يصح وصف يوم أمس بـ«يوم التحركات اللبنانية»، اذ بادرت الأطراف كلٌّ تجاه الآخر، سعيا إلى تضييق مساحات الافتراق للوصول نحو التلاقي على قواسم مشتركة.
وشكل «الحوار» أو «التشاور» الذي دعا إليه رئيس مجلس النوب نبيه بري قاسما مشتركا لتحركات يوم أمس.
رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل قصد الرئيس بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، للبحث في السبل الآيلة إلى دعوة الهيئة العامة للمجلس النيابي إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد الجلسة الوحيدة التي يعود تاريخها إلى 14 يونيو 2023، يوم تنافس مرشحان هما: الوزير السابق جهاد أزعور مدعوما من باسيل والمعارضة، ورئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية مدعوما من «الثنائي الشيعي». وتقدم أزعور في نتيجة التصويت 59 – 51، ولم تحصل دورة ثانية، بسبب «تطيير النصاب».
كذلك شهد «بيت الكتائب المركزي» في الصيفي حركة لافتة، اذ قصده رئيس «اللقاء الديموقراطي» رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب تيمور جبنلاط، حيث التقى رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل، ضمن استكمال جنبلاط مساعيه في تقريب وجهات النظر.
ثم احتضن «البيت المركزي» عصرا لقاء ضم الجميل وباسيل ونواب المعارضة بعددهم الكبير. وكان البحث في السبل الآيلة إلى فتح مسارب أمام الاستحقاق الرئاسي، من بوابة رئيس المجلس الذي دعا إلى عقد لقاءات حوار أو تشاور.
ومن منبر عين التينة، صرح باسيل «توافقنا أنا والرئيس بري على فكرة أساسية بأن التفاهم في هذا البلد أفضل بكثير من الانتخاب، فمثلا إذا ما ربح أحد على طرف ذلك لا يؤمن نجاح العهد.
في حين مطلوب منا نجاح الانتخاب ونجاح العهد، لذا يشكل التفاهم أولوية. وأكدنا انه اذا لم يحصل التفاهم بعد يوم أو اثنين أو ثلاثة، ونحن نقترح من يوم إلى سبعة أيام، ساعاتها نكون ضمنا الانتخاب بالتصويت لأنه أفضل من الفراغ، لكن الخيار الأساسي هو السعي من أجل التفاهم، وقد تكلمنا بعمق في هذا الموضوع الذي هو الأساس».
تحركات لبنانية يسعى أهلها لملاقاة تحركات أخرى دولية ترتبط بهدنة قصيرة في غزة، وتنسحب تاليا وقفا للعمليات العسكرية في جنوب لبنان، ما يؤمن مناخات إيجابية لحراك دولي جدي في شأن الملف الرئاسي، تنسيقا بين المبعوث الفرنسي جان إيف لو دريان والمستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين واللجنة الخماسية.
وبدا ان الطرق كلها في مساعي يوم أمس تتجه ناحية مرشح توافقي من «طينة الخيار الثالث»، من دون استبعاد إدراج اسم معين ترتاح إليه «الخماسية» بين مرشحي «الخيار الثالث» من «الوسطيين» هو قائد الجيش العماد جوزف عون، نظرا إلى اعتبار أن قائد الجيش تاريخيا يقف في موقع الوسط في الأزمات اللبنانية الكبرى، والى كون القائد الحالي نفسه نجح في ضبط حركة النازحين بحرا، على وجه الخصوص، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، إلى إمساك الوضع الأمني الداخلي ومنع انفلاته في مناسبات عدة شكلت أرضا خصبة للتدهور.
ووسط التحركات المحلية والمبادرات، تحدثت مصادر مطلعة لـ«الأنباء» عن «مسعى لجمع القوى التي تتحرك وسطيا ولم تتموضع مع المعارضة أو الموالاة، بهدف خلق إطار سياسي موحد يشكل ضغطا على الفريقين لدفعهما نحو تقديم تنازلات، والوصول إلى تفاهم حول انتخاب رئيس الجمهورية».
وذكرت المصادر «ان هذا المسعى ينطلق من اقتناع أصحاب المبادرات الثلاث الحزب التقدمي الاشتراكي، والتيار الوطني الحر، وكتلة الاعتدال». وسألت: «هل ينجح هذا المسعى؟».
وفي هذا الوقت انتقل المرشح المدعوم من «الثنائي» سليمان فرنجية من الدفاع إلى الهجوم، واضعا الكرة في ملعب خصومه بتوجيه ما يمكن وصفه بالتحدي لهم بمنازلته إياهم جميعهم «ومن يحصل على غالبية الأصوات تسلم به البقية»، او حصر المواجهة بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع «كونه الأكثر تمثيلا لدى المسيحيين»، كما قال فرنجية في ذكرى غياب والده طوني ووالدته فيرا وشقيقته جيهان ومناصرين آخرين في 13 يونيو 1978، فيما عرف بـ «مجزرة اهدن».
ووسط الحديث عن المبادرات، عبرت المصادر عينها «عن خشية من تراجع الاهتمام الفرنسي بلبنان خصوصا بعد نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، والتي جاءت بمنزلة الكارثة على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من خلال الفوز الكبير لليمين المتطرف، الأمر الذي قد يضعف الاهتمام الفرنسي الجدي بالملف السياسي اللبناني».
وأضافت المصادر: «التركيز الدولي هو على عدم توسع الحرب على الحدود اللبنانية، والموضوع الرئاسي يمكن ان ينتظر مادام الوضع الميداني بقي تحت السيطرة.. على أي حال فإن العبرة تبقى في التحرك الفرنسي – الأميركي على الأرض».
ميدانيا، استمر الوضع على حاله بغارات إسرائيلية وصواريخ متبادلة مع «حزب الله»، تحت سقف «قواعد الاشتباك» المعمول بها، غير انه سجل دخول عنصر جديد على الخط، هو الرسائل التي توجه إلى المدنيين على هواتفهم مطالبة إياهم بإخلاء المنازل.
فبعد الرسالة التي وصلت إلى أصحاب المنزل في منطقة وادي جيلو بالإخلاء وتعرضه للتدمير بعد عشر دقائق، وصلت رسائل عدة إلى أصحاب منازل تبين ان الكثير منها غير صحيح، وكان آخرها الرسالة التي وصلت إلى أصحاب منزل في منطقة صور بإخلائه، الأمر الذي تم وقطعت الطرق في محاذاته، ليتبين ان الرسالة غير صحيحة.
ودارت شبهات حول أحد التلامذة، خصوصا ان المنزل الذي وجهت اليه الرسالة يقع بجانب مدرسة كانت ستجرى فيها امتحانات للصفوف النهائية.