وصل المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة، آموس هوكشتاين، إلى العاصمة اللبنانية بيروت للمرة الثالثة منذ انطلاق حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، بهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة في الجنوب بين حزب الله وتل أبيب.
والتقى هوكشتاين، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش جوزيف عون، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إضافة إلى وزير الطاقة وليد فياض.
كما التقى المبعوث الأمريكي وفداً من قوى المعارضة اللبنانية، التي تضم حزبي القوات اللبنانية والكتائب، إضافة إلى نواب مستقلين، وكان لافتاً استثناؤه وزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
مقترحات هوكشتاين
وخص هوكشتاين، رئيس مجلس النواب نبيه بري، بلقاء امتد لساعتين، جرى خلالهما نقاش معمق للوضع في الجنوب اللبناني وأفق الهدنة في قطاع غزة وما يمكن أن ينعكس على المنطقة.
وحسب المعلومات التي حصل عليها “عربي بوست”، فإن بري بات المفاوض اللبناني الأول بعد إزاحة المدير العام السابق للأمن العام عباس إبراهيم، من الواجهة وإحالته إلى التقاعد.
بالمقابل تؤكد مصادر مقربة من رئيس البرلمان اللبناني لـ”عربي بوست”، أن هوكشتاين أكد أن الجانب الإسرائيلي وصل إلى قناعة بأنه لا يريد حصول حرب مع لبنان.
وحسب المصدر نفسه، فإن المسؤولين في تل أبيب يرون أن إسرائيل تعرضت لهجوم استباقي من حزب الله منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي مضطرة إلى ضمان عدم تكرار عملية “طوفان الأقصى” من الجنوب اللبناني.
وتشير المصادر نفسها إلى أن هوكشتاين أخبر رئيس البرلمان بأن الوضع بين الاحتلال وحزب الله في الجنوب يمكن إيقافه، أو البحث عن صيغة لخفض هذا التوتر، لكن لا بد أن يبدي حزب الله ليونة عبر تخفيف العمليات العسكرية.
وقال هوكشتاين إن هذا سيؤدي إلى رفع الضغط عن حكومة نتنياهو، ويتيح للمستوطنين العودة إلى منازلهم في الشمال وللنازحين اللبنانيين من الجنوب بالعودة إلى قراهم على الشريط الحدودي.
وطرح هوكشتاين على بري الذهاب نحو اتفاق من ثلاثة أقسام مرتبطة وهي:
– تأكيدُ مشروعٍ مشترك لوقف إطلاق النار يشمل انسحاباً إسرائيلياً من الحدود الشمالية بعمق 7 كيلومترات يقابلها وقف العمليات التسليحية لـ”حزب الله”.
– تفعيل خطة نشر أكثر من 10 آلاف جندي من الجيش اللبناني من جنوب نهر الليطاني وحتى الشريط الحدودي، مع تعهد بنقل السلاح الثقيل والنوعي إلى شمال الليطاني، والسماح ببقاء عناصر الحزب للمراقبة والمتابعة.
– الالتزام بعدم الظهور المسلح لـ”حزب الله”، وتوسيع حضور قوات الطوارئ الدولية، وبعد إقرار هذه الخطوات، ترعى واشنطن ودولة عربية (يرجح أن تكون دولة قطر) جولات تفاوضية لتسوية النزاعات على الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وأكد هوكشتاين أن بلاده ستسعى إلى وجود ضمانات سياسية بعدم تكرار المواجهات على الحدود من الجانبين لمدة زمنية، أقلها خمس سنوات.
من جهته أكد بري أن حزب الله متمسك بربط الهدنة جنوب لبنان بوقف الحرب على غزة، في المقابل أكد هوكشتاين أن الهدنة في غزة ستحصل برعاية الوسطاء لمدة 6 أسابيع.
وأشار هوكشتاين، حسب مصادر “عربي بوست”، إلى أن هناك ضغوطاً دولية على الجانبين لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا سيعزز التفاوض حول الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل والاتفاق على انسحاب إسرائيلي من النقاط الـ13 المختلف عليها.
ووفقاً للمصدر فإن هوكشتاين سأل بري حول إذا ما كان حزب الله يريد تغيير القرار الدولي 1701، لكن الموقف اللبناني كان واضحاً بأن حزب الله ملتزم بوقف الحرب عندما تنتهي في غزة، وهو متمسك بالقرار الدولي 1701.
فيما ركز هوكشتاين بشكل لافت، على صعوبة تطبيق القرار الدولي كاملاً، طالما أن الحلول في غزة ليست نهائية وأن حزب الله يلتزم مشروع “جبهة الإسناد” التي يربط وقفها بوقف العمليات في القطاع.
بالمقابل فإن هوكشتاين أكد صعوبة أخذ أي تعهد إسرائيلي بوقف الطلعات الجوية والخروقات العسكرية في الأجواء اللبنانية تحت عناوين أمنية تتعلق بعدم ثقة القيادة الأمنية بوعود حزب الله بالانسحاب من جنوب الليطاني ووقف العمليات التسليحية.
تفاصيل لقاء بالمعارضة
بالمقابل خصص المسؤول الأمريكي لقاءً مع نواب المعارضة والكتل المسيحية في مجلس النواب، وهم ممثلون عن القوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وبعض المستقلين، بهدف مناقشة الملف السياسي وتطورات المساعي الأمريكية لحل الأمور في جنوب لبنان.
وكشف مصدر برلماني معارض لـ”عربي بوست”، أن اللقاء جرى بطلب من الأطراف السياسية، بهدف تبديد الهواجس حول إمكانية حصول “مقايضة” بين الهدوء والحل في جنوب لبنان، مقابل إعطاء حزب الله مكتسبات سياسية في رئاسة الجمهورية والحكومة المقبلة.
ويشير مصدر المعارضة إلى أن هوكشتاين أكد لوفد المعارضة صعوبة الأمور بملف الجنوب، خاصة في ظل وجود رغبة لدى بعض الأطراف الإسرائيلية في استغلال الوضع القائم وتوجيه ضربات للبنان وقواعد عمليات وبنية تحتية لـ”حزب الله”، وهذا الأمر يعني تفجير الأمور في كل المنطقة بشكل كبير.
ويشير المصدر إلى أن هوكشتاين أكد لوفد المعارضة أن بلاده ليست بوارد إجراء أي مقايضة بين جبهة الجنوب ورئاسة الجمهورية، وأن ملف الرئاسة بعهدة اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان والتي تضم الولايات المتحدة مع شركائها العرب والدوليين، وأن هذا الملف ضمن صلاحيات وزارة الخارجية وتتابعه مساعدة وزير الخارجية بربرا ليف.
ويشير المصدر إلى أن هوكشتاين دعا الحاضرين إلى الذهاب نحو حوار داخلي كوسيلة للوصول إلى حلول للأزمة الرئاسية، وتسهيل التوافق على انتخاب رئيس لا يشكل انتخابه فوز طرف على طرف آخر، وأن واشنطن لا تريد العودة لمراحل تاريخية سابقة سمحت بالوصاية الخارجية على لبنان، خاصة في العهد السوري (1975-2005)، وأن هذا المسار انتهى إلى غير رجعة.