صدى الارز

كل الأخبار
sadalarz-logo jpeg

زوروا موقع الفيديو الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
sada el arz logo

زوروا موقع البث المباشر الخاص بمنصة صدر الارز لمشاهدة كل جديد

أرشيف الموقع
كل الفرق

يتحدث عن “خطوط حمراء”.. هل يورّط حزب الله لبنان في حرب جديدة؟

بقلم : أسرار شبارو - من صور إلى الغبيري، عادت الحقائب إلى مكانها المعتاد قرب الأبواب تحسبا لنزوح جديد. وفي القرى والأحياء المكتظة في الجنوب، وفي العاصمة بيروت، يردد الناس، مع أنفسهم أحيانا: “لسنا قادرين على حرب أخرى”.

يتابعون بقلق كبير أخبار الهجمات بين إيران وإسرائيل، لكن أعصابهم مشدودة بقوة إلى “صمت” حزب الله، الذي يتك مثل قنبلة موقوتة.

لم يلتقط اللبنانيون أنفاسهم بعد، من حرب أكتوبر 2023 التي فجّرها “الحزب” تحت شعار “إسناد غزة”، ليجدوا أنفسهم مجددا على حافة النار، معلقين بين حسابات إيران وصواريخ إسرائيل، وقرارات حزب الله التي يدفعون دائما أثمانها بالأرواح والممتلكات.

ماذا لو تحول لبنان مجددا إلى “صندوق بريد للصواريخ الإيرانية؟

لا تُقاس المخاوف بعدد الغارات فحسب، بل بما تخلّفه من دمار في بلد يعيش بالكاد، على اقتصاد متهالك وبنية تحتية مهترئة، ويعاني فيه الناس من آثار سنوات من الحروب التي لم تكن حروبهم أصلا.

شبح النزوح على الأبواب

لا تزال تجربة الهروب قبل أشهر، ماثلة أمام عيني “سارة”، الشابة الجنوبية، كأنها حدثت أمس. وها هي ترتب حقائب الأسرة تحسبا لفصل جديد من النزوح، قد يكون وشيكا.

“حضّرت أوراقي وأدويتي وكم قطعة ملابس،” تقول وهي تضع يدها على ظهر حقيبة سفر كبيرة رمادية اللون، ليست قديمة لكنها مليئة بالكدمات.

“ما بعرف لوين بدنا نروح بس ما بدي أتفاجأ متل المرة الماضية”.

عندما اندلعت المواجهة بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر 2023، عاشت سارة كابوس النزوح مع ملايين اللبنانيين: الزحمة الخانقة على الطرق المتجهة شمالا، ساعات طويلة من البكاء في سيارة أغلقوا نوافذها وكأن الزجاج يمكن أن يحمي من شظايا القنابل.

بعد وقف إطلاق النار، عادت إلى منزلها، لكن الشعور بالأمان لم يعد معها. “الحرب مش بس قصف وقتلى… الحرب شعور دائم إنك مش بأمان،” تحاول أن تغطي على حزنها بابتسامة.

قلق سارة ينساب مثل مياه الفيضانات إلى بيوت كثيرة في الجنوب. لكن في بيروت، في الضاحية التي كانت بمثابة “حصن” لحزب الله، يعيش “إحسان” فصول قصته الخاصة مع القلق والخوف، مع أنه لا يحبذ الحديث في السياسة.

“كل همّي أطعمي ولادي،” يقول.

ميكانيكي يملك ورشة لتصليح السيارات في الغبيري، نزح خلال حرب “الإسناد” مع زوجته وأطفاله الثلاثة إلى منطقة قريبة. وبعد وقف الحرب عاد إلى منزله فوجده ركاما من الحجارة. أعاد بناء البيت، لكنه لم يستطع إعادة بناء ذكريات حياته. “الصور، الشهادات، الكتب… هاي حياتنا كلها راحت تحت الردم”.

ولم يكن ترميم البيت مهمة سهلة. الآن “مين بيضمن ما يرجع البيت ينهار مرة تانية؟” يقول إحسان قبل أن يحني جذعه النحيل مرة أخرى ليتفحص محرك سيارة قديمة مركونة عند باب الورشة.

يحتاج لبنان لإعادة الإعمار والتعافي من الحرب الأخيرة مع إسرائيل نحو 11 مليار دولار، وفقا للبنك الدولي.

في المقابل، يشترط المجتمع الدولي بسط الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة على أراضيها، وسحب سلاح حزب الله من كافة الأراضي اللبنانية كشرط أساسي لأي دعم سياسي أو اقتصادي.

بعد الضربات الكبيرة التي وجهتها للحزب، لا تزال إسرائيل تحذر من أنها “ستنفّذ المهمة بنفسها” في حال استمر ما تصفه بـ”تقاعس الدولة اللبنانية” في حسم ملف سلاح حزب الله.

انهيار الصورة

تصدعت صورة “القوة التي لا تُقهر” التي نسجها حزب الله لنفسه على مدى عقود. وتآكلت الهالة الأمنية والعسكرية بعد الخسائر الفادحة التي تلقاها في حرب أكتوبر مع إسرائيل، قبل أن تنتهي باتفاق وقف إطلاق نار وصفه مراقبون بالـ”مُذل” للحزب، فيما لا تزال القوات الإسرائيلية تحتفظ بوجودها في خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية.

كانت ترسانة الحزب قبل حرب “الإسناد” تضم أكثر من 150 ألف صاروخ وقذيفة، معظمها من صناعات إيرانية وروسية وصينية، وفق “كتاب حقائق العالم” الصادر عن وكالة الاستخبارات الأميركية.

 اليوم، تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن ما تبقى من صواريخ الحزب لا يتجاوز 30 ألف صاروخ، موزعة بشكل غير منظم بعد استهداف مواقع ومخازن رئيسية في الجنوب والبقاع والضاحية.

ووفق معهد “ألما” الإسرائيلي، تسببت الضربات الأخيرة في إضعاف هيكل القيادة والسيطرة، وشملت تصفيات لقيادات أساسية في الحزب، ما انعكس مباشرة على فاعليته الميدانية.

أما على مستوى الأفراد، فقد سبق للأمين العام السابق حسن نصر الله أن أعلن في 2021 أن عدد مقاتلي الحزب يبلغ 100 ألف، لكن تقديرات لاحقة خفّضت الرقم إلى نحو 45 ألفًا، بينهم حوالي 20 ألف متفرغون بدوام كامل.

وفي سياق تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر الماضي، بدأ الجيش اللبناني بتفكيك مواقع الحزب ومصادرة مخازن أسلحته جنوب نهر الليطاني. وفي مايو، أعلن الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون أن الجيش أنجز بين 80 و85% من هذه المهمة، فيما أكد رئيس الوزراء، نواف سلام، أن نحو 80% من سلاح الميليشيات في الجنوب جرى نزعه.

استنادا إلى هذا الاتفاق، تواصل إسرائيل استهداف ما تعتبره مخازن سرية للحزب في الجنوب والبقاع وحتى داخل الضاحية، بينما طالبت لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق الجيش اللبناني بإجراء كشوفات ميدانية للتأكد من خلو تلك المواقع من السلاح، بما يتطابق مع بنود الهدنة.

هكذا، وبين أرقام تتآكل وصورة تتصدع، يجد حزب الله نفسه أمام واقع جديد: سلاح يتناقص، قيادة محطمة، ودولة بدأت، ولو ببطء، تجريده مما كان يعتبره لسنوات طويلة “خطا أحمر”. مع ذلك لا يبدو أن الحزب يريد أن يتعامل مع المتغيرات بواقعية.

رهان المسيّرات

لم تقتصر خسائر حزب الله على ما تكبده في حرب “الإسناد” مع إسرائيل، بل تلقى ضربة ثانية بسقوط نظام بشار الأسد، أبرز حلفائه الإقليميين. وأدّى هذا التحوّل إلى تقليص أحد أهم خطوط إمداده بالسلاح الإيراني عبر سوريا.

لكن بعد كل هذه الانكسارات، لجأ الحزب إلى رهان جديد، وهو تكثيف تصنيع الطائرات المسيرة محليا، على أساس الاستفادة من دروس الحرب الأوكرانية. وبحسب تقارير إسرائيلية، حوّل الحزب جزءا كبيرا من ميزانيته لإنتاج مسيّرات هجومية واستطلاعية يمكن تجميعها من مواد مدنية يصعب رصدها.

في يونيو الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي أن وحدة الحزب الجوية، المعروفة بـ”الوحدة 127“، تصنع آلاف المسيّرات بدعم إيراني مباشر، وأكد أن بعض خطوط الإنتاج أُنشئت سرًّا تحت مناطق سكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

عندما يتفجر الغضب

لم يعد سلاح حزب الله يحظى بالقبول حتى داخل بيئته الحاضنة، مع تزايد الغضب الشعبي من تداعيات حروبه المتكررة على حياة الناس اليومية ومعيشتهم.

علي، أب لطفلين من الجنوب، يقول إن اللبنانيين لم يعودوا قادرين على احتمال الحروب. أثمانها غالية “ونحن من يدفعها”. وليس لدى علي حتى حرية التعبير عن رأيه علنا، لكنه لم يعد يحتمل الصمت، كما يقول.

“كل مرة يقولون إنهم يحموننا، لكن ما نراه هو الدمار والخراب، ونحن من يدفع الثمن دائماً، وفوق كل ذلك، يمنع علينا حتى التعبير عن رأينا، تحت وطأة التهديد والترهيب”.

يطالب علي حزب الله بإلقاء سلاحه. يقول: “من يزعم حماية لبنان، يجب أولاً أن يجنّبه الحروب، لا أن يجرّه إليها كل بضع سنوات”، ويضيف “هذا السلاح لم يحمِ أحداً، بل جرّ الويلات على الناس، وعلى بيئته أولاً. نحن تعبنا من الخسائر، من القتل والدمار، ومن العيش في قلق دائم”.

“كفى،” يضيف، “لا نريد لحزب أن يأخذ القرار مكان الدولة. نريد أن نعيش مثل باقي الشعوب، في بلد آمن ومستقر”.

تداعيات كارثية

بالكاد بدأ لبنان يلتقط أنفاسه بعد الحرب الأخيرة وظهور بوادر انفراج سياسي بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، يقول الباحث خالد أبو شقرا، “لكن التصعيد الحالي بين إيران وإسرائيل أعاد الوضع “إلى نقطة الصفر”.

ويلفت إلى أن الاقتصاد اللبناني، حتى من دون التورط في الحرب، يتكبد خسائر باهظة. يقول إن “قطاع السياحة في لبنان سيكون من أوائل المتضررين” بسبب إلغاء الحجوزات وخوف المغتربين من العودة إذا طال أمد الحرب بين إيران وإسرائيل أو أُغلقت بعض المطارات.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، لا تزال محاولات الحزب استعادة قوته تعيق إمكانية أن إعادة بناء الاقتصاد اللبناني. يتحدث نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم، خالد نزهة، عن حالة إحباط بعد توقعات بموسم سياحي واعد: “كنا قد أتممنا الترتيبات، لكن القصف (الإسرائيلي) على الضاحية عشية العيد خفف الحركة بشكل كبير”.

ويضيف: “كنا متفائلين بعودة السياح الخليجيين، لكن كل شيء تغير مع التصعيد بين إسرائيل وإيران. الكلفة التشغيلية باهظة، وصيف 2024 كان قاسيا بفعل الحرب”.

يلفت نزهة إلى أن قطاع المطاعم نجا من أزمات متتالية منذ 2019، لكنه لم يعد يحتمل مزيدا من الضغوط.

على المستوى المالي، يوضح أبو شقرا أن لبنان يسعى لاتفاق مع صندوق النقد وللحصول على قروض دولية، لكن التصعيد يجمّد كل ذلك. “حتى احتمال الانزلاق في الحرب يثير قلق المانحين من هدر المساعدات. ويزيد من كلفة الاقتراض ويرفع أسعار النفط والشحن إذا توسعت العمليات العسكرية.

“إذا طال أمد الحرب أو توسعت رقعتها، فإن لبنان مرشح لموجة جديدة من الانكماش تطيح بآمال التعافي،” يقول.

في مرمى النيران؟

يتخوف اللبنانيون من أن المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران لن تبقى محصورة بين الطرفين. شارل جبور، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية”، يرى أن “لبنان لا يزال مرتبطاً، بشكل أو بآخر، بالوضع الإيراني، بسبب العلاقة العضوية بين حزب الله وطهران، بالتالي أي تدخل من الحزب سيكون نابعاً من حسابات إيرانية لا وطنية”.

ويضيف في حديث لموقع “الحرة” أن “الحربين الأخيرتين، “طوفان الأقصى” و”حرب الإسناد”، أسقطتا عمليا شعار “وحدة الساحات” الذي طالما تبناه حزب الله، إذ صار واضحا أن الساحات باتت منفصلة، خاصة بين حماس وحزب الله، رغم أن الأمين العام السابق للحزب، حسن نصر الله، تمسك بذلك حتى اغتياله، قبل أن يقر خليفته نعيم قاسم لاحقا بالفصل بين المسارين”.

ويرى جبور أن واشنطن عملت على ترسيخ هذا الفصل، فيما عجزت إيران عن تحويل شعار “وحدة الساحات” إلى فعل. “فعندما استهدفت إسرائيل القيادات المركزية لحزب الله، لم ترد إيران”.

بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، أعلن حزب الله تضامنه الكامل مع طهران، واعتبر الهجوم “تصعيداً خطيرا” و”مغامرة تنذر بإشعال المنطقة برمتها”، واتهم إسرائيل بتجاوز “الخطوط الحمراء” بغطاء أميركي مباشر.

لكن هل يفتح الحزب جبهة لبنان مجددا؟

الإجابة ليست محسومة، وفق المحلل السياسي إلياس الزغبي، الذي يوضح أن الحزب “يأتمر مباشرة من طهران ويلبّي طلباتها بلا نقاش، لكن قدرته العسكرية لم تعد كما كانت”.

ويضيف: “سقط له أكثر من 200 قتيل منذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي، وتدمرت مواقع مهمة من دون أن يرد، ليس التزاما بالاتفاق بل بسبب انهيار قدرته الصاروخية والمسيّرات”.

ويؤكد أن الدولة اللبنانية حذرت الحزب من التورط في الحرب الإسرائيلية الإيرانية تحت ضغط أميركي وتهديدات إسرائيلية مباشرة. ويستبعد الزغبي انزلاق الحزب إلى الحرب “وقد يكون هذا التراجع مناسبة لتحقيق حياد لبنان الإيجابي، كما نص عليه خطاب قسَم الرئيس جوزاف عون”.

يتفق جبور على أن واقع الحزب تغيّر جذريا. “خرج من الحرب الأخيرة ببنية عسكرية متصدعة، وفي سوريا أُغلِقت مسارات الإمداد القديمة. لذا فإن أي تدخل جديد قد يكون كارثيا على لبنان”.

“ما الجدوى؟” يتساءل. التجربة أثبتت أن كل تدخلات الحزب لم تحقق مكاسب بل زادت من خسائره. ويشير إلى أن “الحسابات العقلانية يجب أن تسود، فالمغامرة العسكرية لن تجلب سوى مزيد من الدماء والدمار”.

ويختم الزغبي بعبارة لافتة: “ربّ ضارةٍ نافعة! لعل الحرب على إيران ترتد خيرا على لبنان”.

بالنسبة لعلي، الأمن لا يعني الصواريخ والخنادق، بل المدارس المفتوحة، والمستشفيات المجهزة، والبيوت الآمنة.

“أتمنى أن أعيش مع عائلتي بسلام،” يقول الرجل الجنوبي.

لكن حزب لا يتوقف عن الحديث بشأن السعي لـ”استعادة قدراته القتالية،” والاستمرار في ما يسميه “المقاومة”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading