وكانت الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس بري يوم الخميس شكّلت الفرصة الاخيرة لاقرار التمديد لقائد الجيش لسنة وتفادي الفراغ في قيادة الجيش خصوصاً في ظل الاوضاع المتفجرة في الجنوب اللبناني التي تستدعي المتابعة، إلا أن السيناريو الذي جرى الحديث عنه سيضرب مثل هذه الفرصة قبل تقاعد العماد جوزف عون في 10 كانون الثاني/يناير المقبل وسيعني الانقلاب على الوعود التي قُطعت للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بإقرار التمديد وعدم الاستمرار بتفريغ المواقع المارونية بعد رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان.
وفي ضوء هذه المعطيات، استغربت القوات اللبنانية في بيان “أشد الاستغراب دعوة الرئيس نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء ظاهريًّا للتمديد للعماد جوزف عون ولكن فعلياً لقطع الطريق على هذا التمديد، ذلك أن التمديد في مجلس الوزراء يتطلب توقيع وزير الدفاع، والأخير كما هو معلوم ليس بهذا الوارد، وبالتالي سيقدم مجلس الوزراء على خطوة غير قانونية الهدف منها فقط قطع الطريق على التمديد الفعلي في مجلس النواب بعد أن تحددت جلسة، بعد طول انتظار يوم الخميس، لهذا الغرض”.
وأضافت القوات التي تقدمت باقتراح للتمديد لقائد الجيش وتسعى مع الكتل المعارضة لتأمين النصاب والموافقة عليه “لقد كان للرئيس ميقاتي الوقت الكافي في الأشهر الماضية، حيث كان الموضوع مطروحاً وبقوة لترتيب تمديد قانوني لقائد الجيش في مجلس الوزراء، ولكنه لم يتمكن من ذلك، فكيف نفسِّر إقدامه في هذه اللحظة بالذات وبعد أن طرح موضوع التمديد في المجلس النيابي، كيف نفسِّر دعوته إلى تمديد غير قانوني لقائد الجيش في مجلس الوزراء يُطعَن به في سهولة قصوى ويُبطَل في سهولة قصوى، فنكون قد أدخلنا المؤسسة العسكرية في فراغ وفوضى كبيرين، ونكون قد أدخلنا البلاد في فوضى أكبر وأخطر، ونكون قد كشفنا لبنان كليًّا أمام المخاطر المحدقة به في الوقت الحاضر”، وختمت “فهل يدري الرئيس ميقاتي ما هو فاعله؟”.
على الاثر، ردّ الرئيس ميقاتي ببيان صادر عن مكتبه الاعلامي جاء فيه: “إن دولة الرئيس يستغرب أشد الاستغراب الموقف الذي أصدرته “القوات اللبنانية”، وافترضت فيه ان دولته “سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء لقطع الطريق على التمديد لقائد الجيش”. ويعتبر دولته أن الدعوة إلى مجلس الوزراء، في حال حصلت، هي من أجل تأخير تسريح قائد الجيش ستة أشهر، في حين أن الاقتراح المقدم من قبل “القوات” إلى مجلس النواب ينص على تأخير سن التقاعد سنة كاملة، والامران لا يتعارضان مع بعضهما البعض. ويذّكر دولته ان عضو كتلة نواب القوات الاستاذ غسان حاصباني كان من ضمن نواب المعارضة الذين طلبوا من دولة الرئيس تأخير التسريح عندما زاروه الشهر الفائت”.
واضاف مكتب ميقاتي “إن دولة الرئيس يدرك تماماً ما هو فاعله، لمصلحة الوطن وصون المؤسسة العسكرية، وعلى الاطراف السياسية كافة، ومن بينها “القوات اللبنانية” أن تدرك جيداً ما تفعله، وأن تتعاون في ما بينها لاقرار القوانين التي تحصّن البلد في هذه المرحلة الحساسة، بعيداً عن الحسابات والاعتبارات الشخصية”.
فالسيناريو الخطير، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، والذي وصلت معلومات عنه الى رافعي لواء “حماية المؤسسة العسكرية عبر إبقاء العماد جوزيف عون في منصبه”، يقضي، بالدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء سيتم خلالها اقرار تأجيل تسريح قائد الجيش.. لكن بعد هذا الاجراء، الذي سيظهر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبره، انه احترم الاجماع المسيحي بعدم “التعيين” من جهة، وبالتمديد للعماد عون من جهة ثانية، سـ”يشمّر” التيار الوطني الحر عن زنوده، فيتسلّم هذا التمديد، ويحمله الى مجلس شورى الدولة، حيث يطعن به، وقد ضمن ان المجلس هذا، بـ”مونته” على اعضائه، سيبطل التمديد.
نعم، هذه هي المؤامرة التي تحاك بتواطؤ بين ميقاتي ورئيس التيار النائب جبران باسيل، ومعهما حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري.. جميعهم في الظاهر، يقولون انهم لا يمانعون التمديد، لكن في الباطن، هم يعتبرون ان لا فرق بين بقائه او رحيله وان ربما من الانسب لهم اليوم، أن يكسبوا باسيل “في صفهم” من خلال مسايرته.
اليوم، الفريق المعارض كشف هذه اللعبة ويعد العدة لاحباطها والتصدي لها. اركانه يجرون اليوم الاتصالات الضرورية في ما بينهم للوقوف في وجه مؤامرة إسقاط المؤسسة العسكرية وإلحاقها بركب المؤسسات الشاغرة والمنهارة في البلاد.
بكركي دخلت على هذا الخط، تتابع المصادر، وقد تواصلت مع ميقاتي – الذي استفاق اليوم على عقد جلسة وزارية للتمديد في توقيت مريب بعد ان ناشده اكثر من طرف “التصرف”، منذ اسابيع، دون جدوى- محذرة ومنبهة من اي التفاف على مجلس النواب.
اما معظم القوى المعارضة، فتصر على تشريع “التمديد” في مجلس النواب. وهي تعمل على اقناع النواب كلّهم بعدم “الارتياح” الى الاجراء الوزاري او الوثوق به، واقناعهم بالمشاركة في الجلسة لاقرار التمديد في ساحة النجمة، حتى اذا صار الطعن بقرار الحكومة، يكون ظهر العماد عون محميا بقانون صادر عن مجلس النواب.
كما يتم التواصل مع الحزب الاشتراكي وبعض الوزراء، لمحاولة تعطيل نصاب اي جلسة يمكن ان يدعو اليها رئيس الحكومة، قبل ان يكون أُقرّ التمديد في مجلس النواب.