طوّق الجيش الإسرائيلي مدينة غزة عاصمة القطاع الساحلي، الذي يحمل الاسم نفسه وسط مقاومة شرسة من مسلحي «حماس» الذين استخدموا قذائف مورتر، ومضادات دروع، وهجمات كر وفر من الأنفاق، في حين أيّد البيت الأبيض إعلان هدنة لساعات، لإدخال المزيد من المساعدات عبر مصر، وسط ارتفاع عدد القتلى جراء القصف الإسرائيلي الجوي.
أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية، أن طهران تلقت تحذيراً أميركياً موجهاً للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قالت فيه واشنطن إن إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله في خطابه المنتظر اليوم، الحرب الشاملة على إسرائيل أو أي خطوة عدائية تصعيدية تجاه تل أبيب أو واشنطن، فإن إدارة الرئيس جو بايدن ستعتبرها «إعلان حرب من جانب طهران»، بما يعنيه ذلك من أن احتمال توجيه رد إلى إيران نفسها بشكل مباشر لن يكون مستبعداً.
وكانت «الجريدة» نقلت عن مصادر إيرانية، أمس الأول، أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني تبنى ليل الثلاثاء ــ الأربعاء اقتراحاً من قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني لتصعيد الجبهات ضد الأميركيين في المنطقة، للضغط على واشنطن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة الفلسطيني الذي يشهد عدواناً إسرائيلياً وحشياً منذ 27 يوماً.
وقال المصدر إن إيران و«حزب الله» أبلغا واشنطن أنه في حال لم يتم التوصل إلى أي نوع من وقف إطلاق النار قبل الجمعة، فإن الأمين العام للحزب سيعلن في كلمته، النفير العام، وستبدأ العمليات ضد إسرائيل من شتى الاتجاهات.
وفي بيروت، أكدت مصادر دبلوماسية أن «حزب الله» وخلفه طهران حددا اليوم (الجمعة) مهلة للتوصل إلى وقف إطلاق النار أو هدنة من أي نوع، ولكن بحسب تلك المصادر، فإن المهلة، التي أصبحت معروفة في الأوساط الدولية، تنتهي بنهاية كلمة نصرالله لا قبلها، وبالتالي فإنه في حال فشلت المساعي في التوصل إلى هدنة مع انتهاء يوم الجمعة، سيكون هناك تدخل كبير من جانب الحزب.
وعشية عودة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة، دعا الرئيس بايدن، أمس الأول، بشكل صريح إلى هدنة إنسانية بعد أن صدت واشنطن محاولات دولية لفرض وقفٍ لإطلاق النار.
في المقابل، نقلت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية عن مصادر إسرائيلية قولها، إن تل أبيب قد توافق على هدنة إنسانية محددة ببضع ساعات، وذلك مع استمرار خروج الأجانب من قطاع غزة إلى مصر، بعد فتح معبر رفح لليوم الثاني على التوالي.
وحسب مصدر «الخارجية» الإيرانية، فقد شدد التحذير الأميركي على أن واشنطن لا تريد إشعال فتيل الحرب مع إيران، وأنها سعت ولا تزال لتجنب حرب إقليمية مدمرة، لكن على طهران وحلفائها عدم اختبار الصبر الأميركي، وأن استمرار استهداف القوات والمصالح الأميركية في المنطقة سيؤدي إلى إجبار الولايات المتحدة على الرد ليس فقط على مصادر الهجمات المتواصلة في سورية والعراق بل أيضاً على الطرف الذي يعطي الأوامر، أي طهران.
ووفقاً للمصدر، تم إرفاق التحذير الأميركي بصور أقمار صناعية وتجسسية عن مخازن ومواقع الصواريخ والمسيّرات والأسلحة الإيرانية في لبنان وسورية والعراق واليمن، في إشارة ضمنية إلى أنها ستكون أهدافاً محتملة، وكذلك أرفق صوراً لقائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني وبعض قادة «الحرس الثوري» العاملين في سورية ولبنان، في تهديد غير مباشر بمصير الجنرال قاسم سليماني. كما تضمن التحذير تهديداً للحوثيين لضرورة عدم المس بأمن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ووقف إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل.
ومع استمرار المواجهات العسكرية في جنوب لبنان، تحذر أوساط من أن «حزب الله» قد يتحرك هذه المرة ضد الأميركيين في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، لا سيما في ظل وجهة نظر تعتبر أن واشنطن حشدت عسكرياً ببنية هجومية لا بنية ردعية أو دفاعية.
وبحسب معلومات «الجريدة» فإن قآني يعتقد أن المسيّرات التي تضرب «حزب الله» على الحدود مع إسرائيل، والتي كانت العامل الأساسي في نسبة الخسائر العالية في الأرواح التي تكبدها الحزب، يتم تشغيلها أو توجيهها من سفن أميركية راسية في البحر المتوسط.
وتقول هذه الأوساط المتابعة، إن نصرالله سيتحدث اليوم كقائد لـ «محور المقاومة» لا لـ «حزب الله» فقط، وكلمته ستكون استثنائية، وذات سقف مرتفع جداً، ومن المفترض أن ترسم الخطوط الحمر للمرحلة المقبلة، وتضع معادلات جديدة لمنع الأميركيين والإسرائيليين من تنفيذ مخططاتهم في غزة.
وقد أعلن «حزب الله» أمس أنه هاجم للمرة الأولى موقعاً عسكرياً إسرائيلياً بمسيّرتين انتحاريتين.
في المقابل، أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، أمس، أن إسرائيل مستعدة على الحدود الشمالية مع لبنان «للرد بقوة على كل من يحاول تقويض الوضع الأمني في الشمال».
أما المتحدث العربي باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي فقد أطلق عدة تصاريح عن لبنان، كان أبرزها إعلان وصول ميليشيات إيرانية إلى لبنان. وقال أدرعي: «بعد سلسلة الإخفاقات التي مني بها حزب الله في تحقيق إنجاز ضد إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وصلت إلى جنوب لبنان ميليشيا لواء الإمام الحسين الإيرانية بقيادة المدعو ذي الفقار، والتي أسست في الأصل في سورية لتقديم المساعدة للمحور الإيراني في السنوات الأخيرة، لتقديم المساعدة لحزب الله»، مؤكداً أن عناصر الميليشيا يشاركون في المواجهات الدائرة مع الجيش الإسرائيلي على الحدود.
وحذر أدرعي من أن «حزب الله وميليشيا لواء الإمام الحسين يجرّان لبنان إلى دفع ثمن باهظ من أجل حماس ــ داعش»، مشدداً على أن «جيش الدفاع على أتم الاستعداد للرد بقوة».
وفي العراق، حيث أعلن فصيل «حركة النجباء» المنضوي ضمن تحالف «المقاومة الإسلامية العراقية»، أنه بدأ حرب تحرير العراق من القوات الأميركية، وجّه رئيس أركان الحشد الشعبي عبدالعزيز المحمداوي (أبو فدك)، أمس، برفع حالة الإنذار القصوى استعداداً للتعامل مع أي طارئ خلال الأيام المقبلة، مشيداً بنتائج «ملحمة طوفان الأقصى». ولم يصدر أي توضيح من الحكومة العراقية حيث يعتبر «الحشد» مؤسسة حكومية خاضعة للحكومة.
من ناحية أخرى، أكد المصدر الإيراني أن الصين صدت ضغوطاً أميركية تدعوها إلى وقف شراء النفط الإيراني لإجبار طهران على وقف دعم التنظيمات المسلحة في المنطقة خصوصاً في غزة، وتهدد بإلغاء القمة التي يتم العمل على انعقادها بين بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ في الولايات المتحدة، وكذلك الضغط على مزيد من الدول الصديقة لواشنطن لوقف أي عقود اقتصادية واستثمارية مع بكين إذا لم تضغط الأخيرة على إيران للتصرف بعقلانية.
وأشار المصدر إلى أن الصين صدّت هذه الضغوط وستمضي قدماً في شراء النفط الإيراني وأنها حقيقة لا تولي الاهتمام بالتهديدات الأميركية، لا سيما أنه، للمرة الأولى، بات الاتجاه السائد لدى الرأي العام الصيني داعماً للقضية الفلسطينية ومنتقداً لإسرائيل.