وبدا أن تلميح لودريان إلى خيار رئاسي ثالث غير الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور قوبل بعدم ارتياح من قبل الثنائي الشيعي، وبعد المواقف التي سجّلها مسؤولون في حزب الله وتحمّل فريق المعارضة مسؤولية تأخير الانتخابات الرئاسية بسبب رفضه الحوار، فإن أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري لم تنظر بارتياح إلى مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي دعا “للخروج من الحوار التقليدي والالتفات الى حوار لا رئيس فيه ولا مرؤوس خارج طاولة مستديرة، ويمكن ان يأخذ شكل تباحث ثنائي او ثلاثي”.
اما بالنسبة إلى تشكيك المعارضة بدعوة الرئيس بري إلى الحوار والالتباس حول عقد “جلسات متتالية” بدل “جلسة واحدة مفتوحة”، فعلّق عليه الرئيس بري أنه “جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس، على طريقة انتخاب بابا روما”، موضحاً أنه سيدعو إلى الحوار في اوائل تشرين، اذا لم تحدث أي مفاجأة”، واضاف “أنا سأدير الحوار، وسيكون معي نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، مبدياً ثقته في “احتمال الوصول إلى حل”.
ورداً على تمسك محور الممانعة بالمرشح سليمان فرنجية واعتبار وزير الاعلام زياد المكاري أن المنافسة باتت حالياً بين فرنجية وقائد الجيش جوزف عون، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “أن الفريق المؤيد لفرنجية وضع كل ثقله في جلسة 14 حزيران/يونيو مع 51 صوتاً، في مقابل حيازة الفريق المؤيد لجهاد أزعور 59 صوتاً. وأعطت هذه اللعبة بهذا الشكل ما يمكن أن تعطيه، ما يشير إلى ان الوقت حان للانتقال إلى مرشح ثالث في الامكان أن يخرق من خلال بعض الاتصالات التي يمكن القيام بها مع بعض الأفرقاء للوصول إلى اسم من شأنه أن يشكّل نوعاً تفاهماً حوله بين أكثرية الأفرقاء لانتخابه رئيساً للجمهورية”.
لكنه قال “ما حصل أن فريق الممانعة رفض هذا الطرح بشكل تام. وقد لاحظنا تصريحاً لأحد وزراء “الممانعة” الذي أشار إلى بداية الاتجاه نحو مرحلة ثالثة عنوانها انتخابات رئاسية بين سليمان فرنجية وجوزف عون، وكأن هذا المحور ليس معنياً بانتهاء المرحلة الأولى وأن المعارضة وحدها معنية علماً أننا بالتأكيد لسنا بمعنيين إذا لم يكونوا من المعنيين أيضاً”. واضاف جعجع في حديث صحافي “بيت القصيد يكمن في أن ما حصل كشف مدى غش فريق الممانعة وكذبه بعد مرور سنة على دعوته إلى انعقاد حوار كان بمثابة طرح عام وغامض في المرحلة الأولى قبل أن يتحول في المرحلة الثانية إلى ضرورة التحاور حول رئاسة الجمهورية. وعندما وصل لودريان وأشار إلى انتهاء المرحلة الحالية وضرورة البحث عن مرشح ثالث قامت قيامة محور الممانعة”.
من ناحيته، تناول قائد الجيش العماد جوزف عون خلال لقائه وفد نقابة الصحافة الاوضاع العامة في البلاد ومن بينها موضوع الرئاسة حيث وبعدما كان أكد أنه “غير طامح للرئاسة لكن يقبل التحدي” وبعد تسريب خبر اللقاء في منزل صهره مع رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، نُقل عنه قوله “هذا الموضوع لا يهمّني ولا يعنيني ولم يبحثه احد معي ولم أبحثه مع احد”. وعرض قائد الجيش للوضع في مخيم عين الحلوة فنفى “أي نية أو سعي لدى الجيش لدخول المخيم”، موضحاً “اتخذنا كل الاجراءات ونشرنا قوة عسكرية حول المخيم لمنع تمدد القتال إلى خارجه”.
وعن تهريب النازحين عبر الحدود، اعتبر “أن التهريب مضبوط الان بنسبة تصل إلى 85 في المئة، والحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، ولا نملك العديد الكافي ولا الامكانات اللوجستية لضبطها بالكامل”، مؤكداً “أن ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مروراً بالبلديات والادارات الرسمية وصولاً إلى الجيش”.
وفي شأن غير بعيد عن الرئاسة، أعلنت النائبة التغييرية نجاة عون صليبا عن وقف اعتصامها داخل مجلس النواب بعد 243 يوماً على تنفيذه مع زميلها ملحم خلف في محاولة للضغط على رئيس المجلس لعقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس. ولفتت صليبا إلى “أن اعتقادنا كان راسخاً بأن الفرصة الموضوعية الداخلية، كانت مؤاتية يومذاك للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لكننا اكتشفنا أن الواقع على الأرض كان غير ذلك تماماً”.
وقالت في بيان “اكتشفنا أولًا، أن رئيس مجلس النوّاب مستنكف لأسبابٍ متعددة ومتشابكة، عن دعوة الهيئة العامة إلى جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس. وهو لطالما امتنع من القيام بذلك الواجب، لعدم تأكده والجهات التي تؤيده من النتائج المترتبة على التصويت لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسات مفتوحة، واكتشفنا ثانيًا، غياب الإرادة عند النواب ان يتداعوا لانتخاب رئيس، واستقالتهم من تحمل مسؤوليتهم في هذا الشأن، بدون تعميم طبعاً”.
واضافت “كانت النتيجة أن مجلس النواب، الذي يجب أن يكون سيّد نفسه، تنكّر لواجبه الدستوري، مستسلمًا لإرادة الشغور، التي يشرف عليها رئيس المجلس بذاته، ومَن يماشيه في موقفه هذا، مستقيلًا عن سابق تصور وتصميم من دوره، جاعلًا القرار السيادي يخرج من لبنان ويصير في مهبّ الأيدي والمصالح الخارجية، الإقليمية والدولية، إلى درجة أن لبنان بات بقراره السياسي وتواطؤ الفساد والسلاح والطائفية خارج التاريخ والجغرافيا”.