها التصدع، بعد ترشيح فرنسا لسليمان فرنجية، رغم معارضة الكتل النيابية المسيحية الكبرى، كما بعد زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس ولقائه الرئيس ايمانويل ماكرون، حيث قيل إن البطريرك ذكر ماكرون بالعلاقات التاريخية للموارنة مع فرنسا، فأجابه ماكرون بقوله: فرنسا اليوم دولة علمانية.
وأضاف المصدر: بل ان فرنسا دولة مصالح، وجزء من مصالح فرنسية في إيران.
وتوسعت صحيفة «الجمهورية» في سبر غور المهمة اللودريانية بالقول، نقلا عن مصادر ديبلوماسية مسؤولة، ان لودريان سيطلق في لبنان مهمة الفرصة الأخيرة، المتمثلة بطرح جديد يحظى بدعم دولي، يؤول إلى انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، بعدما ظهرت جلسة الانتخاب الاخيرة عجز مختلف القوى السياسية عن تمرير خياراتها.
ويذكر أن مثل هذا الأمر يصطدم بمعارضة ثنائي «أمل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، فضلا عن حاجته إلى تعديل الدستور الذي يمنع الموظف العام من الترشح لرئاسة الجمهورية ما لم يستقل من وظيفته قبل سنتين من موعد الانتخاب، إلا في حال اعتماد نظرية «الضرورات تبيح المحظورات»، كما سبق ان حصل بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.
وقال النائب طوني سليمان فرنجية، في تصريح له امس: في كل مرة نأتي بقائد الجيش الى رئاسة الجمهورية فنضرب مؤسسة الجيش، حيث يتصرف كل قائد للجيش كولي عهد.
وأضاف: لا حظوظ متقدمة لجوزاف عون.
«حزب الله»، استبق وصول لودريان، بالتأكيد على انه أيا كان الموقف الفرنسي المستجد، فإنه متمسك بمرشحه سليمان فرنجية، ولن يتخلى عنه، بعدما أكدت جلسة الانتخابات الأخيرة، انه ينطلق من كتلة نيابية صلبة قوامها 51 نائبا.
واعتبر عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق ان جلسة الأربعاء الانتخابية حملت رسالة واضحة بأن طبيعة التوازنات النيابية لا تسمح لأحد بفرض مرشحه على الآخر، ولا حل إلا بالحوار.
أما «التيار الوطني الحر» الذي مشى في ركب المعارضة، في جلسة الانتخاب الرئاسية الأخيرة، فقد عاد إلى صف «الثنائي» في الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب أمس، تحت داعي تأمين الرواتب لموظفي الدولة، قبيل عيد الأضحى المبارك، في حين يمتنع عن مشاركة وزرائه في الاجتماعات الحكومية السابقة واللاحقة غدا الأربعاء.
وهنا يقول عضو التيار نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، مبررا مشاركة «التيار» في الجلسة التشريعية، والغياب عن الجلسة الحكومية بالقول: المشاركة اليوم ليست رسالة لأحد، بل لتأمين رواتب الموظفين، فضلا عن ان الرئيس نبيه بري يراعي تشريع الضرورة، بينما الحكومة لا تراعي شيئا.
وبالعودة الى الجلسة التشريعية، فقد أقر المجلس النيابي فتح اعتمادين لتغطية رواتب الموظفين والمتقاعدين في الادارة العامة والجامعة اللبنانية، بمقاطعة كتل «القوات اللبنانية» والكتائب والتجدد، إضافة الى نواب التغيير. فيما رفض المجلس اقرار طلب من الحكومة بفتح اعتماد بقيمة 5000 مليار ليرة للقطاع الطبي.
المجلس أقر فتح الاعتمادين بقيمة بأكثر من 37 الفا و409 مليارات ليرة لبنانية، وهي مؤمنة كما اشار بوصعب من مداخيل المطار والمرفأ والأملاك البحرية التي توفر 400 مليون دولار تكفي لكل الرواتب حتى نهاية العام والبالغة نحو 375 مليون دولار.
الجلسة انعقدت تحت عنوان تشريع الضرورة، وحضرها 77 نائبا حيث لم تقف كتلتا «التيار الحر» و«اللقاء الديموقراطي» في صف كتل المعارضة المقاطعة.
وأثار عدد من النواب عدم اعداد الحكومة لموازنة العام 2023، وإرسالها وفق الأصول، كما اشار النائب ابراهيم كنعان الى انه كان يجب ان ترسل في سبتمبر الماضي.